كشفت تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا في قضية اتهام الرئيس الأسبق محمد مرسي و 10 متهمين آخرين، بتسريب وثائق ومستندات صادرة عن أجهزة الدولة السيادية تتعلق بالأمن القومي المصري إلى دولة قطر – أن “مرسي” في أعقاب توليه رئاسة الجمهورية، أصدر تعليمات وتوجيهات لمعاونيه من أعضاء التنظيم الدولي لجماعة الإخوان، بنسخ واختلاس المستندات الصادرة من الوزارات وأجهزة الدولة السيادية، والمتعلقة بالأمن القومي والقوات المسلحة المصرية وعتادها العسكري وتسليحها وأسرار الدفاع، بقصد تسريبها لدول أجنبية بعينها، على رأسها دولة قطر، وجهات وأجهزة مخابرات دولية، بناء على تعليمات من قيادة تنظيم الإخوان.
وأظهرت تحقيقات النيابة التي أجريت برئاسة المستشار الدكتور تامر فرجاني المحامي العام الأول لنيابة أمن الدولة العليا ، أن المتهمين أحمد عبد العاطي مدير مكتب رئيس الجمهورية الأسبق، وأمين الصيرفي السكرتير الشخصي لمرسي، توليا تنفيذ تلك التوجيهات في سرية تامة، مستغلين أنهما من كبار موظفي مؤسسة الرئاسة على نحو يترتب عليه عدم خضوعهما لأعمال التفتيش الدقيقة التي تجري منعا لحدوث أي اختراق أمني أو تسريب لأوراق من داخل الرئاسة.
وتبين من التحقيقات التي أشرف عليها المستشار عماد الشعراوي رئيس نيابة أمن الدولة العليا، أن الرئيس الأسبق محمد مرسي أعطى مدير مكتبه أحمد عبد العاطي صلاحيات غير قانونية وتخالف الأعراف المعمول بها بمؤسسة الرئاسة، بجعله هو المنوط بتلقي التقارير الواردة إلى مؤسسة الرئاسة من أجهزة الدولة السيادية، مثل المخابرات العامة والمخابرات الحربية ووزارات الدفاع والداخلية والخارجية والرقابة الإدارية، وعرضها على رئيس الجمهورية.
وأكدت التحقيقات – من واقع اعترافات المتهمين المحبوسين، وشهادة الشهود، وتحريات هيئة الأمن القومي، وفحص الوثائق المضبوطة بحوزة المتهم محمد عادل كيلاني قبل تهريبها إلى دولة قطر – أن جماعة الإخوان قامت بتعيين العديد من عناصر التنظيم الدولي للجماعة وكوادره داخل مؤسسة الرئاسة، حيث قاموا بإفشاء العديد من المعلومات عبر وسائل العلانية وتسريب أخرى لبعض الجهات والدول الأجنبية والتنظيمات الإرهابية وحركة حماس الفلسطينية، وأن الوثائق والمستندات المضبوطة تتسم بدرجة من السرية العالية وتتضمن تقارير فائقة الأهمية عن القوات المسلحة وأعدادها وتسليحها وأماكن تمركزها وخططها لحماية أمن البلاد، وهي الوثائق التي كان يفترض برئيس الجمهورية أن يكون هم المطلع الوحيد على محتوياتها داخل مؤسسة الرئاسة.
وجاء من ضمن الشهود الذين استمعت لهم النيابة حلال التحقيقات، السفير محمد فتحى رفاعة الطهطاوي الرئيس السابق لديوان رئاسة الجمهورية، والذي قال إنه بحكم وظيفته كان يختص بتلقي كافة المستندات الواردة لرئاسة الجمهورية من الوزارات المختلفة، تمهيدا لعرضها على رئيس الجمهورية.. غير أنه وخلال فترة عمله برئاسة الجمهورية لم تعرض عليه المستندات والتقارير الواردة لرئاسة الجمهورية من وزارات الدفاع والداخلية والخارجية وأجهزة المخابرات العامة والحربية والأمن الوطنى وهيئة الرقابة الادارية، نظرا لورودها بصورة مباشرة إلى المتهم الثانى (أحمد عبد العاطي) بصفته مدير مكتب رئيس الجمهورية.
