تدور معارك عنيفة منذ بدء العملية العسكرية في فبراير الماضي، داخل مدينة ماريوبول التي سيطرت عليها القوات الروسية بنسبة كبيرة، بخلاف بعض النقاط التي تحاول القوات الأوكرانية عدم التخلي عنها.
وتعد ماريوبول هدفًا استراتيجيًّا بالنسبة إلى روسيا، ومنها أن المدينة تشكل القلب النابض للنشاط البحري التجاري الأوكراني، والسيطرة عليها يعني السيطرة على نحو 80 بالمئة من ساحل أوكرانيا على البحر الأسود؛ وحسب الخبراء هناك نقاط أخرى تسعى إليها موسكو من خلال تلك المدينة.
وتقول وزارة الدفاع الأوكرانية إن الوضع في مدينة ماريوبول أصبح صعبًا للغاية، موضحة أن القوات الروسية لم تسيطر بالكامل على المدينة لكنها في الطريق إلى تدميرها، فيما دعت نائبة رئيس وزراء أوكرانيا إيرينا فيريشوك، موسكو لفتح ممرات إنسانية من المدينة وآزوفستال.
وتعد ماريوبول موطنًا لمجموعات أوكرانية مسلحة بعيدًا عن الجيش، تطلق على نفسها اسم “كتيبة آزوف” نسبة إلى بحر آزوف الذي تقع عليه ماريوبول، وتضم هذه الكتيبة متطرفين يمينيين بينهم نازيون جدد، حسب تصريحات وزارة الدفاع الروسية.
في السياق، يقول سولونوف بلافريف، الباحث الروسي في تاريخ العلاقات الدولية، إنّه مما لا شك فيه أن سقوط ماريوبول، سيكون مهمًّا من الناحية المعنوية للجانبين في هذه العملية، فنصر روسي في ماريوبول سيسمح للكرملين بالإثبات للشعب الروسي أن العملية العسكرية حققت أهدافها الميدانية بالفعل.
ورغم تشكيل تلك المجموعات المسلحة نسبة صغيرة جدًّا من القوات الأوكرانية، يعد وجودهم سببًا رئيسيًّا لتمسك روسيا بسقوط تلك المدينة وإنهاء عمل تلك المجموعات المسلحة.
ويضيف سولونوف بلافريف أن بسقوط المدينة ستكون موسكو خنقت بالفعل الاقتصاد الأوكراني، مما يسرع من وتيرة إنهاء العملية العسكرية والاعتماد في باقي الخطوات على محادثات السلام القائمة بين الجانبين.
كانت روسيا قد أعلنت السبت الماضي سيطرتها على مدينة ماريوبول المطلة على بحر آزوف بأكملها، باستثناء مصنع “آزوفستال”، كما أعلنت نظام تهدئة في المدينة لمنح القوات الأوكرانية المحاصرة في “آزوفستال” فرصة للاستسلام بغية تفادي إراقة الدماء.
وهنا يؤكد الباحث الروسي في تاريخ العلاقات الدولية، أن أوكرانيا تسعى لتسويق رواية غير موجودة بالفعل، وهي أنها تستطيع انتزاع المدينة من خلال نقاط ضعيفة تسيطر عليها، مشيرًا إلى انتهاز تلك المعارك للتملص من محادثات السلام، فعندما تتقدم تلك المحادثات تسعى أوكرانيا إلى إشعال الوضع على الأرض للتعطيل.
وفي وقت سابق، هددت موسكو بإبادة آلاف الجنود الأوكرانيين الذين لا يزالون يقاتلون للسيطرة على مدينة ماريوبول الساحلية المحاصرة بعد انتهاء المهلة التي أعطتها لهم للاستسلام، حيث تتحصن الوحدات، ومن بينها 400 من المقاتلين الأجانب في مصنع آزوفستال للصلب، حسبما قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية إيجور كوناشينكوف.
من جانب آخر، قال الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي إنه سيفعل كل ما بوسعه لإنقاذ مدينة ماريوبول التي لها أهمية استراتيجية كبيرة، كما شدد زيلينسكي على أهمية المعركة المقبلة من أجل إقليم دونباس، بعد أن وجهت القوات الروسية تركيزها في الأسابيع القليلة الماضية إلى إرسال قوات ومعدات إلى شرق أوكرانيا استعدادًا لذلك.
وصعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، من حدة الهجمات، وذلك في أعقاب غرق الطراد “موسكفا”، الذي يعتبر “الأخطر والأهم” لروسيا في البحر الأسود، مساء الخميس الماضي، كما أعلنت موسكو استسلام 1350 جنديًّا أوكرانيًّا من مشاة البحرية، لقوات دونيتسك في ماريوبول.