استعرضت صحيفة فاينانشال تايمز الموقف الحالي للصراع في أوكرانيا وآخر التطورات التي استجدت على الأرض مع محاولة لرصد فرص كل طرف من الأطراف في الانتصار في تلك الحرب.
وقالت الصحيفة إنه على الغرب أن “يصمد” في مواجهة أسوأ السيناريوهات المحتملة للعملية العسكرية الروسية على أوكرانيا في الفترة المقبلة، مرجحا أن هناك إمكانية لتحقق ذلك السيناريو الذي يتضمن سيطرة الجيش الروسي على إقليم دونباس، الذي اعتبرته الصحيفة قلب الصناعة الأوكرانية، وعزل أوكرانيا عن البحر، مرجحا أن نجاح بوتين في ذلك يجعل بقاء أوكرانيا كدولة محل شك.
وأشارت الصحيفة إلى أن الحرب في أوكرانيا على ثلاث جبهات هي أرض المعركة، والحرب الاقتصادية، وحرب الإرادة. وأن الحرب تدور بين “ثلاثة أطراف هي روسيا وأوكرانيا ودول الغرب الداعمة لأوكرانيا”.
وذكرت الصحيفة أيضا أنه على أرض المعركة، يرجح أن التفوق قد يكون لروسيا، إذ تمتلك مدفعية وطائرات أكثر من أوكرانيا، مما قد يمكنها من الانتصار في هذه الحرب رغم الخسائر التي تتكبدها على يد القوات الأوكرانية، والتي بلغت حد تصريحات للرئيس الروسي فلاديمير بوتين أشار خلالها إلى أن جيشه يفقد حوالي مئة مقاتل يوميا في أوكرانيا، وهي الأرقام المرشحة للزيادة.
أما على الجبهة الاقتصادية للصراع، أشارت الصحيفة إلى أن الإحصائيات الحالية تشير إلى إمكانية انكماش الاقتصاد الروسي بما يتراوح بين 12 و15 في المئة في نهاية العام الجاري بسبب الحرب. في المقابل، يقف الاقتصاد الأوكراني الأصغر حجما وسط توقعات بإمكانية أن ينكمش بحوالي 45 في المئة
وعلى مستوى الجبهة الثالثة، “حرب الإرادة”، يبدو أن الغلبة فيها قد تكون لكييف التي تقاتل منذ اليوم الأول وهي على يقين بأنها هي الطرف الأضعف. كما أن لدى أوكرانيا ميزة أخرى هي دعم الغرب، إذ يمكنها أن تحدث فارقا في الوضع الحالي إذا تسلمت المزيد من الدعم العسكري والاقتصادي من الغرب.
لكن الصحيفة رأت أيضا أن هناك ما يشكل خطرا على وضع أوكرانيا عسكريا واقتصاديا خلال الأشهر القليلة المقبلة، وهو ما دلل عليه بالمخاوف التي أعرب عنها الوفد الأوكراني أمام منتدى دافوس الاقتصادي الأسبوع الماضي حيال تراجع دعم الغرب لبلادهم.
وتضمنت تلك المخاوف أن تستغل دول أوروبية – فرنسا وألمانيا على الأرجح – محادثات السلام الوهمية لتقليص دعمها لأوكرانيا. وقد يكون السبب في إثارة تلك المخاوف هي المحادثات الهاتفية التي أُجريت في الفترة الأخيرة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والمستشار الألماني أولاف شولتز، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
ولم تستبعد الصحيفة أن تنقلب الموازين الحالية في ميدان المعركة، مرجحا أنه حال صمود الغرب في مواجهة الموقف الحالي وبدء دول أوروبا والولايات المتحدة إرسال الأسلحة لأوكرانيا بوتيرة أسرع مع الاستمرار في زيادة دعمها الاقتصادي، قد تجد كييف نفسها أمام واقع مختلف قد يمكنها من تحقيق مكاسب على الأرض على حساب القوات الروسية.
في المقابل، قد تتسبب الأزمة الاقتصادية الطاحنة في روسيا في تراجع القوات الروسية على الأرض، خاصة وسط ظهور تقارير تشير إلى أن موسكو تعاني عجزا صارخا في الرقائق الإلكترونية، مما يضطر المصانع الحربية إلى استخدام الرقائق من الأجهزة المنزلية لإدخالها في صناعة المعدات العسكرية. كما قالت تقارير أمريكية إن روسيا فقدت حوالي 1000 دبابة في معركة علاوة على توقف اثنين من أكبر مصانع الدبابات في روسيا عن العمل لنقص المكونات.
وتركت الصحيفة الباب مفتوحا أمام جميع السيناريوهات المحتملة، محذرا من مغبة استمرار الحرب لفترة ممتدة. وأشار إلى أنه ما لم تتخل روسيا عن أهدافها التي تتمثل في احتلال المزيد من الأراضي الأوكرانية، فلن يكون هناك أمل في محادثات سلام حقيقية. وأشارت أيضا إلى احتمال آخر قد ينهي الحرب وهو أن تنفذ المعدات العسكرية من الجيش الروسي أو تنفذ خزائن الكرملين من الأموال.
المصدر: وكالات