قبل أيام من الانتخابات، يواجه الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، عقبتين قد تسهمان في رفع أسهم منافسيه، وإمكانية تكرار سيناريو 2002، إلا أن محللين اعتبروا أن “الحرب الأوكرانية وعلاقات باقي المرشحين مع روسيا تمثل عاملا إيجابيا يزيد من حظوظه في ولاية ثانية”.
وانطلقت الاثنين الماضي، الحملة الانتخابية، للانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في 10 أبريل، بشكل رسمي، حيث بدأ نشر اللافتات، وإرسال الدعاية الانتخابية إلى المواطنين، وبث المقاطع الانتخابية للمرشحين على القنوات التلفزيونية والإذاعات العمومية، وسط مراقبة صارمة، بهدف المساواة في فرص التحدث للناخبين بين المرشحين.
ويتنافس بالانتخابات 12 مرشحا، هم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ومرشحة اليمين الجمهوري فاليري بيكريس، ومرشحة الحزب الاشتراكي آن هيدالغو، ومرشح “فرنسا الأبية” جان لوك ميلنشون، ومرشحة “التجمع الوطني” مارين لوبان، ومرشح حزب “استعادة فرنسا” إيريك زمور، ومرشح حزب الخضر يانيك جادو، إضافة إلى كل من نيكولا دوبون-إينيان، وجان لاسال، وفبيان روسيل، وناتالي أرتو، وفيليب بوتو.
وتعليقا على حظوظ ماكرون والعقبات التي تواجهه في الانتخابات القادمة، قال مدير مركز “راسموسن” للاستشارات السياسية، المحلل الفرنسي أرثر دي ليديكيرك، إنه “بعد إطلاق الحملات الانتخابية يظل شاغل المنصب الوسطي، ماكرون، هو المرشح الأبرز للفوز”، محذرا من عقبتين في طريقه، إضافة إلى وعوده الانتخابية في 2017 التي لم تنفذ غالبيتها.
وأضاف في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية”: “إن هناك شيئين يجب الانتباه إليهما في الانتخابات الفرنسية، أولا، الجدل الأخير حول استخدام الحكومة المكلف للاستشاريين الخارجيين خلال فترة ولاية ماكرون البالغة 5 سنوات، فيما يعرف بـ(قضية ماكينزي)، ويستغل جميع خصوم ماكرون الآن ما يصفونه بالفضيحة، في محاولة منهم لإفشال حملته”.
ويواجه ماكرون انتقادات شديدة بعد الكشف عن أن حكومته دفعت نحو 2.64 مليار دولار لشركات استشارية خاصة، مقابل مشورة وتقارير تبين بعد ذلك أن كثيرا منها لم تكن له قيمة أو ألغيت المشروعات المتعلقة به.
أما الأمر الثاني، فهو مستوى إقبال الناخبين، في سباق طغت عليه الحرب في أوكرانيا، حيث إن هناك تهديدا متمثلا في بقاء عدد قياسي من الناخبين في منازلهم، مما قد يكون له تأثير كبير على الانتخابات، تماما، كما حدث في المفاجأة المذهلة لعام 2002، التي شهدت وصول والد لوبان، جان ماري، إلى الجولة الثانية قبل خسارته أمام جاك شيراك.
عن فترة حكم ماكرون، قال المحلل الفرنسي ليديكيرك إنه “في عام 2017، وصل إلى السلطة على أساس برنامج إصلاحات واسعة النطاق، ووعد بالتغلب على الانقسام السياسي التقليدي في فرنسا، لكن بعد خمس سنوات، لم يقتنع جزء كبير من الناخبين الفرنسيين بسياسات ماكرون، على الرغم من أن شعبيته أعلى من الرئيسين السابقين لولاية واحدة، المحافظ نيكولا ساركوزي (2007-2012) والاشتراكي فرانسوا هولاند (2012-2017).
واستطرد ليديكيرك: “شهد عامه الأول في منصبه، إطلاق ماكرون إصلاحات طموحة في مجال الضرائب وسوق العمل، ومضاعفة الجهود لوضع فرنسا كلاعب عالمي يعمل على تشكيل أجندة الاتحاد الأوروبي، ومع ذلك، في أواخر عام 2018، جاءت المشاعر المناهضة للمؤسسة التي ساهمت في انتخاب ماكرون بنتائج عكسية، استجابة لارتفاع أسعار الوقود، وعزم إدارته على فرض ضرائب على المركبات شديدة التلوث”.
وتابع: “استمرت الاحتجاجات الجماهيرية المناهضة للحكومة، والمعروفة باسم (السترات الصفراء)، والتي كانت عنيفة في بعض الأحيان، لمدة 70 أسبوعا متتاليا، حتى بدأت إجراءات الإغلاق بسبب فيروس كورونا في مارس 2020”.
وأشار ليديكيرك إلى أن ماكرون “قوبل بردود فعل متباينة للغاية، أجبرته على تأخير العديد من خطط حملته ووعوده، بما في ذلك إصلاح المعاشات التقاعدية”.
وأضاف: “للحرب الأوكرانية بالتأكيد تأثير على الحملة الرئاسية الفرنسية من عدة نواح، حيث أدت ظاهرة (التجمع حول العلم) إلى زيادة التأييد لشاغل المنصب في دوره كزعيم في زمن الحرب، كما أن المرشحين الآخرين الذين أعربوا سابقا عن إعجابهم بفلاديمير بوتن مثل إريك زيمور، أو تعاونوا معه علنا مثل مارين لوبان، تركوا يتدافعون لإعادة تعديل رسالتهم والنأي بأنفسهم عن الكرملين”.