وأكد الطهطاوي في أقواله أن ذلك التصرف بتمكين عبد العاطي من تلقي المستندات الواردة إلى الرئاسة، يشكل مخالفة للقوانين والأعراف المعمول بها بمؤسسة رئاسة الجمهورية من ذي قبل.. مشيرا إلى أن التقارير المتعلقة بالقوات المسلحة المصرية وكيفية استغلالها الاستغلال الأمثل لمواجهة خطط التطوير الإسرائيلية والموازنة العامة للمخابرات العامة، كانت تعرض على المتهم الأول (مرسي) شخصيا إبان رئاسته للبلاد، وهي تقارير تتمتع بأقصى درجات السرية، لافتا إلى أن التصرف بشأنها يكون إما بإعدامها عقب الاطلاع عليها أو حفظها بمعرفة رئيس الجمهورية ومدير مكتبه.
وأضاف الطهطاوي المستندات المشار إليها، لا يمكن استرجاعها من الحفظ إلا بمكاتبة رسمية من رئيس الجمهورية أو مدير مكتبه، وأن كافة العاملين بمؤسسة الرئاسة يخضعون لعمليات تفتيش دقيقة في تحركاتهم من وإلى مقرات عملهم، ويستثنى من ذلك كبار العاملين كرئيس الديوان ونائبه وقائد الحرس الجمهورى، والمتهم الثاني (أحمد عبد العاطي) بصفته مدير مكتب الرئيس الأسبق والمتهم الثالث (أمين الصيرفي) بصفته ضمن طاقم السكرتارية الخاصة برئيس الجمهورية.
وتبين من تقرير هيئة الأمن القومي بفحص المضبوطات بحوزة المتهمين، أن جهاز الكمبيوتر المحمول ووحدات التخزين المضبوطة مع المتهم الرابع أحمد علي عبده عفيفي، تحتوي على صور ونسخ ضوئية طبق الأصل لتقارير ومستندات وخطابات سرية مرسلة من الجهات الحكومية والأمنية والسيادية بالدولة (المخابرات العامة، القوات المسلحة، قطاع الأمن الوطنى، هيئة الرقابة الإدارية وإدارة المخابرات الحربية وجهات أخرى بالدولة) إلى محمد مرسي بصفته رئيس الجمهورية آنذاك وبعض العاملين بمؤسسة الرئاسة.
وثبت من الفحص أن تلك المستندات يحظر تداولها أو الإطلاع عليها لغير المختصين، وتحفظ بأماكن سرية مؤمنة لتعلقها جميعا بأمن ومصالح البلاد، وأن ما تحويه من معلومات من شأنها الإضرار بالأمن القومي المصري حال تسريبها أو إطلاع غير المختصين عليها، فضلا عن تأثيرها السلبي على موقف مصر السياسي والاقتصادي والعلاقات الدبلوماسية مع العديد من الدول الأجنبية، وكذا ما يرتبه ذلك من إضرار بأمن الجهات والهيئات السيادية والأمنية المصرية، كما أن محتوى تلك المستندات من معلومات هو سر من أسرار الدفاع عن البلاد.
وكشفت التحقيقات أن من بين الوثائق المهربة التي عثر عليها بحوزة المتهمين، ما صدر عن المخابرات العامة من مذكرات وتقارير موجهة لرئيس الجمهورية الأسبق محمد مرسي، لاعتماد الموازنة العامة للمخابرات العامة عن الفترة من 2013 – 2014 .. والأحداث الداخلية والخارجية في 5 ديسمبر 2012 (في أعقاب الإعلان الدستوري المكمل) وأخرى صادرة أيضا عن المخابرات العامة المصرية وموجهة إلى أحمد عبد العاطي بصفته مدير مكتب رئيس الجمهورية، بشأن ردود الفعل الدولية والحقوقية حول الإعلان الدستوري الجديد، وبشأن موقف مصر من المصالحة الفلسطينية، وطلب السيناتور الامريكى رونال لى ويدين زيادة الجهود المصرية لمنع تسليح حركة حماس وهدم الأنفاق والسيطرة على الحدود، وطلب السفارة الصومالية زيادة عدد المنح الدراسية للطلبة الصوماليين، وكذا تقرير حول ندوة عقدت بالخرطوم عن الأثر الإيجابي لسد النهضة الأثيوبي على مصر والسودان، ومذكرة عن تطورات الموقف الخارجي، وأخرى عن ردود الأفعال الأوروبية إزاء الأوضاع السياسية بمصر، واجتماعات جبهة الإنقاذ الوطني وطلب من الدكتور محمد البرادعي بإبلاغ مؤسسة الرئاسة عن إجراءات الخروج من أزمة الإعلان الدستوري، وتقرير بشأن أهم الأحداث الخارجية والداخلية، وتقرير يتضمن إيجابيات وسلبيات زيارة خالد مشعل رئيس المكتب السياسى لحركة حماس إلى مصر.
