في 10 أكتوبر عام 2021، شهد العراق انتخابات عامة مبكرة، عوّل كثيرون من العراقيين عليها لإخراج البلاد من أزماتها المتراكمة، لكن بعد مرور 365 يوما، بات واضحا أن بلاد الرافدين لم تغادر الأزمات، بل على النقيض من ذلك فقد تفاقمت، ووصلت حد الاقتتال في شوارع بغداد.
وإثر اندلاع احتجاجات ما بات يعرف بـ”حراك تشرين” في أكتوبر من عام 2019، استقالت حكومة عادل عبد المهدي آنذاك.
وحلّت مكانها فيما بعد الحكومة الانتقالية التي شكّلها رئيس الوزراء الحالي، مصطفى الكاظمي، وكانت مهمتها إجراء انتخابات العام الماضي التي تمت وفق قانون انتخابي جديد، كان من بين أبرز مطالب المحتجين.
وبعد عام على تلك الانتخابات، لم تتشكل حكومة جديدة ولم ينتخب نواب الشعب في العراق رئيسا جديدا للبلاد، وبالتالي لم تكن هناك حكومة مخوّلة بصلاحيات كبيرة، بما يمكّنها من إجراء الإصلاحات التي طالب بها الشبان الذين نزلوا إلى الشوارع احتجاجا.
وبمناسبة مرور عام على الانتخابات التي لم تحرز تقدما في العملية السياسية في العراق، أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية بيانًا قالت فيه: “قبل عام، صوت العراقيون في انتخابات مبكرة ذات مصداقية على أمل أن تسفر عن حكومة تعكس إرادة الشعب العراقي”.
وأضافت: “منذ ذلك الحين، لم يتمكن قادة العراق من حل خلافاتهم السياسية. تؤيد الولايات المتحدة إجراء حوار واسع وشامل لتشكيل مسار مشترك إلى الأمام”.
الانتخابات كشفت تغيرا كبيرًا بموازين القوى الشعبية خاصة في البيت الشيعي، حيث تصدر التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر الكتل الفائزة بواقع 73 مقعدا من أصل 329 مقعدا، وتراجعت وبشكل كبير بقية الكتل الشيعية مثل ائتلاف “دولة القانون” بزعامة نوري المالكي و”تحالف الفتح” بزعامة هادي العامري.
بقي مشهد توازن القوى الكردي على حاله تقريبًا ما بين الحزبين الرئيسيين، حيث حافظ الحزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة مسعود بارزاني على تصدره القوى الكردية بالبرلمان، وحل ثانيا الاتحاد الوطني الكردستاني برئاسة بافل الطالباني.
اتفقت القوى السنية الرئيسية على تشكيل “تحالف السيادة”، الذي تكوّن أساسا من تحالفي “تقدم” برئاسة محمد الحلبوسي و”عزم” برئاسة خميس الخنجر.
في وقت لاحق، تشكل “التحالف الثلاثي” بين الصدر وبارزاني والحلبوسي، وسعى لتشكيل حكومة “أغلبية وطنية” وليس “حكومة محاصصة”، لكنه فشل بعد أشهر من المحاولات نتيجة عقبة الثلث المعطل البرلمانية، التي حالت دون تمكن التحالف من اكمال نصاب جلسة انتخاب رئيس الجمهورية ومن ثم تكليف رئيس حكومة جديدة.
في يونيو 2022، طلب الصدر من نوابه في البرلمان تقديم استقالاتهم وهو ما تم بالفعل، وطبقا للدستور جرى استبدالهم بالمرشحين الذين حلوا في المرتبة الثانية في دوائرهم، وهو ما أدى عمليا لصعود غالبية مرشحي الإطار التنسيقي.
مع إعلان الإطار عن مرشحه لرئاسة الوزراء، اقتحم أنصار التيار الصدري المنطقة الخضراء ومبنى البرلمان، معتصمين فيه على مدى أسابيع.
في أواخر أغسطس الماضي، أعلن الصدر اعتزاله السياسة، وعلى إثر ذلك نشبت صدامات مسلحة دموية بين أنصاره وأنصار الإطار التنسيقي والقوى الأمنية المكلفة بحماية المقار الحكومية بالمنطقة الخضراء، وراح ضحيتها عشرات القتلى ومئات الجرحى.
على إثر المواجهات، طالب الصدر أنصاره بالإنسحاب الفوري من البرلمان وفك اعتصامهم حقنا للدماء.
وهكذا فبعد عام من الانتخابات لم يتم انتخاب رئيس جمهورية، ولم يتم بالتالي تشكيل حكومة جديدة منبثقة عن انتخابات أكتوبر المنصرم.