رحل منذ قليل المخرج الكبير سعيد مرزوق عن عمر يناهز 74 عاما بعد صراع مع المرض استمر لسنوات ، عانى فيها كثيراً .
ولد سعيد مرزوق عام 1940، وتربى في أسرة فقيرة حيث تحمل عبء المسؤولية وهو صغير السن، وذلك لإعاشة والدته وإخوته الأربعة بعد وفاة والده.
مرزوق ليس مجرد مخرج كباقى المخرجين الذين يمرون على السينما المصرية مرور الكرام، بل هو صاحب قضية فرغم أن ما قدمه للسينما 14 فيلما إلا أنه إن سألت مشاهدًا عاديًا عن اسم أي منها ستكتشف أنه شاهد الفيلم أكثر من مرة.
سعيد مرزوق لم يقدم سينما من أجل الإيرادات فقط، بل كل ما قدمه جمع فيه ما بين سينما القضية والجماهيرية، ولم ينس فى أى منها هموم الشارع المصرى.
وكثيرون لا يعرفون تأثير بعض أفلام سعيد مرزوق ليس فقط على مصر بل على بعض دول الخليج، فبعد سنوات من عرض فيلم “أريد حلًا” للنجمة فاتن حمامة، وطرح قضية العوار بقانون الأحوال الشخصية ونجاح القانونيين فى تغييره لصالح المرأة المطلقة.
كان منزله أشبه بحجرة مونتاج أو استديو صغير، إذ كان يسكن بمنزل ملاصقاً لأستوديو مصر، وكان لذلك تأثيره المباشر على حياته، وكان فى نفس هذه الفترة صديقه حسام الدين مصطفى واعجب كليهما بالمخرج “سيسيل دي ميل”، وهو يصور فيلم (الوصايا العشر) في صحراء الهرم.. فكانت هذه هي نقطة البداية الحقيقية لسعيد مرزوق عندما أحس مرزوق بعظمة دور المخرج وأهميته بالنسبة للسينما، واتخذ منه مثلا أعلى.
وعندما يقرأ جمهوره أنه لم يدرس السينما على يد أحد، ولم يكن من خريجي أحد المعاهد السينمائية يصابون بالدهشة فمن يشاهد “كادراته ” وطريقته فى إخراج فيلم مثل “زوجتى والكلب” و”الظلال والليل” و”الفنار” مفردات قد لا يجيدها مخرج آخر دارس للسينما.
علم نفسه ونما موهبته من خلال عمله مساعدًا لزميله المخرج الشاب إبراهيم الشقنقيري، ثم بعدها مباشرة قام بإخراج فيلمين قصيرين مدة كل منهما خمس دقائق. وكان عمله الثالث هو إخراجه لأغنية (أنشودة السلام) ومدته عشر دقائق، والذي أختير كأحسن عمل تليفزيوني لعام 1965.
بعد ذلك قدم فيلمه التسجيلي (أعداء الحرية 1967) وشارك به في مهرجان “ليبزغ” الألماني، وحصل على الجائزة الثانية في هذا المهرجان. ثم قدم فيلم (طبول ـ 1968) ونال أيضاً جائزة الدولة في الإخراج والتصوير والمونتاج في ذلك العام.
كما أنه قام بإخراج فيلم (دموع السلام ـ 1970) الذي اختير كأفضل فيلم عن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر.
ودائما ما يثير دهشة من يرشحون اهم افلام السينما المصرية تصنيف فيلم “زوجتى والكلب ” ضمن اهمها كونه اول عمل روائى له اخرجه عام 1971 .
ثم أخرج بعده فيلم “الخوف” لياتى بعدهما برائعته “أريد حلا” عام 1975 عن قصة الكاتبة حسن شاه.
وقبل أن يتوقف الجدل حول فيلم “أريد حلا ” يفاجئ مرزوق العالم بفيلمه الجرىء الذى واجه به السلطة والحكومة “المذنبون” أحد أقوى أفلامه عن قصة الكاتب العالمى نجيب محفوظ والذى تسبب في ضجة سنة عرضه عام 1976 لمحاولة كشفه عن مظاهر الفساد في المجتمع المصري المعاصر، وتشكلت لجنة للنظر في أمر الفيلم وحذفت العديد من مشاهده، وظل الفيلم حالة خاصة وما زال حتى انه يمنع من العرض فى التليفزيون المصرى لجرأته.
قدم مرزوق عدة أعمال قد يكون من أهمها فيلم “المغتصبون” الذى إن شاهدته اليوم وبرغم قساوة الفيلم تكتشف أنه يحكى حادثة نمر بها بين الحين والآخر.
المصدر : وكالات