بلحية طويلة خضَّبها الشيب، وبالرداء الليبي التقليدي الذي اشتهر به والده، وبنفس اللون الجملي الذي كان يفضله، عاد سيف الإسلام نجل الرئيس الراحل معمر القذافي إلى صدر المشهد مرشحا لخلافة أبيه، في قرار لا يجهل تبعاته وسط محيط تختلط فيه مياه مؤيديه بنيران الرافضين.
وفور إعلان خبر تقديم سيف الإسلام (49 عاما) أوراق ترشحه في مكتب الإدارة الانتخابية بمدينة سبها جنوب غربي ليبيا، ظهر اختلاف الآراء حول ترشحه في الداخل وفي الخارج.
فبالنسبة لخصومه، سارعت وسائل إعلام تابعة لتنظيم الإخوان الإرهابي إلى أخذ تصريح من المتحدث باسم المحكمة الجنائية الدولية بأن مذكرة الاعتقال التي أصدرتها 2011 بحق سيف الإسلام لمحاكمته فيما نُسب إليه من اتهامات بقتل المتظاهرين المعارضين لأبيه في 2011 لا تزال سارية.
وفي مدينة الزاوية غرب البلاد، أعلن ما يسمى بـ”قادة وثوار الزاوية” رفضهم ترشيح من وصفتهم بـ”المطلوبين للعدالة”، ومن بينهم سيف الإسلام، وهددوا في بيان بعدم فتح المراكز الانتخابية داخل المدينة، وبـ”حرب لا نعرف مداها”.
غير أن ما صرحت به الجنائية الدولية وتهديدات الميليشيات يبدو غير مؤثر في الموقف القانوني لسيف الإسلام، حيث أعلنت مفوضية الانتخابات أنه استكمل المسوغات القانونية المطلوبة.
إلا أن سيف الإسلام يظل رقماً صعباً فى المعادلة خاصة مع ما يحظى به من تأييد كبير من القبائل المنتشرة وسط البلاد خاصة مدينة سرت، مسقط رأسه.
كما أن القبائل في ترهونة وبني وليد والشويرف غرب البلاد تسانده، إضافة إلى امتلاكه شعبية في المنطقة من سبها وصولا إلى الجفرة، وفي غات (جنوب غرب) وما يحيطها.
وهذه المناطق معروفة بولائها للنظام السابق حتى أطلقوا على أنفسهم تيار “الخضر” نسبة إلى العلم الأخضر لليبيا في عهد القذافي.
أما على صعيد المواقف الدولية فقد بدا هناك انقسام واضح أيضاً حيث بدت واشنطن صريحة في التعبير عن “امتعاضها”، حيث صرح وزير الخارجية الأمريكي بالإنابة لشؤون الشرق الأدنى، جوي هود بأن “العالم لدية مشكلة” في ترشُّح سيف الإسلام.
وبرر ذلك بأن “الأمر يقرره الشعب الليبي.. لكنه أحد مجرمي الحرب، ومُدرج بموجب قوانين الأمم المتحدة والولايات المتحدة على قائمة العقوبات، ولا يزال خاضعا لمذكرة توقيف معلقة صادرة عن المحكمة الجنائية الدولية”.
فى المقابل ، دعا وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، السبت، إلى إتاحة الفرصة لجميع القوى السياسية للترشح، بما في ذلك “أنصار نظام القذافي” كي تكون الانتخابات “شاملة”.
وبعد نحو عقد من الزمان على تفجر الثورة الليبية وقتل الرئيس معمر القذافي ، أصبح سيف الإسلام الآن أشبه بلغز لليبيين، فعلى مدى سنوات أبقاه مقاتلو الزنتان بعيدا عن الأضواء، ولا يُعرف شيء عن آرائه في الأزمة الليبية.
وفي وقت سابق من العام الجاري، نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” مقابلة معه لكنه لم يظهر حتى الآن علنا لليبيين مباشرة.
ودرس سيف الإسلام في كلية الاقتصاد بجامعة لندن، وهو يتحدث الإنجليزية بطلاقة، واعتبرته حكومات كثيرة في فترة من الفترات وجها مقبولا صديقا للغرب ووريثا محتملا للحكم.
إلا أنه عندما تفجرت الانتفاضة في 2011 على حكم معمر القذافي، اختار سيف الإسلام على الفور انتماءاته الأسرية والعشائرية وفضلها على صداقاته في الغرب، وقال ذات مرة لتلفزيون “رويترز”: “نقاتل هنا في ليبيا وسنموت هنا في ليبيا”.
المصدر : وكالات