مع اقتراب موعد الاستحقاق الانتخابي المقرر في 15 مايو المقبل، ترتفع الحرارة الانتخابية في دائرة بعلبك-الهرمل في البقاع في ظل سعي حزب الله إلى الفوز بالمقاعد العشرة النيابية المُمثلة للمنطقة ومنع أي خرق لبيئته الشيعية.
وتُخاض المعركة الانتخابية في هذه الدائرة بين 6 لوائح، أبرزها اثنتان هما لائحة “بناء الدولة” المدعومة من حزب “القوات اللبنانية”، بوجه لائحة حزب الله وحليفته حركة أمل.
وقد اتّخذت المعركة بُعداً سياسياً-تصعيدياً منذ أيام مع سعي حزب الله إلى “إضعاف” اللائحة المعارضة له وشرذمتها من خلال دفع المرشحين الشيعة على لائحة “بناء الدولة” إلى الانسحاب، وهو ما تحقق مع سحب 3 مرشّحين “سط معلومات عن انسحابات أخرى في الأيام المقبلة”، بحجة أن هذه اللائحة مدعومة من “القوات” التي تعمل بوفق أجندات مشبوهة وهدفها نزع سلاح حزب الله.
فيما يسعى حزب الله من خلال “لعبة الانسحابات” هذه إلى الضغط على البيئة الشيعية وترهيبها من أجل إغلاق الباب أمام أي خرق مُحتمل للمقاعد الشيعية الستة في الدائرة، لاسيما أن أرقام انتخابات الدورة السابقة في العام 2018 أظهرت أن الصوت الشيعي المعارض لسياسية حزب لله في بعلبك-الهرمل التي تُعدّ أبرز معاقله بلغ نحو 17 ألف صوت، أي 7.9% من مُجمل الناخبين الشيعة.
كما يتخوّف أن يرتفع هذا الرقم في الانتخابات الحالية في ضوء تنامي الأصوات المعارضة الناقمة عليه وعلى سياسته وزادت بعد انتفاضة 17 أكتوبر 2019.
وعن هذه النقطة أشار مرشّح “القوات اللبنانية” في لائحة “بناء الدولة” النائب أنطوان حبشي ، إلى أن ما يحصل في دائرة بعلبك-الهرمل من انسحابات لمرشّحين شيعة دليل على أن لا مكان للديمقراطية في المنطقة، لاسيما أن تململ هذه البيئة من سياسة الثنائي حزب الله وحركة أمل بات واقعاً بعدما أغدقا المنطقة بالوعود الإنمائية منذ أكثر من عشرين عاماً، إلا أن شيئاً لم يتحقق، وفق قوله.
كما أشار إلى كلام نائب حزب الله في المنطقة حسين الحاج حسن، الذي اعتبر في لقاء انتخابي منذ أيام، أن اللائحة المدعومة من “القوات اللبنانية” هي لائحة العملاء لأميركا في حين أن مرشحي باقي اللوائح، ليسوا أعداء، بل هم أصدقاء، لافتاً إلى أن هذا الكلام يدل على أنهم باتوا يخوضون المعركة الانتخابية “بالدم”، ما يعني رفضهم وجود صوت معارض لهم في بعلبك-الهرمل، وهنا الخطورة، وفق كلامه.
ورأى حبشي أن ترهيب البيئة الشيعية والضغط على المرشّحين في لائحته لانسحابهم معناه أنهم يرفضون التنوّع الشيعي، وهو ما يدل على أن حزب الله يرفض التنوّع عامةً ولا يقبل بأي صوت معارض، بحسب قوله.
كذلك لفت إلى أن الشحن الطائفي والمذهبي الذي يمارسه حزب الله يخلق جوّاً غير ديمقراطي في المنطقة وقد يُمهّد لأعمال عنف، وهذا ما رأيناه مع الشيخ عباس الجوهري منذ أيام، حيث جرى إطلاق نار على تجمّع انتخابي كان فيه يتحدّث عن حرية الانتخاب.