كما تضمنت تلك المستندات معلومات عن دراسات للقوات المسلحة المصرية، وعناصر القوة بها وكيفية استغلالها لمواجهة خطط التطوير الإسرائيلية للقوات البرية والجوية، ومستند يتضمن جدول تشكيل القوات المسلحة وأبرز الأسلحة والمعدات وأنواع وعدد وأماكن تمركز القوات البرية والجوية والبحرية والدفاع الجوي، ودراسة حول الهيكل التنظيمي لوزارة الإنتاج الحربي والمصانع الحربية وإنتاجها وتخصصاتها وسبل تطويرها، ومستند يتضمن أماكن وحجم القوات متعددة الجنسيات بالمنطقة ( ج ) بشمال سيناء، وأخر للمعابر الفلسطينية الإسرائيلية والمصرية ومواقعها والمسافات بينها، وكذا مذكرات وتقارير للمخابرات الحربية والاستطلاع تتضمن مقترحات استعادة الأمن وتحقيق التنمية بسيناء، ومعلومات عن شبكة الاتصالات العسكرية وأخرى عن التواجد الأمني والعسكرى الأمريكي بالمنطقة العربية، والتوازن العسكرى الإسرائيلي، وعناصر التأمين على الحدود الإسرائيلية وقدرات وإمكانيات الجيش الإسرائيلي.
كما تبين أن من بين المستندات التي عثر عليها بحوزة المتهمين، تقرير من رئيس قطاع الأمن الوطني موجه إلى أحمد عبد العاطي بصفته مدير مكتب رئيس الجمهورية السابق حول الحالة الأمنية عن يوم 4 ديسمبر 2012 ، ومستندات من رئيس هيئة الرقابة الإدارية – آنذاك – موجهة إلى محمد مرسي بصفته رئيسا للجمهورية، بشأن تحريات عن بعض العاملين السابقين بمؤسسة الرئاسة، وعن كيفية استخدام الطاقة المدعمة في الاستثمارات الصناعية كثيفة الاستخدام للطاقة، والمخالفات التي شابت أوجه الصرف من صندوق دعم البحوث الزراعية بوزارة الزراعة وشركة داماك.
واشتملت الوثائق المهربة على تقارير بخط اليد أولها بتاريخ 2 مارس 2013 عن تفصيلات لقاء محمد مرسي مع رئيس المخابرات العامة بحضور عصام الحداد مساعد رئيس الجمهورية للعلاقات الخارجية والتعاون الدولي وأحمد عبد العاطي مدير مكتب رئيس الجمهورية.. والثاني بتاريخ 9 مارس 2013 عن اجتماع رئيس المخابرات العامة مع نائب رئيس المخابرات السعودي، ولقاء أحد أمراء دولة الإمارات العربية المتحدة بحضور عصام الحداد، ومستند آخر محرر بخط يد محمد فتحي رفاعة الطهطاوي للعرض على رئيس الجمهورية – حينها – بتاريخ 11 فبراير 2013 بشأن تقدير موقف العلاقات مع دولة إيران، وفتح علاقات معها والحصول على دعم مالي منها، وكيفية مجابهة تداعيات ذلك على أجهزة الدولة والحركات السلفية والمستوى العربي والدولي.
وتضمنت الوثائق والمستندات أيضا تقريرا عن حسابات مكتب رئيس الجمهورية بالبنوك، ومذكرة صادرة عن إدارة العلاقات الخارجية برئاسة الجمهورية حول اتصالات وزير الخارجية ونظيره الأمريكي، وعن استخدام النظام السوري للأسلحة الكيماوية وطلب الأخير مساعدة المعارضة السورية بشتى الوسائل، وتقرير عن التوجه المقترح إزاء العلاقات المصرية – الإيرانية، وتقرير من المخابرات الفلسطينية حول أعداد وتأهيل شبكة الأنفاق والاتصالات الأرضية الخاصة بكتائب القسام.
