تكافح القدرة الشرائية للعراقيين للصمود في مواجهة المتغيرات الاقتصادية من جراء الأزمة السياسية الراهنة، وعدم تشكيل الحكومة الجديدة، التي ستدير الاقتصاد، وتستثمر المداخيل الوفيرة من مبيعات النفط.
ومنذ إجراء الانتخابات النيابية في أكتوبر الماضي، يعيش العراقيون على وقع خلافات سياسية طاحنة بين قوى الإطار التنسيقي المدعوم من إيران والتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر بسبب ملف تشكيل الحكومة.
لكن الخلافات السياسية انعكست على الجانب الاقتصادي للمواطنين بسبب عدم إقرار الموازنة المالية وتركز الأموال بيد المصارف دون وجود آليات لضخها في جسم الاقتصاد ما يعني تحريك الركود الهائل.
ويشهد العراق الآن ركوداً عاماً في أغلب القطاعات مثل الزراعة والصناعة والاستيراد وغيرها .
كما شكّل تغيير سعر صرف الدولار أمام الدينار صدمة بالنسبة للسوق، خاصة الفئات الهشة والفقيرة حيث انخفضت القدرة الشرائية لدى عامة السكان بنسبة 25 بالمئة بسبب سعر صرف الدولار، فيما ارتفعت تلك النسبة لبعض المواد الطبية مثلاً.
وساهم غياب الرقابة المالية على السوق والدوائية برفع الأسعار دون وجود آليات محددة لضبطها، أو تدخل من قبل الجهات المعنية لمواجهة ذلك.
الانسداد السياسي ضرب التنمية الاقتصادية، بسبب عدم تشريع قانون الموازنة، وإطلاق التعيينات والعقود الجديدة.
لم تتلق بعض المدن والمحافظات حصتها المالية السنوية بشكل كامل، بسبب هذا الوضع، ما انعكس على ملف البطالة، والتأثير على الطبقات الفقيرة.
وحتى الآن تلتزم الوزارات العراقية، بخطة إنفاق محدودة، دون القدرة على ضخ المزيد من الأموال لإنشاء المشاريع الاستثمارية، وهو ما ساهم بتصاعد البطالة في صفوف الشباب، خاصة العاملين في مجال قطاع المقاولات والمرتبطين بالمشاريع ذات الإحالات الحكومية.
وتدرج الحكومة العراقية، المشاريع الاستثمارية، ضمن قوانين الموازنة، حيث لم يتمكن البرلمان من إقرار موازنة العام الحالي بسبب الخلاف بين الكتل السياسية وتعطل أعمال مجلس النواب، لعدة شهور.
كان آلاف العراقيين يعملون في مجال المشاريع الاستثمارية، التي تنشئها الحكومة، لكن أعمالهم تعطلت بسبب عدم صرف السلف التشغيلية، فضلاً عن توقف إقرار مشاريع جديدة، بما يسهم في استقطاب المزيد من اليد العاملة.
وتشهد الأسواق في العراق، ركوداً ملحوظاً، إذ تقتصر أغلب المشتريات على المستلزمات الضرورية، مثل الخضر واللحوم والخبز، فيما يشكو تجار الكماليات والمستلزمات الأخرى مثل الذهب والمواد المنزلية من ضعف الإقبال وتأثر مبيعاتهم.
شكل خفض العملة المحلية أمام الدينار، ضربة أخرى للفئات الفقيرة، التي تضررت جرّاء هذا التغيير، بسبب انخفاض قيمة العملة، واعتماد العراق على المواد المستوردة، وهي خطة حكومية، جاءت بهدف تعزيز الإنتاج المحلي.
في عام 2020 عدل البنك المركزي العراقي سعر صرف العملة الأجنبية الدولار الأمريكى لتكون 145 ألف دينار مقابل كل 100 دولار، عازيا ذلك إلى سد فجوة التضخم في ميزانية 2021 بعد انهيار أسعار النفط العالمية، بسبب تداعيات أزمة كورونا.
في مسعى لمواجهة غياب الموازنة المالية، أقر البرلمان العراقي، في يونيو الماضي، قانون الأمن الغذائي، وهو بمثابة موازنة مالية مصغرة جاءت لتدارك أزمة تأخر إقرار الموازنة، في ظل حاجة البلاد إلى إنفاق واسع لتمويل الدوائر الرسمية، مع وجود أبواب صرف ما زالت تنتظر التشريعات النافذة.
المصدر : وكالات