تعقد اليوم قمة السوق المشتركة لدول شرق وجنوب القارة الإفريقية “الكوميسا” في العاصمة الإدارية في توقيت بالغ الأهمية في ضوء التحديات التي فرضتها تبعات جائحة كورونا على الاقتصاد العالمي ومن بينها أعضاء التجمع الأفريقي.
وتأتي القمة تحت شعار “تعزيز القدرة على الصمود من خلال التكامل الرقمي الاقتصادي الاستراتيجي” بهدف تشجيع استخدام أدوات الاقتصاد الرقمي لتيسير ممارسة الأعمال داخل تجمع الكوميسا وتعزيز قدرة الدول الأعضاء على الصمود لمواجهة التداعيات السلبية لجائحة كورونا على اقتصاداتها.
ويتسلم الرئيس عبد الفتاح السيسي، الرئاسة الدورية للتجمع ، كما يطلق الرئيس السيسي، خطة العمل الاستراتيجية متوسطة المدى للفترة 2021 – 2025 للكوميسا، والتي تهدف إلى تعميق الاندماج الاقتصادي والتكامل الإقليمي والتنمية ما بين دول التجمع، وذلك بالتناغم مع اتفاقية منطقة التجارة الحرة للقارة الأفريقية.
وتشهد القمة استعراض عدد من التقارير المهمة حول موضوعات التكامل الاقتصادي ذات الأولوية وموقف جائحة كورونا في الإقليم، والمجلس الوزاري الـ42 لـ”كوميسا” الذي عُقد يوم 9 نوفمبر الجاري، وتقرير وزراء خارجية كوميسا الـ17 الذي انعقد الأسبوع الماضي، وحالة التكامل الاقتصادي في الإقليم، وتقرير الدورة الحالية لـ”كوميسا”، وتقرير مجلس أعمال التجمع،إلى جانب الإعلان عن الفائزين بجوائز التميز الإعلامي والابتكار.
وأكدت السكرتير العام لتجمع السوق المشتركة للشرق والجنوب الافريقي “الكوميسا” تشيليشي كابويبوي في تصريحات بالقاهرة أن تجمع الكوميسا يفخر بترأس مصر للتجمع خاصة وأن الكوميسا في حاجة ماسة الي قيادة حكيمة لدولة عريقة مثل مصر للعبور بأمان من أزمة فيروس كورونا التي عصفت بالعالم أجمع وبالتالي بالقارة الافريقية، لافتة الي ان مصر تعد من اكبر القوى الاقتصادية بالتجمع.
وأضافت أن تحديات الجائحة تمثل دافعاً لدول كوميسا لاستمرار العمل على تعميق التكامل الاقتصادي وتهيئة المناخ لبيئة الأعمال وللقطاع الخاص من خلال تكثيف الجهود المبذولة لتنمية الاستثمارات المشتركة في قطاعات البنية التحتية المختلفة وفي مقدمتها الاتصالات والنقل والمواصلات والطاقة.
وبلغ متوسط معدل النمو الاقتصادي لهذا التجمع 5,6% خلال عام 2019، إلا أن هذا المعدل شهد تراجعاً كبيراً خلال عام 2020 بسبب تبعات جائحة كورونا.
و”كوميسا” هي اتفاقية مشتركة لدول الشرق والجنوب الإفريقي، ويضم التجمع في عضويته 21 دولة هي مصر، والكونغو الديمقراطية، وجزر القمر، وبوروندي، وإريتريا، وجيبوتي، وكينيا، وإثيوبيا، وإسواتيني (سوازيلاند)، ومالاوي، ومدغشقر، وليبيا، وسيشيل، ورواندا، وموريشيوس، وتونس، والسودان، والصومال، وزيمبابوي، وزامبيا، وأوغندا.
وقالت نيفين جامع وزيرة التجارة والصناعة إنه بمجرد انعقاد قمة الكوميسا وتسلم مصر لرئاسة التجمع اليوم سيتم تكثيف اللقاءات على مستوى الخبراء والفنيين لوضع خطة عمل زمنية لتحقيق ما تصبو إليه مصر خلال ترأسها للتجمع.
وأضافت أن مصر ترحب باستضافة قمة الكوميسا الحادية والعشرين وترأسها لتجمع الكوميسا لمدة عام للمرة الثانية، حيث يتضمن ترأسها لتجمع الكوميسا خطط طموحة وواضحة بمعدلات انجاز سريعة لزيادة أوجه التعاون مع دول الكوميسا خلال المرحلة المقبلة.
**ماهي اتفاقية الكوميسا؟
بدأت اتفاقية الكوميسا كمنطقة تجارة تفضيلية تهدف للوصول لإقامة منطقة تجارة حرة بين الدول الأعضاء لتتطور لتصبح اتحادا جمركيا ثم سوقاً مشتركة .
ووفق بيانات جهاز التمثيل التجاري المصري، فقد وقعت مصر على الانضمام إلى اتفاقية السوق المشتركة للشرق والجنوب الأفريقي (الكوميسا) عام 1998 وتم البدء في تطبيق الإعفاءات الجمركية على الواردات من باقي الدول الأعضاء اعتبارا من 1999 على أساس مبدأ المعاملة بالمثل للسلع التي يصاحبها شهادة المنشأ معتمدة من الجهات المعنية بكل دولة.
ووقعت 9 دول من الدول الأعضاء في الكوميسا في 2000 على اتفاقية إنشاء منطقة التجارة الحرة بينها هي ( مصر / وكينيا / السودان / موريشيوس / زامبيا / زيمبابوي / جيبوتي / ملاوي / مدغشقر) ، وإنضمت إليهم رواندا و بوروندي في 2004 حيث تقوم تلك الدول بمنح إعفاء تام من الرسوم الجمركية المقررة على الواردات المتبادلة بينها شريطة أن تكون تلك المنتجات مصحوبة بشهادة منشأ الكوميسا.
