استبدلت مساء أمس بمكة المكرمة كسوة الكعبة المشرفة وسط حفاوة بالغة، فيما لهجت الألسن بالدعوات لله في مشهد يأسر العيون والقلوب إجلالا وتعظيما لقبلة المسلمين.
وتعد هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها استبدال ثوب الكعبة المشرفة بالكسوة الجديدة بالتزامن مع بدء العام الهجري الجديد.
وبخيوط من الحرير والذهب والفضة، تتم حياكة وتطريز ثوب الكعبة المشرفة كل عام، في اهتمام قدير أولته حكومة المملكة العربية السعودية منذ عهد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، الذي أمر بإنشاء دار خاصة لصناعة كسوة الكعبة المشرفة في مكة المكرمة.
وبدأت القصة في دار خاصة بمحلة أجياد أمام دار وزارة المالية العمومية بمكة المكرمة في عام (1346)هـ، لتكون كسوة الكعبة المشرفة أول حلة سعودية تصنع في مكة المكرمة، وتتجاوز تكلفتها السنوية حاليا 20 مليون ريال سعودي، حيث يزن الثوب (850) كيلوغراما، مقسمة على 47 قطعة قماش بعرض 98 سم، وارتفاع 14، وتتم حياكتها بمجمع الملك عبد العزيز لكسوة الكعبة التابع للرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، الواقع بأم الجود في مكة المكرمة.
وتطرز كسوة الكعبة بخيوط من الذهب والفضة، حيث يصل عدد قطع المذهبات إلى 54 قطعة على الكعبة، في قسم متخصص باسم تطريز المذهبات بالمجمع، وذلك باستخدام 120 كيلوغراما من المذهبات، و100 كيلوغرام من الفضة المطلية بماء الذهب، و760 كيلوغراما من الحرير.
وتمر مراحل كسوة الكعبة المشرفة بمجموعة من الأقسام الفنية والتشغيلية، وتبدأ بمرحلة الصباغة وهي أولى مراحل إنتاج الكسوة بالمصنع حيث يزود قسم الصباغة بأفضل أنواع الحرير الطبيعي الخالص في العالم، ثم النسيج الآلي الذي يحتوي على العبارات والآيات القرآنية والمنسوخة، ثم قسم المختبر الذي يقوم بإجراء الاختبارات المتنوعة للخيوط الحريرية والقطنية من أجل التأكد من مطابقتها المواصفات القياسية المطلوبة من حيث قوة شد الخيوط الحريرية ومقاومتها لعوامل التعرية، إضافة إلى عمل بعض الأبحاث والتجارب اللازمة لذلك.
ويأتي بعدها مرحلة الطباعة التي يتكون منها قسم الحزام والتطريز وقسم خياطة الكسوة، ثم وحدة العناية بكسوة الكعبة المشرفة.
وعند الانتهاء من جميع مراحل الإنتاج والتصنيع، وفي منتصف شهر ذي القعدة، يقام حفل سنوي في مصنع كسوة الكعبة المشرفة وتسلّم الكسوة إلى كبير سدنة بيت الله الحرام، الذي بدوره يقوم بتسليمها إلى الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام المسجد النبوي، أما هذا العام فقد صدر أمر ملكي بتسليم كسوة الكعبة في العاشر من شهر ذي الحجة.
وتأتي آخر قطعة يتم تركيبها وهي ستارة باب الكعبة المشرفة، التي تعد من أصعب مراحل عملية تغيير الكسوة، وبعد الانتهاء منها يرفع ثوب الكعبة المبطن بقطع متينة من القماش الأبيض، وبارتفاع نحو ثلاثة أمتار من شاذروان (القاعدة الرخامية للكعبة) المعروفة بعملية إحرام الكعبة ويرفع ثوب الكعبة.
المصدر: وكالات أنباء