شدد قادة حلف شمال الأطلسي “الناتو”، في ختام اجتماعات قمة مدريد اليوم الخميس، على “الاستراتيجية الجديدة” التي تعتبر روسيا والصين في مقدمة التهديدات التي يواجهها الحلف.
وقال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي “الناتو” ينس ستولتنبرج، إن قادة الحلف ناقشوا كيف أن روسيا والصين “تواصلان محاولات نشر نفوذهما السياسي والاقتصادي والعسكري في مناطقنا الجنوبية”، معتبراً أن البلدين “تستخدمان النفوذ الاقتصادي والإكراه والمقاربات الهجينة من أجل تعزيز مصالحهما”.
وتابع “كما ناقش القادة كيفية التعامل مع هذا التحدي بما في ذلك تقديم المزيد من الدعم لشركاء حلف الناتو”.
وأعلن أمين عام الناتو أن السويد وفنلندا سيوقعان رسميا، الثلاثاء المقبل، على بروتوكول الانضمام إلى الحلف، وذلك رغم التهديدات الروسية بالرد على الحلف في حال نشر بنية تحتية عسكرية على أراضي البلدين.
واعتبر ستولتنبرج في مؤتمر صحفي أن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا “غير مقبول وله تداعيات كارثية على العالم خاصة في مجال الغذاء، لذلك اتفق القادة على دعم أوكرانيا لتستمر دولة ذات سيادة”، داعياً الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لـ”وقف الحرب فوراً”.
وأكد أن قادة الحلف اتفقوا على “تقديم المزيد من الدعم لموريتانيا وتونس والأردن”، لافتاً إلى أن “مهمة الناتو في العراق تهدف إلى منع عودة تنظيم داعش من جديد”.
ورداً على توعد بوتين بـ”الرد المماثل” حال تم نشر البنية التحتية العسكرية للحلف في السويد وفنلندا، قال ستولتنبرج “فنلندا والسويد دول ذات سيادة وقررتا الانضمام للحلف ونحن رحبنا بذلك وأعتقد أن ما نراه في أوكرانيا يوضح بأن روسيا تركز كلياً على تلك الحرب، لذلك البلدين ستنضمان للحلف وستوقعان الثلاثاء على القرار”، مشدداً على أن “هدف الناتو الرئيس الحيلولة دون وقوع الحروب”.
وبشأن الاختلاف في وجهات النظر داخل الحلف، أشار أمين عام الناتو إلى أن ” الحلف سيصبح أكثر وحدة رغم وجود اختلافات في وجهات النظر بين الدول، إذ نحن حالياً قادرين على الاتحاد واتخاذ مواقف مشتركة بشأن القضايا الرئيسية وهذا يبين وحدتنا”.
وأعلن ستولتنبرج أن القادة في قمة مدريد “اتفقوا زيادة كبيرة في ميزانية الناتو وهذا الأمر يجعلنا قادرين بشكل مشترك على زيادة السلاح والبنى التحتية (العسكرية) وبناء القدرات معاً بشكل مطرد حتى عام 2030”.
من جهته، اعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أن قرار انضمام السويد وفنلندا “رغم تاريخهما الحيادي رسالة واضحة لروسيا، فالحرب الذي شنها بوتين خطأ استراتيجي كبير”، لافتاً إلى أن التوسع في الحلف جاء نتيجة العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
وعن الصين، قال ماكرون “خضنا نقاشات طويلة بخصوص بكين وعدنا إلى هذه النقطة منذ بضع أسابيع في بروكسل”، مؤكداً أن موقف باريس والناتو “واضح جدًّا بأن الحلف ليس موجهاً ضد الصين لكن لا بد من وضع التحدي المنهجي الذي تفرضه بكين في الاعتبار”، موضحاً أن “استراتيجية فرنسا وحلف الناتو في منطقة الإندوباسيفيك تسعى لمنع أي زعزعة للاستقرار أو الهيمنة من جانب الصين”.
وأكد أن الناتو “حلف للسلام والدفاع المشترك في المساحة الجغرافية الأوروبية الأطلسية، ولكن يجب الانتباه إلى ما يفرضه الصعود الممنهج للصين من تحديات في هذه المنطقة”.
واعتبر أن “الشراكة الصينية الروسية التي تسعى لتقويض النظام العالمي هو جوهر المفهوم الاستراتيجي الذي اعتمدناه وجوهر الشراكات التي نبنيها في منطقة المحيطين الهندي والهادئ”.
ولفت إلى أن ملف مكافحة الإرهاب “أولوية بالنسبة للحلف”، مؤكداً على أهمية مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل الإفريقي بالنسبة لفرنسا”، داعياً دول المنطقة لـ”تحمل المسؤولية”.
واعتبر أن وثيقة المفهوم الاستراتيجي الجديد للحلف “مهمة”، مضيفاً أنها “أخذت بالحسبان (التطورات) الجديدة في البيئة الأمنية، مثل الحرب الروسية على أوكرانيا”، لافتاً إلى أن قادة حلف الناتو اتفقوا على تعزيز قدرات الردع والدفاع.
وأعرب الرئيس الفرنسي عن اعتقاده بالتوصل إلى “حل وسط” فيما يتعلق بخطط انضمام بلغاريا وشمال مقدونيا إلى الاتحاد الأوروبي، مبيناً أن بلاده “ستقدم قريباً 6 مدافع أخرى من طراز (سيزار) لمساعدة أوكرانيا”.
من جهته، أعلن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أن قمة مدريد اتفقت على مواصلة الدعم العسكري لأوكرانيا، بمقدار مليار دولار، مشدداً على أن “(الرئيس الأوكراني) زيلينسكي وشعبه هم من يقرروا بشأن إمكانية التوصل لاتفاق سلام مع روسيا، ولكن مهمتنا تتمثل بالحفاظ على مبدأ حق الأوكرانيين في حماية أنفسهم لذلك نحن نقدم لهم المعدات العسكرية لردع القوات الروسية”.
وأردف “نحن نريد أن نضع الرئيس الأوكراني في موقع أفضل، ولكن الشعب الأوكراني سيكون في حالة صعبة للوصول إلى اتفاق مع الروس، لأن بوتين لا يقترح أي صفقة للسلام، لذلك من المنطقي مواصلة دعم الأوكرانيين”، معرباً عن إيمانه بقدرة القوات الأوكرانية على صد الهجوم الروسي، الذي بدأ في فبراير الماضي.
وعن العلاقات مع الصين، قال رئيس الوزراء البريطاني “من المهم جداً أن نتذكر أن لدينا علاقات اقتصادية ضخمة مع الصين وكذلك الحال بالنسبة لكل دول حلف الناتو إذ لديهم اتفاقات تجارة حرة ضخمة معها”، مشيراً إلى أن “علينا أن نفهم أن هناك مجالات علينا أن ننافس ونتحدى فيها كما ونعارض في بعض الأحيان المساعي الصينية”.
ولفت إلى أن بلاده خاضت “مناقشات طويلة مع الصين وذلك بشأن (شركة) هواوي وكان الأمر صعباً ومؤلماً ولكن في النهاية كان هذا مجرد حد للطريقة التي يمكن للتداخل الاقتصادي أن يذهب إليه إذ تعارض الأمر مع حاجتنا للأمن القومي”.
وتابع “لقد أظهرنا توازن بوقوفنا ضد الصين حينما كان الأمر ضرورياً، ولكن أيضاً علينا أن نكون واقعيين من المهم جداً أن ندرك أن الصين دولة عظيمة وسيكون اقتصادها ضخم ولفترة طويلة قادمة”.
المصدر: وكالات