ويعد تجمع “كوميسا” أحد تجمعات التكامل الاقتصادي الإقليمية، ويستهدف تحقيق التكامل الاقتصادي بين دول الشمال والشرق والجنوب الأفريقي، من خلال إقامة منطقة تجارة حرة، يتبعها إقامة اتحاد جمركي ثم الوصول إلى مرحلة السوق المشتركة بين الدول الأعضاء.
وقالت هيئة تنمية الصادرات المصرية إن دول الكوميسا تعد تمثل سوقاً رحبة ومتنفساً للعديد من المنتجات المصرية ـمشيرة إلى أهمية الاستفادة من الإعفاءات المتبادلة حيث أن هناك 11 دولة قد انضمت إلى منطقة التجارة الحرة التابعة للكوميسا وتقوم تلك الدول بمنح وارداتها من الدول الأخرى إعفاء تاماً ، بالإضافة إلى قيام مصر بتطبيق مبدأ المعاملة بالمثل مع باقي الدول الأعضاء.
وفي دراسة متخصصة ذكر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزارء أن دول الكوميسا تعتبر من أهم الشركاء التجاريين لمصر داخل القارة الأفريقية، ليسجل حجم التبادل التجاري 3 مليارات دولار عام 2020، ما يعادل نحو60 ٪ من إجمالي قيمة التبادل التجاري المصري مع القارة الإفريقية خلال العام ذاته والذي سجل 5 مليارات دولار أمريكي عام 2020 .
وأوضح المركز أن مصر تحظى في علاقاتها التجارية مع دول الكوميسا بتحقيق فائض تجارى خلال الفترة من (2015- 2020) بلغت قيمته نحو 1.4 مليار دولار أمريكي عام 2020 فقط.
وأضاف ، تعد دول الكوميسا تعد من الأسواق الواعدة للصادرات المصرية، حيث تبلغ قيمة إمكانات التصدير غير المستغلة إلى تلك الدول نحو 1.8 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2025 ، وهو ما يعادل نحو 1.8% من القيمة المستهدفة لتعزيز الصادرات المصرية، كما سجلت إمكانات التصدير غير المستغلة إلى دول الكوميسا نسبة 9% من إجمالي الفرص التصديرية غير المستغلة لمصر بحلول عام 2025 .
**أبرز صادرت مصر لدول الكوميسا
وقالت هيئة تنمية الصادرات المصرية، تتمتع كافة السلع المصرية المصدرة إلى الدول الأعضاء بإعفاء تام من كافة الرسوم الجمركية والرسوم والضرائب الأخرى ذات الأثر المماثل وفقا لنسب التخفيضات التي تقرها كل دولة وعلى أساس مبدأ المعاملة بالمثل.
وأضافت أن أبرز تلك الصادرات ، الدقيق والسجائر والمياه الغازية والصلصة والمربات والعصائر والبسكويت والحلويات والطحينة والزيوت النباتية والصابون والغزول القطنية والمنسوجات القطنية والمنسوجات المخلوطة والقطن الطبي والملابس الجاهزة والتريكو والأحذية الجلدية وأحذية البلاستيك وأحذية القماش وأحذية السفنجات والدهانات (عدا دهانات السفن والسيارات) وأعواد الثقاب والاطارات (عدا إطارات الجرارات والمعدات الزراعية والعجلات والمواتير والرافعات الشوكية والآليات المنفصلة) والبطاريات السائلة والجافة والأكياس البلاستيك والعطور ومستحضرات التجميل وألواح الزنك وأسياخ التسليح والسيارات الصغيرة والخوص والصاج والزوي والثلاجات ومكيفات الماء وأسلاك الكهرباء والكوابل وعلب وصناديق الكرتون والأسمنت والأبواب والشبابيك الخشبية والألومنيوم والأثاث المكتبي.
**مبادرات مصرية
وبدأت مصر في تنفيذ عدد من المبادرات والبرامج لتيسير نفاذ المنتجات المصرية إلى هذا التجمع الافريقي، منها تفعيل اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية والتي دخلت حيز التنفيذ في يناير ٢٠٢١، وتطبيق برنامج جسور التجارة العربية الإفريقية؛ وذلك لرفع وعي المنتجين المصريين بالفرص التصديرية المتاحة وتنظيم لقاءات مع القطاع الخاص في تلك الدول، بالإضافة إلى قيام الشركات المصرية، مثل المقاولون العرب، بتنفيذ عدد من المشروعات لرفع كفاءة البنية التحتية في بعض دول الكوميسا.
فضلاً عن الشروع في تنفيذ مشروع القاهرة-كيب تاون والذي يهدف إلى ربط مصر بالدول الإفريقية من خلال شبكة من السكك الحديدية لتيسير عملية نقل البضائع، وتقليص مدة الشحن إلى 4أيام بدلًا من 28 يومًا.
كما تم، إطلاق أعمال منتدى “وكالات ترويج الاستثمار في إفريقيا: التكامل من أجل النمو” بحضور رؤساء هيئات الاستثمار في ٣٣ دولة إفريقية وعدد من المؤسسات الدولية، وعدد من الوزراء والمسؤولين ورجال الأعمال المصريين والأفارقة بهدف مناقشة عدة موضوعات من أبرزها تعزيز مشاركة القطاع الخاص في أفريقيا، ودور برامج لإصلاح الاقتصادي في تعزيز قدرة البلدان الإفريقية على الصمود في مواجهة التحديات العالمية.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)