أظهرت دراسة جديدة نشرتها صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية أن حيوان الشمبانزي يستعين بالحشرات في علاج الجروح “كنوع من الإسعافات الأولية“. ويعتقد الباحثون “أن هذه الممارسة تدل على السلوك الإيثاري لدى الحيوانات”.
وتم الإبلاغ عن هذه الممارسات – الغريبة نسبياً – لأول مرة في عام 2019 في ”مجتمع الشمبانزي البري“ بحديقة ”لوانغو الوطنية“ في الغابون من قبل أليساندرا ماسكارو، متطوعة في مشروع ”أوزوغا للشمبانزي بالحديقة“، حيث رصدت أنثى شمبانزي، يطلق عليها اسم ”سوزي“، وهي تفحص جرحاً في قدم ابنها ”سيا“، ثم أمسكت الأم بـ“حشرة طائرة“ ووضعتها في فمها، ثم أخرجتها ووضعتها على جرح صغيرها.
وبين نوفمبر 2019 و فبراير 2021، لاحظ مؤلفو الدراسة 76 حالة من ذكور وإناث قرود الشمبانزي تعالج جرحًا مفتوحًا بحشرة. وأوضحت الصحيفة الأمريكية أنه عادة ما تحدث هذه الإصابات عندما تتقاتل الشمبانزي فيما بينها أو تهاجم مجموعات أخرى.
بدورها، قالت سيمون بيكا، عالمة الأحياء الإدراكي من جامعة ”أوسنابروك“ الألمانية ومؤلفة الدراسة: ”في ثلاث من تلك الحالات، استخدم الشمبانزي كمادات الحشرات ليس لإصاباتها، ولكن على جروح أعضاء المجموعة الآخرين، وهي علامة واضحة على السلوك الاجتماعي الإيجابي والفريد المتبع بين هذه القردة“.
وأضافت: ”ليس البشر فقط هم من يعالجون آلامهم ومن ثم يعالجون الآخرين لمساعدتهم على التغلب على آلامهم. هناك، على الأقل في الوقت الحالي، نوع آخر يفعل هذا أيضًا، وهو الشمبانزي“.
وتابعت: ”هذا، بالنسبة لي، يحبس الأنفاس بشكل خاص لأن الكثير من الناس يشككون في القدرات الاجتماعية الإيجابية في الحيوانات.. وفجأة، أصبح لدينا نوع نرى فيه أفراداً يهتمون بالآخرين“.
وقد أثبتت دراسات سابقة أن حيوانات مثل الدببة والقردة والغزلان، تستعين بنباتات ذات خصائص طبية وتبتلعها لغرض الشفاء من مرض ما. وبما أنه تم رصد أن الحشرات يتم تطبيقها على الجروح، يعتقد الباحثون أن هذه الممارسة هي شكل من أشكال العلاج الطبي. وإذا كان هذا الاعتقاد صحيحاً، فهو يعتبر أول مثال على ”العلاج بالحشرات“ يتم رصده في الحياة البرية.
وعلى الرغم من أن هذه الممارسة قد تبدو مثيرة للاشمئزاز، يبدو أن الشمبانزي يعرف شيئاً لا يعرفه البشر عن الفوائد الطبية لبعض الحشرات. وحتى يومنا هذا، يستخدم البشر العلقات الماصة للدم (bloodsucking leeches) لتنظيف الجروح، وقد اقترحت بعض الأبحاث أن الحشرات يمكن أن تحمل خصائص مضادة للميكروبات، بالإضافة إلى امتلاكها تأثيرا مسكنا للألم.
وأشار العلماء إلى أنه أصبح من الصعب تفسير الدوافع وراء السلوكيات الحيوانية، لذلك فهم يخططون إلى استكمال الدراسة لاكتشاف الحشرات التي تستخدمها الشمبانزي ودراستها. وأوضحوا أن لصق الحشرة في فم الشمبانزي يؤدي إلى شل حركتها، وقد يساعد لعابه في تكوين عجينة يسهل انتشارها على الجرح.
ولم يحدد مؤلفو الدراسة – التي نشرت نتائجها أمس في مجلة ”Current Biology“ الأسبوعية العلمية – بعد نوع الحشرة التي تستخدمها الشمبانزي للعناية بالجروح. لكن بعد مراجعة لقطات للسلوك، قال الباحثون إن السرعة التي تحبس بها الشمبانزي الحشرات تظهر أن الحشرة يمكنها الطيران. ويعتقد الفريق أن حجم الحشرة أقل من ربع بوصة، وهذا سبب رئيسي لعدم تمكنه من جمع عينة حتى الآن.
المصدر: وكالات