وأظهر فحص جهاز الكمبيوتر المحمول ووحدات التخزين التي عثر عليها بحوزة المتهم كريمة الصيرفي ابنة المتهم أمين الصيرفي، أنها تحتوي ملفات تنظيمية خاصة بجماعة الإخوان، ودور التنظيم الدولي وارتباطه بعدد من المنظمات الدولية خارج البلاد، وطريقة العمل للأخوات داخل التنظيم الذي تنضم له المتهمة، وعدد من مقاطع الفيديو والصور لمظاهرات تلك الجماعة ولقاءات التنظيم الإخواني خارج البلاد تفصيلا.
كما أظهر فحص الهاتف المحمول الخاص بالمتهم أمين الصيرفي أنه يحتوي على اتصالات ورسائل بريدية بينه وعناصر من الإخوان العاملين برئاسة الجمهورية، ومنهم عبد المجيد مشالي وأحمد عبد العاطي وعصام الحداد وأسعد شيخة ومحي حامد وحسين القزاز عضو التنظيم الدولي، ومنظمة الإفسو بتركيا إحدى واجهات التنظيم الدولي للإخوان.. كما تبين قيام المتهمة كريمة الصيرفي باستخدام ذلك الهاتف ووجود اتصالات ورسائل بريدية بينها والمتهم الرابع أحمد علي عبده عفيفي يتبادلان فيها الحديث عن تسليم ثلاث وحدات تخزين بيانات (فلاش ميمورى).
وتبين من فحص الهاتف المحمول للمتهم الرابع، وجود اتصالات ورسائل بريدية بينه والمتهم العاشر علاء عمر سبلان معد البرامج بقناة الجزيرة، حال تواجد الأخير بمقر قناة الجزيرة بدولة قطر، وتدور حول طلب سبلان إرسال وحدة تخزين بيانات (فلاش ميمورى) وملفات وارسال المتبقى من الأوراق.
وأكدت تحريات هيئة الأمن القومى التي تضمنتها قائمة أدلة الثبوت، قيام تنظيم الإخوان في أعقاب تولي المتهم الأول محمد مرسي العياط رئاسة جمهورية مصر العربية، بتعيين عناصر من التنظيم الدولي لجماعة الإخوان بمؤسسة الرئاسة، حيث قاموا بإفشاء العديد من المعلومات عبر وسائل العلانية وتسريب أخرى لبعض الجهات والدول الأجنبية والتنظيمات الإرهابية وحركة حماس، مما ترتب عليه الإضرار بالأمن والسلم والنظام العام وبمركز مصر السياسي وعلاقاتها السياسية مع بعض الدول الأجنبية، وكان ذلك بغرض تنفيذ مخططات الجماعة الإرهابية بإثارة الرأي العام وإشاعة الفوضى بالبلاد وتكدير الأمن والسلم العام، بغية الاستمرار في السيطرة على مقاليد الحكم بالبلاد.
وأشارت تحريات الأمن القومي إلى اضطلاع عناصر التنظيم الاخوانى برئاسة الجمهورية بتنفيذ تكليفات قياداتهم بنسخ المستندات والمعلومات الخاصة بمؤسسة الرئاسة، وفي ذلك الإطار تم رصد توجيهات محمد مرسي إبان رئاسته للبلاد، بتسريب المعلومات والتقارير الخاصة برئاسة الجمهورية والواردة اليها من وزارة الدفاع وأجهزة المخابرات العامة والحربية والرقابة الادارية وقطاع الأمن الوطنى ومؤسسات الدولة.
