تساءلت صحيفة الفايننشال تايمز عن إمكانية تطور الأمور إلى حد الصراع النووي بين الولايات المتحدة والصين بسبب الموقف من تايوان، مرجحة أن هذا هو التساؤل الوحيد المسكوت عنه بين الكثير من الأمور المحيرة التي أثارتها التوترات الجيوسياسية بين البلدين بسبب الجزيرة.
ويجعل تعهد الرئيس الأمريكي جو بايدن بالدفاع عن تايوان حال تعرضها لهجوم من الصين هذا التساؤل مشروعا وملحا أيضا، إذ لم يحدث صدام مباشر بين أي من القوى النووية منذ استخدام الولايات المتحدة السلاح النووي في اليابان منذ أكثر من 80 سنة.
وكانت السمة العامة لأي صراع بين قوتين نووتين هي الحرب بالوكالة، إذ كانت هناك حروب بالوكالة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي. وبمجرد انتهاء الحرب الباردة، اعتقد الكثير من الأمريكيين أن أزمة الصواريخ الكوبية قد انتهت، وهو ما تأكد للبعض بعد إغلاق القيادة الجوية الاستراتيجية عام 1992.
وقالت الصحيفة إن الأسلحة النووية لم تختف إلى الأبد بالطبع، لكن حدة ظهورها في المشهد تراجعت بعد أن تحولت القيادة الجوية الاستراتيجية (التي تعد ذراع الردع النووي) إلى قيادة استراتيجية أمريكية.
ومنذ ذلك الحين، تراجعت مخاوف انتهاء الحضارة الإنسانية بسبب انفجار نووي مع تحول الولايات المتحدة إلى التركيز على صراعات في الشرق الأوسط والحرب على الإرهاب الدولي.
ومع تصدر قوة نووية كبرى على مستوى العالم المشهد وظهورها في مظهر المعتدي السلطوي في أوكرانيا، يبدو أن هذا يفتح الباب أمام توقعات بأن ينشب الصراع بين الولايات المتحدة التي تتبنى رؤية داعمة لاستقلال تايوان والصين التي تعتبر الجزيرة الأسيوية خاضعة لسيادتها، وهو الصراع الذي لن يكون محدودا بأي حال من الأحوال، وفقا لأوسلين.
فالولايات المتحدة والصين هما أول وثاني أكبر اقتصادين على مستوى العالم وكلاهما قوة نووية لا يمكن الاستهانة بها. وحال ظهور صراع مباشر بينهما، يتبادر إلى الذهب على الفور إمكانية أن يتحول هذا الصراع إلى صراع نووي.
وترى الصحيفة أن هناك تساؤلات كثيرة تتبادر إلى الذهن عند الحديث عن الخلاف الأمريكي الصيني بخصوص تايوان؛ والتي تتضمن ما إذا كان الصراع قد يبدأ بنية مبيتة من أحد الجانبين أم بسبب حادث عارض يطلق شرارة الحرب، علاوة على التساؤل عن مدى التزام واشنطن بالدفاع عن تايوان في وجه أي هجوم صيني، وغير ذلك من تساؤلات الحرب الباردة.
وعلى الرغم من كل التساؤلات التي يطرحها الموقف الحالي، هناك واقع على الأرض يقتضي أنه بمجرد سقوط صاروخ أمريكي واحد في الأراضي الصينية سوف يكون الرد الصيني بصاروخ مثله يطال الداخل الأمريكي لتبدأ أول مواجهة بالصواريخ الباليستية بين قوى عظمى في العالم بينما الشعوب في تلك الدول لا تتوفر لديها أي استعدادات لمواجهة مثل هذه الظروف القاسية.
ورأت الصحيفة أن التبعات التي قد تترتب على صراع عسكري بين الولايات المتحدة والصين سوف تكون خطيرة، لذا لا ينبغي لأي مسؤول في الإدارة الأمريكية أن يتعهد بالدفاع عن تايوان ضد أي هجوم من بكين إلا بعد أن يعي تماما أن الصراع مع الصين قد يكون الأعنف على الإطلاق الذي تواجه الولايات المتحدة في تاريخها.
المصدر: وكالات