في خطوة قد تفجر نزاعا على خلفية الأزمة الأوكرانية، أعلن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، اعتراف بلاه باستقلال المنطقتين المنفصلتين شرقي أوكرانيا.
وأعلن بوتن، مساء الاثنين، بعد اجتماع مجلس الأمن القومي الروسي، اعتراف بلاده الفوري باستقلال جمهوريتي دونيتسك ولوجانسك عن أوكرانيا، ودعا البرلمان الروسي إلى التصديق على القرار.
وفي 12 مايو 2014، أعلنت دونيتسك ولوجانسك استقلالهما بعدما صوت معظم سكان المقاطعتين اللتين تقعان في حوض دونباس الشرقي في استفتاء عام لصالح الانفصال عن أوكرانيا.
وبدأت التداعيات الفورية للقرار تظهر، إذ ذكرت تقارير إعلامية أن طوابير من العربات العسكرية تشمل دبابات، دخلت في الساعات الأولى من صباح الثلاثاء إلى ضواحي دونيتسك، عاصمة إحدى المنطقتين الانفصاليتين شرقي أوكرانيا.
وقالت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية إن الاعتراف بالمنطقتين الانفصالين تعني عمليا القضاء على آمال حل الأزمة الحالية وطرحت السؤال التالي، كيف سيرد الغرب؟
وحذر حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي من أن الاعتراف بالمنطقتين الانفصاليتين سيكون تصعيدا كبيرا في الصراع بين موسكو وكييف، ودعا عدد من المسؤولين الأوروبيين إلى إقرار حزمة عقوبات ضد روسيا.
وكان الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرج، الأسبوع الماضي، إن الاعتراف بالمنطقتين يمثل “انتهاكا صارخا لوحدة أراضي أوكرانيا وسيادتها” وخرقا للقانون الدولي.
ومع ذلك، يؤكد كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وحلف الناتو إنه سيتم فرض العقوبات الكبيرة على موسكو في حالة وقوع هجوم عسكري شامل على أوكرانيا.
وليس هناك حتى الآن اتفاق بشأن كيفية الرد على الاعتراف بالمنطقتين الانفصاليتين.
منذ أن حشد بوتين عشرات الآلاف من جنوده على حدود أوكرانيا، حذر الغرب من احتمال استعمال دونيتسك ولوجانسك ذريعة لافتعال الحرب، إما عن طريق استفزاز كييف ودفعها لشن هجوم، أو تدبير هجوم مزيف منسوب إلى كييف بما يسمح بشن الحرب.
وتنفي روسيا خططها للغزو، لكنها أصرت على الحصول على عدد من الضمانات الأمنية من الغرب، مثل حظر انضمام أوكرانيا إلى الناتو وسحب قوات الناتو من دول بشرق أوروبا.
ولطالما نظرت موسكو إلى دونيتسك ولوجانسك باعتبارهما بوليصة تأمين في أوكرانيا، وطالبت بأن تكون عودتهما إلى أوكرانيا مصحوبة بحق النقض (الفيتو) ضد قرارات السياسة الخارجية الرئيسية، ولا سيما طلب كييف للانضمام إلى الناتو، وهو خط أحمر بالنسبة لموسكو.
وقالت “فايننشال تايمز” إن اعتراف بوتن بالمنطقتين الانفصاليتين يزيد من خطر نشوب صراع مع كييف.
ويظهر قرار بوتين أنه فقد الثقة بالجهود الدبلوماسية لتجنب الصراع مع أوكرانيا، التي قادها بشكل أساسي في الأيام الأخيرة، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
وكان ينظر إلى مستقبل المنطقتين على أنه يمثل أساسا مهما للوصول إلى حل وسط في أزمة أوكرانيا، ويبدو أن قرار الاعتراف الروسي ينهي هذا الاحتمال.
وقال عضو مجلس الأمن القومي الروسي والرئيس السابق ديمتري ميدفيديف، إنه يعتقد أن على روسيا المضي قدما بصرف النظر عن مخاطر الصراع وتداعياته.
وأضاف في حضور بوتين “حجم الصراع المحتمل لا يمكن مقارنته بما واجهناه في عام 2008 (خلال حرب جورجيا)، لكننا الآن نعرف ما سيحدث. لقد سمعنا جميع أفكار العقوبات (التي يمكن أن يفرضها الغرب على موسكو)”.
وتابع “لكننا نعرف كيف نحتمل هذا الضغط”.
في الماضي، فضّلت موسكو عدم الاعتراف بالمنطقتين، مفضلة من ذلك ممارسة سيطرة غير مباشرة واستخدامهما وسيلة ضغط في نزاعاتها الأوسع مع أوكرانيا والغرب.
ومن المحتمل أن يؤدي الاعتراف إلى نتيجتين أوليتين رئيسيتين. أولاً ، انهيار اتفاقيات مينسك والآمال في حل دبلوماسي للصراع في شرق أوكرانيا.
وقال مسؤولون روس لبوتين في اجتماع مجلس الأمن القومي إنهم يعتقدون أنه لا يوجد احتمال لتطبيق اتفاق السلام بالكامل، مما يعني أنه لا يمنح موسكو أي خيار سوى اتخاذ إجراءات أخرى، بحسب هؤلاء.
وثانيا، يعطي قرار الاعتراف بالمنطقتين الكرملين مبررا لإرسال قوات إليهما، وهو ما بدأ بالفعل، وهذا من شأنه أن يزيد من خطر نشوب صراع كامل بين موسكو وكييف.
وثمة مشكلة أكبر، وهي أن قادة دونيتسك ولوجانسك يطالبون بجميع المقاطعات الأوكرانية فيهما، ولم توضح روسيا ما إذا كانت تعترف بمطالبها بالأراضي الواقعة تحت سيطرة كييف.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)