كادت “القوات اللبنانية” أن تتربّع على عرش الكتلة المسيحية في المجلس النيابي، لكن تطورات الساعات الاخيرة قلبت المشهد رأساً على عقب في ظلّ تقدّم كبير لـ”التيار الوطني الحر” أدّى إلى تقارب عدد نواب “تكتل لبنان القوي” مع عدد نواب كتلة “القوات”.
وحتى ساعات متأخرة من ليل أمس فإن “القوات” فازت بـ 19 مقعداً نيابياً وكذلك فعل تقريبياً “الوطني الحر”، وهذه النتيجة وقبل الدخول في دراسة واقعها هي بمثابة نكسة جدّية ستقطع الطريق أمامها للفوز وحلفائها بأكثرية نيابية مريحة، وتمنعها من الاحتكار الاوسع للشارع المسيحي.
وهكذا يمكن القول ان “القوات” لم تعد قادرة على خوض المعركة الرئاسية بالأريحية التي كانت متوقعة قبل ليل أمس، بل ستكون امام تحديات جدية مع منافسين اقوياء خصوصاً اذا ما تمكن “الوطني الحر” من التفاهم مع “المردة” على تسمية مرشح جدي لرئاسة الجمهورية مستعينين بالواقع الاقليمي الذي يتطور لصالح فريقهم السياسي.
عملياً وفق دراسة تقييمية للارقام فإن “القوات” فازت بعدد لا بأس به من المقاعد بفضل الناخب السّني. ففي طرابلس تكمنت من الفوز بمقعدها النيابي مدعومة من الاصوات التي صبّت في مصلحة لائحة اللواء اشرف ريفي، الامر نفسه حصل ايضاً في صيدا جزّين حيث فازت “القوات” حصراً بحواصل سُنيّة أيضاً.
اضافة الى ذلك، وبأقل تقدير، فإن فوز “القوات” بنائب ثاني في زحلة حصل بسبب الزخم السنّي غير المتوقع للائحتها المدعومة من الرئيس فؤاد السنيورة. هذا الواقع جعل “القوات” تتقدم نيابياً بشكل كبير، غير ان هذه الاسباب ليست الوحيدة التي أدت الى فوزها بكتلة وازنة في المجلس النيابي وبالتالي زيادة حجم نفوذها داخل الدولة اللبنانية في الاستحقاقات المقبلة.
حقيقة فإن هذا الفوز أتى أيضاً نتيجة للخلاف الكبير الذي حصل بين قوى الثامن من اذار في دائرة صيدا – جزين، فإلى جانب صراع زياد اسود وأمل ابو زيد الذي اثر مباشرة على الواقع الانتخابي ظهر الخلاف ايضاً بين حركة امل من جهة والوطني الحر من جهة اخرى ما ادى الى خسارتهم لجميع المقاعد المسيحية وفوز “القوات” بمقعدين.
والاهم من كل هذه الاسباب هو الرهان الخليجي على رئيس “حزب القوات اللبنانية” سمير جعجع حيث تم اعطاؤه زخماً كبيراً في الطائفة السنّية ودعمه بكافة اضافة الى تأمين لوائح بشخصيات وازنة للتحالف. كل هذه الاسباب ادت الى تقدم “القوات” في حين ان واقع “الوطني الحر” كان متوقعاً حتى لو كان تراجع بشكل اكبر.
المصدر: وكالات