نشرت صحيفة الرياض السعودية مقالا للكاتب عصام أمان الله بخارى، ذكر فيه خمسة دروس نستلهمها من لعبة الشطرنج ويمكن تطبيقها فى الواقع لإنجاح أى إدارة … ونعرض من المقال ما يلى:
فى رحلاتى الخارجية عادة ما تكون رقعة الشطرنج هى التذكار الذى أشتريه من مدن العالم المختلفة ، فمهما اختلفت التصاميم أو المادة المستخدمة للتصنيع فتظل قطع الشطرنج ورقعتها واحدة عادة.
واليوم يسعدنى أن أستعرض معكم عددا من الدروس القيادية المستلهمة من الشطرنج كما يلى:
أولا: الفارق قد يصنعه أبسط الموظفين ..
فى لعبة الشطرنج يعتبر الجندى هو أقل القطع قيمة ، ومع ذلك فالدور الذى يلعبه الجندى كبير جدا ومهم فى بسط النفوذ والسيطرة وعرقلة تحركات الخصم .
وكلما كان اللاعب أكثر قدرة ومهارة فى تحريك الجنود صارت فرص فوزه أكبر .
وفوق ذلك، فالجندى هو القطعة الوحيدة التى يمكن أن تترقى وتتغير لتصبح فى مرتبة أعلى بما فيها الوزير الذى يعتبر أقوى القطع.
وهكذا فى عالم القيادة، فالمنظمة الناجحة تهتم بجميع موظفيها وتستثمر فيهم وتوفر لهم الدعم والتمكين لأنهم قادرون على قيادة مستقبل المنظمة. وبالمقابل فالمنظمات التى لا تنظر إلا إلى الإدارات العليا وتوفر لهم المزايا المختلفة مقابل إهمال بقية الموظفين والإدارات لا يمكن أن تنجح أو تحقق إنجازات مميزة على المدى الطويل.
ثانيا: بناء فريق قوى..
يعتبر الوزير هو أهم قطعة فى الشطرنج بعد الملك ولديه القدرة على التحرك فى اتجاهات كثيرة متعددة بعكس بقية القطع . ومع ذلك فمهما بلغ الوزير من قوة فلا يستطيع حسم النزال وحيدا.
وهكذا فى عالم الإدارة، فلا بد من بناء فرق قوية وفعالة تعمل بانسجام وتناغم. لأن الاعتماد على شخص واحد أو اثنين بقدرات عالية يجعل المنظمة فى وضع خطير فى حال المغادرة لأى سبب كان.
وكما فى عالم الشطرنج، فحتى لو قتل الوزير يستطيع اللاعب البارع أن يكمل المباراة ويحقق الفوز، وكذلك فى العالم الحقيقى، فالمنظمة القوية تبنى بشكل لا تتأثر معه برحيل شخص أو اثنين لأنها قائمة بعمل جماعى مؤسسى من أفراد يمتلكون قدرات عالية ولكن يعملون بروح الفريق.
ثالثا: لابد من الصبر على التضحيات ..
من النادر جدا أن يتم تحقيق الفوز فى الشطرنج دون خسارة لعدد من القطع.
وهذا فى عالم الإدارة حيث النجاح يتطلب تضحيات وربما خسائر وهزائم تكون الطريق والسبب لتحقيق النجاحات والأرباح لاحقا.
وهذا يعلم الإنسان الرؤية البعيدة المدى وعدم التركيز على الانتصارات السريعة فقط دون الاكتراث للعواقب والنتائج المترتب عليها.
ونفس الشىء ينطبق على نظرة المدير للتجارب الفاشلة لموظفيه أو فريقه وكيفية الاستفادة منها والتعلم منها بشكل إيجابى.
رابعا: عدم نسيان الهدف الرئيسى ..
لعبة الشطرنج تقوم على القدرة على محاصرة ملك الخصم والإطاحة به. بكلمة أخرى، مهما استطاع اللاعب أن يسقط من قطع خصمه وبسط نفوذه فكل ذلك لا يعنى شيئا إذا استطاع خصمه أن يقتل الملك لديه.
وفى عالم الإدارة، ينسى المسئول أحيانا الهدف الرئيسى للمنظمة سواء كان ذلك خدمة شعب بلده أو الحفاظ على البيئة وتمكين الابتكار وغيرها، وعوضا عن ذلك يركز على صغائر الأمور ومواضيع جانبية ليست ذات أهمية ويستهلك فيها موارد المنظمة كتلميع صورته الشخصية أو التدقيق على الحضور والغياب للموظفين أو تغيير أثاث المكتب وهلم جرا. لذلك من المهم دائما أن يركز القائد على الهدف الرئيس للمنظمة وتكون تلك الرسالة واضحة لديه ولدى فريقه ويتم تركيز موارد المنظمة لتفعيل تلك الرسالة وتحقيق الرؤية.
خامسا: التفكير بطريقة غير اعتيادية ..
يعتمد الفوز فى الشطرنج على القدرة فى مفاجأة الخصم ومباغتته بحركات لا يتوقعها. وبطبيعة الحال، كلما كانت حركاتك معروفة ومكشوفة للخصم صار من السهل جدا الإطاحة بك.
ونفس الأمر ينطبق فى عالم الإدارة فى القدرة على الابتكار والإبداع وتقديم المنتجات والخدمات الجديدة التى تجعل من المنظمة فى موقع متقدم على بقية المنافسين.
وفى نفس السياق، فكما أن مباغتة المنافسين والخصوم مهمة فى الشطرنج، فمن الضرورى امتلاك القدرة على قراءة المشهد وفهم الواقع والتنبؤ بتحركات المنافسين والخصوم.
وختاما .. يقول المثل الإيطالى: «بعد انتهاء اللعبة، يدخل الملك والبيدق فى نفس الصندوق»، تذكر دائما أنه بعد انتهاء رحلة الحياة ستدخل أنت وجميع المديرين والموظفين والعمال إلى نفس القبر .. لا تتكبر ولا تمش فى الأرض مرحا وتذكر أنه من تواضع لله رفعه!