ويتوافق الشيخ عباس الجوهري مع النائب حبشي في توقّع لجوء حزب الله إلى سلاح “الأمن” لتعطيل الانتخابات في بعلبك-الهرمل، لأن من مصلحته خفض نسبة المشاركة الشيعية بالاقتراع ما يضمن فوز مرشّحيه.
وأكد الشيخ الجوهري، وهو مرشّح شيعي يرأس لائحة “بناء الدولة” المعارضة لـ”حزب الله”، أن الحزب يمارس الضغط على المرّشحين والناخبين تارةً بالترهيب عبر السلاح أو طوراً بـ “الإغراءات” المادية وهو ما فعله مع بعض المرّشحين لينسحبوا من اللائحة المتافسة.
كما اعتبر أن تصرّفات حزب الله في بعلبك-الهرمل دليل خوف من المزاج التغييري للناخب البقاعي عامة والشيعي خاصة، والناقم على سياسة الثنائي الحزب والحركة، على أمل أن يُترجم ذلك في صناديق الاقتراع يوم 15 مايو المقبل.
وإلى جانب الضغط والترهيب للمرشّحين الشيعة والناخبين، يلجأ حزب الله إلى لعبة شراء الأصوات “السنّية” في قرى محافظة بعلبك-الهرمل، حيث يقوم كما قال الشيخ الجوهري، بالاحتفاظ بهويات ناخبين سنّة مقابل مبلغ مالي (200 دولار) على أن يُعطيها لأصحابها يوم الانتخاب من أجل التصويت للائحته، وهذه الممارسات كما يؤكد ستكون مادة لنطعن بنتائج الانتخابات لاحقا.
وهذا ما أكده أيضاً المرشّح السنّي على لائحة “بناء الدولة” ابن بلدة عرسال السنّية زيدان الحجيري لـ”العربية.نت”، مشيراً إلى أن حزب الله حاول عبر “وسطاء” إغراءه بمبلغ مالي كبير مقابل الانسحاب من اللائحة المعارضة، إلا أنه رفض ذلك.
إلى ذلك، يسعى حزب لله إلى “استمالة” الناخب السنّي في بعلبك-الهرمل بالرشاوى المالية مستغّلاً غياب “تيار المستقبل” عن الساحة الانتخابية التزاماً بقرار الرئيس سعد الحريري تعليق العمل السياسي، لاسيما أنه يريد الفوز بالمقعدين السنّيين (تتمثّل دائرة بعلبك-الهرمل ب10 نواب، 6 شيعة، 2 سنّة و2 مسيحيين) وضمّهما لكتلته النيابية ليقول للداخل والخارج أنه حزب عابر للطوائف ولديه حيثية مناطقية ومذهبية متنوّعة.
وفي الإطار، أجمعت مصادر عديدة من مناطق سنّية في بعلبك-الهرمل على التأكيد لـ”العربية.نت” أن حزب الله يتواصل مع سنّة المنطقة عارضاً مبالغ مالية ومساعدات غذائية مقابل التصويت للائحته ضد اللائحة المدعومة من أشرس خصومه “القوات اللبنانية”.
وأكد المرشّح السنّي زيدان الحجيري، أن الإغراءات التي يقدّمها حزب الله للناخب السنّي سترتد سلباً عليه لمصلحة اللائحة المعارضة، والإحصاءات التي تقوم بها لائحته تُعطي إشارة بالفوز بثلاثة مقاعد.
يذكر أن 6 لوائح تتنافس في دائرة بعلبك-الهرمل، اثنتان أساسيتان واحدة يدعمها حزب الله وحركة أمل وأخرى حزب القوات اللبنانية وشخصيات شيعية معارضة أبرزهم الشيخ عباس الجوهري، وهناك لائحتان تضمّان مرشّحين يصنّفون أنفسهم بأنهم خارج المواجهة السياسية المباشرة في المنطقة بين حزب الله والقوات اللبنانية.
ويرى مراقبون أن حزب الله هو المُستفيد الأوّل من تشكيل هاتين اللائحتين غير الحزبيتين، وذلك من أجل شرذمة الصوت المسيحي لمصلحة مرشحَيه على اللائحة، بالإضافة إلى تشتيت الصوت السنّي الذي يتواجد في بلدات عديدة أبرزها عرسال.
المصدر: وكالات