فاينانشيال تايمز البريطانية: التسوية بين الاتحاد الأوروبي وبولندا قد يصعب التوصل إليها قريبا
رأت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية في عددها الصادر اليوم الأربعاء أن أي تسوية بين الاتحاد الأوروبي وبولندا ربما لا تظهر قريباً في أفق الأزمة بين الجانبين، رغم استنتاج بروكسل بأن اللحظة الحالية قد لا تكون مناسبة للانفصال عن وارسو.
وذكرت الصحيفة في مستهل تقرير لها نشرته عبر موقعها الرسمي: أن الحكم الذي أصدرته المحكمة الدستورية البولندية في الشهر الماضي، بناءً على توصيات الحكومة المركزية، تسبب في غضب عارم بالعديد من العواصم الأوروبية، لاسيما في الدول الشمالية والليبرالية، معتبرة أن الحكم لا يتوافق مع معاهدات الاتحاد الأوروبي وأصبح أشبه بكرة ثلج تتأرجح في النظام القانوني للكتلة من قبل حكومة بولندية استبدادية مصممة بشدة على سحق استقلال القضاء.
مع ذلك، سلطت الصحيفة الضوء على انقسام البلدان الأوروبية حيال تبني موقف تصالحي مع بولندا وفقا لمقترح المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، واتفقت، بدلا من ذلك، على السماح لرئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، بحمل القضية على عاتقها وحلها من خلال الحوار وضبط النفس، لتُقرر في النهاية تأجيل الموافقة على طلب بولندا للحصول على 36 مليار يورو من أموال صندوق التعافي من تداعيات وباء كوفيد-19، وهو ما يعد في حد ذاته شكلا من أشكال العقوبة، لكنها أحجمت حتى الآن عن اتخاذ إجراءات قانونية جديدة لمحاولة إعادة وارسو إلى المسار الصحيح.
من جانبها، حذرت ميركل من أن الاتحاد الأوروبي بحاجة للخروج من “دوامة اتساع” المواجهة مع وارسو، وقالت:” لا يمكنك حل الخلافات السياسية الكبيرة من خلال المحاكم”، كذلك بدا أن فون دير لاين تفكر بنفس الطريقة. وقال مسئول ألماني رفيع المستوى، في تصريحات خاصة للفاينانشيال تايمز: بالنسبة لكثير من الألمان، لا يتعلق التوحيد الأوروبي بفرنسا وألمانيا فحسب، بل يتعلق أيضًا بالصداقة والشراكة بين الشرق والغرب. ومن الخطأ الاعتقاد أنه يمكنك الضغط على الناس بالمال فقط، لانك لن تنجح إلا إذا سعيت إلى تبني حل وسط بشأن نقاط أخرى، وهذا ما نأمل في أن يتم يوما ما.
وفي هذا، تساءلت “فاينانشيال تايمز” عما إذا كان الاتحاد الأوروبي سيتعلم من تجربة خروج بريطانيا عبر السعي إلى حل وسط مع وارسو؟! وقالت يبدو أن القليل منهم على استعداد لإقامة صلة صريحة بين الحالتين، خشية أن يبدو ذلك بمثابة تأنيب للضمير. وعلى أي حال، تصر الحكومة البولندية على أنها لا تسعى إلى الخروج من الاتحاد الأوروبي، ولكنها حذرت مراراً وتكراراً من عواقب فرض أي عقوبات اقتصادية عليها.
وكانت المفوضية قد هددت بولندا بفرض عقوبات بعد أن قضت المحكمة العليا في البلاد هذا الشهر بأن عناصر أساسية في قانون الاتحاد الأوروبي تتعارض مع دستورها، في حكم مثّل تصعيدًا كبيرًا للمعركة القانونية حول التغييرات في نظام المحاكم في بولندا، والتي يقول حزب القانون والعدالة الحاكم بزعامة موراويكي إنها ضرورية لتعزيز سلطة القضاء، بينما تقول بروكسل إنها تهدد استقلال القضاء والروابط القانونية الأساسية التي تجمع الاتحاد الأوروبي.
وتسبب هذا النزاع في تأخير موافقة المفوضية الأوروبية على حزمة التعافي الاقتصادي لبولندا من تداعيات وباء كوفيد-19 بقيمة 36 مليار يورو، علاوة على دعوات بعض الدول الأعضاء ومسئولين من المفوضية إلى تفعيل آلية جديدة يمكن أن تهدد عشرات المليارات من اليورو التي تُمنح من جانب الاتحاد الأوروبي سنوياً إلى وارسو. وقال هانز كوندناني، مدير برنامج أوروبا في معهد تشاتام هاوس:” إن الطريقة التي يتفاعل بها المؤيدون لأوروبا والبعض في مؤسسات الاتحاد الأوروبي حيال قضية بولندا مماثلة للطريقة التي تعاملوا بها مع تهديد بريطانيا من الخروج من الاتحاد الأوروبي”.
المصدر: أ ش أ