رصدت صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية في عددها الصادر اليوم السبت مخاوف الشارع السياسي في إيطاليا من امكانية تدخل روسيا في الانتخابات المبكرة التي ستجريها البلاد في شهر سبتمبر المقبل لاختيار برلمان ورئيس وزراء جديدين؛ حيث يعتقد البعض أن الكرملين ساعد في كتابة سيناريو الإطاحة بحكومة ماريو دراجي في الشهر الماضي.
وذكرت الصحيفة في مستهل تقرير لها -نشرته عبر موقعها الرسمي في هذا الشأن- أن مارا كارفاجنا، وزيرة الجنوب والتماسك الإقليمي في إيطاليا، وهي أيضًا ملكة جمال إيطاليا السابقة ومقدمة برامج تلفزيونية، تخلت في الأيام الماضية عن دعم رئيس الوزراء السابق سيلفيو برلسكوني، وزعيم حزب “فورتسا إيطاليا” المنتمي ليمين الوسط، بسبب “دوره المزعوم” في انهيار حكومة دراجي، واعتقادها بأن يدًا أجنبية كانت وراء ذلك.
وقالت كارفاجنا إنها بحاجة إلى “اليقين من التواجد في حزب لا يحلم فيه أحد بالتآمر مع روسيا أو مع الصين على حساب الحكومة الحالية”.
لهذا، أوضحت الصحيفة: أن اعتقاد كارفاجنا بأن الجغرافيا السياسية العالمية تقف وراء الأزمة السياسية التي تعيشها إيطاليا حاليا ليس مستغربًا، فمنذ أن انهارت حكومة دراجي في الشهر الماضي، تكهن الإيطاليون بشأن ما إذا كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد ساعد في تهيئة ظروف إقالة رئيس الوزراء انتقامًا منه لموقفه المتشدد من العمليات العسكرية الروسية ضد أوكرانيا”.
وما ساهم في شيوع هذه الأفكار، هي حقيقة أن السياسيين الثلاثة الذين سحبوا البساط من تحت أقدام دراجي وهم: جوزيبي كونتي من حركة خمس نجوم المناهضة للمؤسسات، وماتيو سالفيني من حزب الرابطة اليميني المتطرف وبرلسكوني نفسه، معروفون بعلاقاتهم الودية التاريخية مع بوتين وحزبه روسيا المتحدة حسبما قالت الصحيفة.
وأضافت الصحيفة :” أنه على الرغم من قول محللين بإن القادة الثلاثة لديهم أسباب سياسية داخلية مقنعة لقراراتهم بالتخلي عن دراجي، إلا أن ذلك لم يهدئ التكهنات بأن موسكو تواطأت مع أعضاء ساخطين في تحالف دراجي لإسقاط حكومته.
ففي خطابه الأخير أمام البرلمان قبل استقالته، حذر دراجي نفسه من أنه يتعين على إيطاليا “تكثيف الجهود لمكافحة تدخل روسيا والأنظمة الاستبدادية الأخرى في سياستنا وفي مجتمعنا” -بحسب قوله- على الرغم من أنه لم يقدم أي تفاصيل ولم يزعم صراحةً بأن هناك مؤامرة أجنبية ضده.
مع ذلك، أكدت “فاينانشيال تايمز” أن هذه الأفكار تتمركز حاليا في قلب خطابات الحملات الانتخابية المبكرة؛ حيث كتب الحزب الديمقراطي من يسار الوسط، الموالون لدراجي، في تغريدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي في الأسبوع الماضي، بأن:” الإيطاليين لديهم الحق في معرفة ما إذا كان بوتين وراء سقوط دراجي”.
من جانبه، وصف كارلو كاليندا، زعيم حزب أسيون المركزي، الذي أبرم اتفاقًا انتخابيًا مع الحزب الديمقراطي هذا الأسبوع في محاولة لإحباط انتصار انتخابي متوقع لليمين، انتخابات 25 سبتمبر بأنها “اختيار بين إيطاليا التي تعد واحدة من أعظم الدول في أوروبا – أو إيطاليا المتحالفة مع الرئيس المجري فيكتور أوربان والروسي بوتين”.
وكان دراجي، رئيس البنك المركزي الأوروبي السابق، قد استقال في 21 يوليو الماضي، بعد أن سحبت حركة “خمس نجوم” وحزبي “فورزا إيطاليا” و “الرابطة” دعمهم لحكومته بسبب أزمة أثارها كونتي، الذي أعرب عن غضبه الشديد من الانقسام الحزبي الأخير.
وتعليقا على ذلك، قالت ناتالي توتشي، مديرة معهد الشئون الدولية في روما: إنها حقيقة أن دراجي أُطيح به من قبل الأحزاب الثلاثة التي لها علاقات وثيقة مع الكرملين. وهناك حقيقة أخرى هي أن دراجي لم يكن محبوبًا من قبل الكرملين”. فبعد العمليات العسكرية في أوكرانيا، أدار دراجي ظهره لعلاقات إيطاليا الوثيقة تقليديا مع موسكو وكان في طليعة القادة الأوروبيين الذين ردوا بصرامة على الكرملين ودافع عن العقوبات ضد البنك المركزي الروسي، كذلك أيد أوكرانيا في نيل وضع مرشح لعضوية الاتحاد الأوروبي؛ وهو موقف أربك أعضاء حكومة الوحدة الوطنية وساهم في انهيارها.
المصدر: أ ش أ