أكد خبير الاثار الدكتور حجاجى ابراهيم أستاذ الاثار الإسلامية والقبطية بجامعة طنطا أن الكنيسة المعلقة بمصر القديمة تعد درة الكنائس فى العالم ، وأحد أجمل الكنائس فى الشرق الأوسط وهى من أقدم الكنائس القبطية ، وتم بناؤها على الطراز البازيلكى ، مشيراً الى أن الاسم الفعلى لها هو “الكنيسة الأرثوذكسية للقديسة مريم العذراء والقديسة دميانة ” ويرجع سبب شهرتها بـ
“المعلقة” لاقامتها على المدخل الجنوبي فوق برجين من أبراج حصن بابليون .
وقال إن الكنيسة المعلقة تعد أقدم الكنائس القبطية وكانت أول مقر بابوى فى القاهرة حيث استخدمها البطريرك السادس عشر “خرستودلس” فى القرن السابع بصفة غير رسمية واستمر ذلك حتى القرن الثالث عشر ، بعدها انتقل المقر البابوى إلى كنيسة الروم بحارة الروم ثم كنيسة العذراء بحارة زويلة ثم إلى المقر البابوى بشارع كلوت بك وانتهاء بالمقر الحالى بالبطريركية المرقسية بالعباسية .
وأشاد حجاجى بعمليات الترميم التى قامت بها وزارة الآثار للكنيسة حيث كانت من أكثر المناطق تأثرا بزلزال 1992 ، وبدأ مشروع الترميم عام 1998 ، و تم علاج وصيانة الاثر دون أن يفقد اثريته ودون استخدام مواد ضارة تؤثر عليه على المدى البعيد ، حيث تم ترميم الرسوم الجدارية والايقونات الى جانب معالجة الاثار الناتجة عن زيادة منسوب المياه الجوفية ، مشيراً الى انه كان من المقرر افتتاح الكنيسة فى عام 2010 على هامش الاحتفال بمئوية المتحف القبطى ولكن تم تأجيل هذا الافتتاح .
من جانبه ، كشف ال،ب يسطس الأورشليمى أن الكنيسة المعلقة تحتوى على مجموعة نادرة من الايقونات حوالى 110 ايقونات أقدمها يرجع للقرن الثامن الميلادي و أغلب الايقونات يرجع الي القرن الثامن عشر ، ومن اهم الايقونات أيقونة ” الملكة السيدة العذراء ” الشهيرة باسم الموناليزا والتى تظهر فيها السيدة العذراء حاملة السيد المسيح ، مشيراً الى أن الكنيسة تتميز بالزخارف رائعة الجمال والتى يظهر فيها الفن العثمانى على الأبواب والجدران كما أن الايات على الجدران مكتوبة بالخط الكوفى .
و أشار الباحث الأثرى سامح الزهار المتخصص فى الاثار الإسلامية والقبطية الى أن الكنيسه المعلقه تقع بمنطقة مصر القديمه في موقع متميز فهي بالقرب من مسجد عمرو بن العاص و معبد بن عزرا “اليهودي” و كنيسة الشهيد مرقوريوس و كنيسة القديس مينا و لذلك فيعتبر أغلب علماء الاثار أن هذه المنطقه هي تمثل روح المحبه و الوحده بين الأديان السماوية عبر سجلاتها الصامته ، و من الملفت للنظر أن أقباط مصر نقشوا على حجر عبارة باللغة العربية فوق مدخل حصن بابليون نصه ( سلوا تعطوا.. أطلبوا تجدوا.. أقرعوا يفتح لكم ).
وذكر أن هناك بعض المصادر التاريخية تشير الى أن الكنيسة تم بنائها في نهاية القرن الرابع الميلادي و مطلع القرن الخامس الميلادي في المكان الذي احتمت فيه العائله المقدسه أثناء تواجدهم في مصر و يري البعض الاخر من المؤرخون أن الكنيسه بنيت مكان قلايه أي مكان للخلوه كان يعيش به أحد النساك في سرداب صخري ، و دفن بها عدد من البطاركة في القرنين الحادي عشر والثاني عشر و لا تزال توجد لهم صور و أيقونات بالكنيسة تضاء لها الشموع و كانت تقام بها محاكمات الكهنة و الأساقفة.
ووصف الزهار موقع الكنيسة حيث تقع واجهتها بالناحية الغربية على شارع ماري جرجس ، و تتكون من طابقين ، وقد بنيت بالطابع البازيليكي الشهير المكون من 3 أجنحة وردهة أمامية وهيكل يتوزع على 3 أجزاء ، وهي مستطيلة الشكل ، وصغيرة نسبيا ، و تتكون من صحن رئيسي وجناحين صغيرين ، وبينهما 8 أعمدة على كل جانب ، وما بين الصحن والجناح الشمالي صف من 3 أعمدة عليها عقود كبيرة ذات شكل مدبب ، والأعمدة التي تفصل بين الأجنحة هي من الرخام فيما عدا واحدا من البازلت الأسود ، والملاحظ أن بها عدد من تيجان الأعمدة “كورنثية” الطراز ، وفي الجهة الشرقية من الكنيسة توجد ثلاثة هياكل هي الأوسط يحمل اسم القديسة العذراء مريم ، والأيمن باسم القديس يوحنا المعمدان ، والأيسر باسم القديس ماري جرجس.
وأضاف أنه أمام هذه الهياكل توجد الأحجبة خشبية وأهمهم الحجاب الأوسط المصنوع من الأبنوس المطعم بالعاج الشفاف ، ويرجع إلي القرن الثاني عشر أو الثالث عشر ، ونقش عليه بأشكال هندسية وصلبان جميلة ، وتعلوه أيقونات تصور السيد المسيح على عرش ، وعن يمينه مريم العذراء والملاك جبرائيل والقديس بطرس ، وعلى يساره يوحنا المعمدان والملاك ميخائيل والقديس بولس ، وبأعلى المذبح بداخل هذا الهيكل توجد مظلة خشبية مرتكزة على أربعة أعمدة ، ومن خلفه منصة جلوس رجال الكهنوت.
وأوضح أن الكنيسة جددت عدة مرات خلال العصر الإسلامي مرة في خلافة هارون الرشيد حينما طلب البطريرك الأنبا مرقس من الوالي الإذن بتجديد الكنيسة ، و في عهد العزيز بالله الفاطمي الذي سمح للبطريرك افرام السرياني بتجديد كافة كنائس مصر ، وإصلاح ما تهدم ، ومرة ثالثة في عهد الظاهر لإعزاز دين الله .
المصدر: أ ش أ