وذكرت التحريات أنه تنفيذا لتلك التوجيهات قام المتهمان أحمد عبد العاطي وأمين الصيرفي بنسخ تلك المستندات واختلاسها، قبل وإبان أحداث يونيو 2013 ، تمهيدا لتسريبها بقصد الإضرار بالأمن القومي وأمن الجهات والهيئات الأمنية والسيادية، فضلا عن التأثير على موقف مصر السياسي والاقتصادي والعسكرى، وأنه في غضون يونيو 2013 قام أمين الصيرفي بإخفاء تلك المستندات بمسكنه، وتسليمها لنجلته كريمة، والتي أخفتها بقصد تسريبها حين صدور تكليفات لها من قيادات التنظيم الدولي الاخوانى، وذلك بغرض الإضرار بالأمن القومي المصري استكمالا لمخططات التنظيم الاخوانى .
وأكدت التحريات أن المتهم علاء عمر سبلان عضو التنظيم الدولي للإخوان، يعمل بقناة الجزيرة القطرية والتي تعمل لمصلحة الأجهزة الأمنية القطرية، كما يعمل بها عناصر أجنبية لصالح المخابرات القطرية والتي قامت مطلع العام الجاري بتكليف سبلان بالتواصل مع المتهمين أحمد علي عفيفي وخالد حمدي رضوان ومحمد عادل كيلاني وأحمد إسماعيل ثابت، بغية الحصول على المستندات المذكورة من المتهمة كريمة الصيرفي، وتكليفه للمذكورين باستلامها.
وأوضحت التحريات أن المتهم الرابع أحمد علي عفيفي تواصل مع المتهمة التاسعة أسماء الخطيب، والتي حصلت على المستندات من المتهمة الثامنة كريمة الصيرفي، وسلمتها إليه ليقوم وبقية المتهمين بإعداد نسخ ضوئية منها وتسليمها الى المتهم علاء سبلان.. حيث سلم نسختين منها إلى قناة الجزيرة بقطر – بناء على توجيهات التنظيم الدولي للإخوان – وبرعاية دولة قطر، لإفشاء ما بها من أسرار، إضرارا بالأمن القومي، الأولى عبر شبكة الإنترنت والثانية سلمها محملة على وسيط تخزين في خلال شهر فبراير 2013 .
كما أكدت التحريات أن علاء سبلان تقاضى مبلغ خمسين الف دولار امريكى كدفعة مقدمة، مقابل تسليم تلك النسخة على أن يتسلم والمتهمين من الرابع الى السابع والتاسعة مبلغ مليون دولار مقابل تسليم أصول تلك المستندات. ثم أصدر سبلان تكليفاته إلى المتهم أحمد علي عفيفي بالاتفاق مع المتهمين محمد عادل كيلاني وأحمد إسماعيل ثابت على نقل تلك الأصول وتسليمها لأحد العناصر الاستخباراتية القطرية بمطار الدوحة، كما حول إليهم مقابل ذلك مبلغ عشرة آلاف دولار على شركة ويسترن يونيون استلمها المتهم خالد حمدي رضوان.
وذكرت التحريات أنه تم الاتفاق على أن يقوم المتهم محمد عادل كيلاني باستغلال عمله مضيفا جويا بشركة مصر للطيران، ونقل أصول تلك المستندات والوثائق إلى دولة قطر.
وأكدت التحريات أن تلك المستندات هى سر من أسرار الدفاع، واطلاع وحصول المتهمين عليها وإخفاؤها يؤثر على الأمن القومي والمصالح العليا للبلاد، وإفشاؤها يضر بأمن وكيان الأجهزة السيادية والأمنية وموقف مصر السياسي والاقتصادي والعلاقات الدبلوماسية مع العديد من الدول الأجنبية .
وثبت من واقع اطلاع النيابة العامة على الأوراق والمستندات المضبوطة بمسكن المتهم محمد عادل كيلاني، أنها تحتوى على تقارير خاصة برئاسة الجمهورية وتتسم بدرجة من السرية العالية، وتضمنت تقارير عن أعداد العاملين من العسكريين والمدنيين بمؤسسة الرئاسة، ومحضر اجتماع لجنة إدارة الأزمات بديوان الرئاسة ونتائج ما أسفر عنه ذلك الانعقاد، وموقف العلاقات المصرية والإيرانية، وآخر صادر عن وحدة بحوث العلاقات الخارجية بالرئاسة بشأن ملف المصالحة الفلسطينية، وآخر بشان المفاوضات عن شراء أسلحة وصواريخ، وتقرير صادر عن إدارة العلاقات الخارجية بشأن المسألة السورية وعلاقة مصر بها ونتائج اتصالات وزير الخارجية المصرى مع نظيره الأمريكى، وكذا مجموعة من الأوراق تحمل شعار جماعة الأخوان المسلمين تضمنت الوضع السياسى القائم بالبلاد ونقاط ضعف المنظومة الإعلامية لدى الجماعة وكيفية تلافيها.
