سلطت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية في عددها الصادر اليوم الجمعة الضوء على التعثرات التي اتصفت بها “قمة الأمريكتين” وكشفت مدى تراجع نفوذ الولايات المتحدة في أمريكا اللاتينية..ورصدت مساعي الرئيس جو بايدن في مواجهة هذا الأمر ومحاولاته استكشاف أرضية مشتركة مع شعوب وقادة المنطقة.
وذكرت الصحيفة في مستهل تقرير، نشرته عبر موقعها الإلكتروني في هذا الشأن، أن الرئيس بايدن سعى يوم أمس الخميس إلى صد النفوذ الأمريكي المتضائل في أمريكا اللاتينية من خلال تحديد رؤية للأهداف المشتركة حول عدد من القضايا مثل المناخ والهجرة، وذلك خلال فعاليات القمة التي تعاني دورتها الحالية من الانقسامات والمقاطعة الجزئية.
وقال بايدن، في خطابه بالأمس أمام المشاركين في القمة، التي بدأت فعالياتها يوم الإثنين الماضي: إن المنطقة عرضت تفعيل شراكات بشأن النمو الاقتصادي، وجعل سلاسل التوريد أكثر مرونة، والتصدي لتغيرات المناخ وتداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد “كوفيد-19” والتأهب للأوبئة المستقبلية. ووصف نصف الكرة الغربي بأنها منطقة مهيأة لنمو الديمقراطية والفرص.
وأضاف بايدن -في كلمة منفصله ألقاها خلال اجتماع عقده مع أبرز قادة الأعمال بالمنطقة:” التحدي الذي نواجهه يتمثل في تشكيل النتيجة بحيث يعكس المستقبل القيم الديمقراطية لمنطقتنا، وهو الاقتصاد الذي نريد أن نعيش ونعمل فيه ويضمن ملعبًا عادلًا لعمالنا
وفي هذا، أبرزت “وول ستريت جورنال” أنه على الرغم من الحديث المتفائل، إلا أن القمة شهدت غياب العديد من القادة الرئيسيين، بما في ذلك الرئيس المكسيكي أندريس مانويل لوبيز أوبرادور ورؤساء جواتيمالا وهندوراس والسلفادور، الذين غاب بعضهم اعتراضًا على حقيقة أن ما تم وصفها بـ “الأنظمة الاستبدادية” في كوبا وفنزويلا ونيكاراجوا لم تتم دعوتهم.
ودفع قرار واشنطن استبعاد فنزويلا ونيكاراجوا وكوبا من المشاركة في القمة الرئيس المكسيكي أندريس مانويل لوبيز أوبرادور إلى تنفيذ تهديد بعدم المشاركة في هذا الحدث بسبب عدم توجيه الدعوة لجميع الدول في نصف الكرة الغربي. فيما أثار غياب الرئيس المكسيكي تساؤلات حول أهمية مناقشات القمة التي تركز على معالجة الهجرة عند الحدود الجنوبية للولايات المتحدة، وهي أولوية بالنسبة للرئيس الأمريكي جو بايدن، ويمكن أن يمثل إحراجا دبلوماسيا للولايات المتحدة.
ورفض رؤساء أمريكا الوسطى الحضور على الرغم من المناشدات المباشرة من إدارة بايدن، ما اعتبرته الصحيفة الأمريكية انعكاسًا لحقيقة افتقار الولايات المتحدة إلى النفوذ المفترض في منطقة أصبح للصين فيها وجودًا متزايدًا.
وقال الرئيس السابق لمنظمة الحوار الأمريكية، وهي مؤسسة فكرية مقرها واشنطن، مايكل شيفتر، في تصريحات خاصة للصحيفة:” من الصعب الجدل بشأن فقدان الولايات المتحدة نفوذها في المنطقة. والأمر الأكثر إحراجًا من عدم حضور لوبيز أوبرادور هو عدم حضور رؤساء أمريكا الوسطى الثلاثة”.
ورأى شيفتر أن الانقسامات العميقة بين الولايات المتحدة ودول أمريكا اللاتينية قد تُصعب من محاولات توثيق العلاقات، مشيرًا إلى العوامل العديدة التي تراكمت على مدار السنوات الماضية وتسببت في تدهور هذه العلاقات، مثل محاولات الاستقطاب الأمريكي، ومزاعم الرئيس السابق دونالد ترامب حول حدوث أعمال تزوير في انتخابات العديد من دول المنطقة، والعجز الواضح عن حل المشكلات القائمة منذ فترة طويلة من الهجرة إلى أزمة المواد الأفيونية، حتى أصبحت الولايات المتحدة أقل نموذجًا ديمقراطيًا بالنسبة لمعظم أمريكا اللاتينية، وقال:” علينا ترتيب منزلنا أولًا، ثم النظر في إحداث طفرة في نفوذ أمريكا في المنطقة”.
وتابع شيفتر أنه في الوقت نفسه، بدت أمريكا اللاتينية أيضًا أقل جاذبية للولايات المتحدة؛ حيث تآكلت الديمقراطية في جميع أنحاء المنطقة، وقام القادة الشعبويون بداية من رئيس المكسيك لوبيز أوبرادور حتى رئيس البرازيل جاير بولسونارو بتغيير طريقتهم في الحكم بشكل كبير، وانصب اهتمامهم بالشأن الداخلي على حساب الشئون الدولية أو التجارة مع الولايات المتحدة. وأصبح “تحالف المحيط الهادئ”، الذي كان مُنتجًا في يوم من الأيام، وهو مجموعة تجارية تضم بيرو وتشيلي وكولومبيا والمكسيك، مُتخبطًا بنحو كبير..واصفًا المنطقة بأنها أصبحت “مجزأة وبلا قيادة” //على حد قوله//.
من جانبه، افتتح ألبرتو فرنانديز، رئيس الأرجنتين، كلمته بالقمة بالإعراب عن أسفه لعدم وجود جميع ممثلي دول المنطقة..واقترح ضرورة الغاء البند الذي يمنح للبلد المضيف الحق في “فرض حق الانضمام” إلى القمة.
في الوقت نفسه، قالت “وول ستريت جورنال” إن بايدن عقد اجتماعا وجها لوجه في وقت لاحق من يوم أمس مع بولسونارو، وهو الحليف المقرب من ترامب وكان أحد آخر القادة العالميين الذين اعترفوا بفوز بايدن، غير أن الأخير اشتكى، مع ذلك، من أن بايدن قد تجاهله!..وأشارت إلى تهديدات بولسونارو السابقة بعدم الحضور إلى القمة حتى أنه لم يقتنع إلا بعد أن أرسل بايدن صديقه المقرب له منذ فترة طويلة، وهو السيناتور السابق كريس دود، إلى برازيليا لإقناعه بالذهاب، خوفًا من أن عدم حضور البرازيل والمكسيك ستبدو سيئة بالنسبة للولايات المتحدة. حتى وافق بولسونارو على الحضور بشروط عدة، من بينها عقد لقاء خاص مع بايدن.
المصدر: أ ش أ