كما تبين من اطلاع النيابة أن الوثائق تضمنت أيضا أعداد وتأهيل الأنفاق الفلسطينية، وتأمين الاتصالات الأرضية الخاصة بكتائب عز الدين القسام، واستمرارية حركة المقاومة الفلسطينية حماس فى إقامة الأنفاق ومرفق بها خريطة موضح بها أماكن تلك الأنفاق الكائنة بقطاع غزة، وصورة ضوئية لملف صادر عن قطاع مصلحة الأمن العام بوزارة الداخلية وتتضمن اجتماعات التنسيق المنعقدة بين وزراتي الدفاع والداخلية وجهازى المخابرات العامة والحربية تضمنت أماكن إرتكاز القوات الأمنية بمحافظتى شمال وجنوب سيناء وخطة التامين لهما، وتقرير صادر عن قطاع الأمن الوطنى للعرض على رئيس الجمهورية بشأن تحركات الوافدين والمغادرين من وإلى معبر رفح الحدودى، ومستندات صادرة من المخابرات العامة بشأن طلب موافقات أمنية خاصة بدراسة بعض المغتربين داخل الجمهورية، وآخر بشأن تطورات الموقف الخارجى لدول الولايات المتحدة وليبيا ولبنان والإتحاد الأوروبي.
وأثبتت النيابة أيضا أن من بين الوثائق والمستندات المهربة، تقارير صادرة عن هيئة الرقابة الإدارية موجهة إلى رئاسة الجمهورية، تضمنت وقائع فساد، وتقارير رقابية عن شخصيات عامة.
واشتملت قائمة أدلة الثبوت على اعترافات للمتهم أحمد إسماعيل ثابت، من أنه في غضون شهر ديسمبر عام 2013 التقى بالمتهم العاشر علاء عمر سبلان، وأبلغه بحيازته لمجموعة من المستندات الهامة الخاصة برئاسة الجمهورية وانه سوف يقوم بتسليمها لقناة الجزيرة القطرية، واعقب ذلك تقابلهما والمتهم الرابع أحمد علي عفيفي، حيث قاموا بالاطلاع على تلك المستندات وتبين انها تضمنت تقارير للمخابرات العامة والحربية وقطاع الأمن الوطنى وهيئة الرقابة الإدارية ومعلومات عن تسليح الجيش المصرى والاسرائيلى، وقاموا بنسخ تلك المستندات باستخدام طابعة الكترونية ونقلها الى وحدات تخزين بيانات (فلاش ميمورى) وإرسالها الى المتهم الحادي عشر إبراهيم محمد هلال عبر البريد الاليكترونى، وأعقب ذلك سفر المتهم العاشر إلى دولة قطر وبحوزته وحدة تخزين بيانات بها صور ضوئية للمستندات آنفة البيان، كما احتفظ هو بوحدة تخزين بيانات بها ذات المستندات.
كما أضاف المتهم في معرض اعترافاته بالتحقيقات، انه تم التنسيق بين المتهمين الرابع والعاشر مع السادس الذي يعمل مضيفا جويا بشركة مصر للطيران، كي يقوم بتسليم اصول المستندات والاوراق انفة البيان الى المتهم العاشر خلال إحدى رحلاته الجوية بمطار الدوحة، على أن يقوم سالف الذكر بدوره بتسليمها الى المتهم الحادى عشر .. واختتم المتهم إقراره انه فى غضون شهر يناير عام 2014 أخبره المتهم العاشر حال تواجده بدولة قطر بانه ارسل حوالة مالية بقيمة 10 الاف دولار الى المتهم الرابع.
من جانبها، أقرت المتهمة الثامنة كريمة الصيرفى بتحقيقات النياب بأن والدها أحد القيادات التنظيمية بجماعة الاخوان المسلمين وكان يشغل منصب سكرتير رئيس الجمهورية ابان حكم محمد مرسي للبلاد،وانه فى غضون الأسبوع السابق على 30 يونيو 2013 وعلى اثر الأحداث الدائرة بالبلاد، أحضر والدها من مقر عمله بعض المستندات الممهورة بخاتم السكرتارية الخاصة برئاسة الجمهورية لمحل إقامتهم الكائن بالتجمع الاول بمنطقة القاهرة الجديدة، وانها اطلعت على هذه المستندات وتبين انها تتضمن معلومات عن القوات المسلحة المصرية والمخابرات العامة، وانها بتاريخ 4 أكتوبر 2013 قامت بإخفاء المستندات انفة البيان لدى صديقتها المتهمة التاسعة أسماء الخطيب، وفى غضون شهر مارس عام 2014 التقت بالمتهم الرابع وابلغها بسابقة استلامه المستندات المشار اليها وانه سوف يقوم بنشرها عبر قناة الجزيرة .
كما عثر ضمن المضبوطات التي كانت بحوزة المتهمة كريمة الصيرفي، على أوراق تتضمن مشروع خطة 2012- 2015 لجماعة الإخوان، ومراحل وأدوات الخطة لإستكمال مقومات الجماعة الرائدة، وتطوير العمل العالمى لتحقيق وجود كيان عالمى معلن للإخوان المسلمين وذلك لدعم تحقيق المشروع الإسلامى وتحرير إرادة الشعوب وحماية مكتسبات ثورتها والتى شملت عدة دول منها مصر ، قطر، اليمن، وبلاد الشام ودول عدة، وتضمنت تعريفا لمعنى التنظيم والذى يقصد به الجماعة ككل مشتملة على الأجهزة والوحدات والقيادة والموارد البشرية والمالية والعلاقات والمؤسسات واللوائح، وأن يكون له موارد بشرية ومالية كافية وامتلاك مؤسسات رسمية تخدم أغراض الدعوة وتكفى لأعمال للتنظيم العالمى.
وعثر أيضا على أوراق تتضمن موضوعات حول “محور الصف” والذى يقصد به الأفراد المنتمين إلى جماعة الإخوان فكريا وتنظيميا، الذين يحملون الدعوة ويسعون لتحقيق أهدافها من خلال تأهيلهم ودفع عدد كاف ممن الأفراد ضمن مؤسسات الدولة، وتعميق التعارف بين أفراد الصف على المستوى العالمى وعلى مستوى النظم السياسية، بتحقيق المشاركة للحركة الإسلامية عامة والإخوان المسلمين فى إدارة شئون البلاد، والدعم والمساعدة فى حل الصراعات والتنازعات فى دول العالم العربى والإسلامى.
كما شملت الأوراق اجتماعات حول استقطاب الطلاب لجماعة الإخوان، واجتماع لمسئولي العمل الطلابي بالجماعة في اسطنبول بتركيا، وأوراق بعنوان إنجازات إتحاد المنظمات الطلابية، وأوراق بعنوان ” خريطة العمل الإخوانى” تضمنت مفاهيم لكيفية عمل الفرد الإخوانى حتى يكون عمله متفقا مع أهداف الجماعة وغاياتها والتى تستهدف الفرد والاسرة والمجتمع ثم الخلافة وصولا لأستاذية العالم، ومحاور التنظيم وكيفية العمل على تطوير الهيكل التنظيمى للجماعة بما يخدم الرؤية والأهداف كجماعة عالمية لها كيان عالمى يعبر عن أفكاره وتتبعه مؤسسات تعمل على تنفيذ مشروعه، وكيفية تطوير وتغيير آليات العمل فى أجهزة التنظيم العالمى وتحويلها إلى آليات إقليمية لتفعيل الإتصال والتواصل بين الأقطار مع بعضها البعض، والعمل على نشر البدائل الإقتصادية الإسلامية فى العالم حتى تتمكن الجماعة من إمتلاك كيانات إقتصادية كبرى، وبشأن محور الأنظمة الحاكمة العمل على دعم ومعاونة الحكومات المنتخبة إنتخابا حرا ديمقراطيا في مصر وتونس، ومساندة التجارب السياسية الناجحة للحركات والأحزاب الإسلامية فى كل من تركيا وأندونسيا.
المصدر : وكالة أنباء الشرق الأوسط