ناقشت صحيفة فايننشال تايمز قضية مسؤولية التصدي للتغير المناخي، وهل هي مسؤولية الحكومات أم الشركات أم كلاهما معا في مقال كتبته جيليان تيت وأندرو إيدجكليف جونسون.
ووصفت الصحيفة القضية بأنها “مزعجة”، إذ ينطلق المقال من فرضية تشير إلى أن هناك إجماعا في عالم المال والأعمال على أن الحكومات فشلت في مواجهة تحدي التغير المناخي، وأنه على القطاع الخاص أن ينهض بمسؤوليته للقيام بهذا الدور.
وإنه لأمر مشجع للغاية أن نرى الشركات الكبرى تولي اهتماما كبيرا لقضايا المناخ، لكن جليان تيت وأندرو جونسون يتساءلان عما إذا كان من الصحي أن نشاهد رجال أعمال غير منتخبين يؤدون هذا الدور مهما كانت دوافعهم بناءة؟
وأشارت الصحيفة إلى أنه رغم اجتماع قادة وزعماء الحكومات من مختلف أنحاء العالم، لم يمنع ذلك مجتمع المال والأعمال من أن يكون له حضور قوي في قمة تغير المناخ في جلاسكو. واتجه عدد كبير من الرؤساء التنفيذيين للشركات الكبرى حول العالم إلى هناك هذا الأسبوع علاوة على إصدار تكتل من مجموعات أعمال من الولايات المتحدة، أوروبا، وكندا، والمكسيك، وأستراليا “دعوة لاتخاذ إجراء” تحث السياسيين على العمل معا من أجل “تسعير الكربون” وغيره من القضايا ذات الصلة بالتغير المناخي.
وتسعير الكربون يشير إلى إحدى وسائل التصدي للتغير المناخي عبر آليات تتضمن فرض رسوم أو ضرائب على انبعاثات الكربون بهدف الحد منها وما تسببه من أضرار للبيئة.
وبينما من المفترض أن يكون أطراف هذه القمة حكومات يجري من يمثلونها في المؤتمر محادثات حكومية دولية، لوحظ حضور قوي لرجال أعمال ورؤساء تنفيذيين في القمة إلى حدٍ اضطر عددا من ممثلي الحكومات إلى النزول في أماكن إقامة في أدنبره على بعد ساعة من غلاسكو نظرا لعدم وجود غرف في فنادق المدينة التي احتلها رجال أعمال من جميع أنحاء العالم.
لذا رجحت الصحيفة ألا يكون الإجراء المحتمل اتخاذه نتيجة لهذه القمة من قبل الحكومات، إذ تشير توقعات إلى أنه قد يأتي من قلب عالم الأعمال.
ويأتي الوفد الأمريكي إلى هذا التجمع الدولي خاوي الوفاض، مقدما القليل من العروض الضعيفة. كما تحضر الصين وروسيا على وجه الخصوص دون تقديم شيء يُذكر، وفقا للفايننشال تايمز.
وعلى النقيض مما حدث قبل قمة المناخ في باريس عام 2015 من اجتماعات ومشاورات دبلوماسية أجلست قادة وزعماء دول العالم على طاولة مفاوضات القضايا المناخية ذات الاهتمام الدولي في مقدمتها التغير المناخي، لم تحدث تلك الجولات الدبلوماسية والأنشطة الحكومية قبل قمة تغير المناخ في جلاسكو، وفقا للمقال.
واللافت للأنظار أنه مقابل تقاعس الحكومات المشاركة في القمة هناك نشاط مفرط من قبل الشركات ومؤسسات الأعمال، خاصة شركات القطاع المالي. ويتجلى هذا النشاط الأربعاء المقبل الذي يطلق عليه “يوم الشركات والقطاع المالي” في قمة جلاسكو، والذي يرجح أن تسبقه دفعات من التصريحات الهامة من قبل تلك المؤسسات غير الحكومية.
وبالفعل، رأينا سيلا من التصريحات التي أعلن الكثير من الشركات عبرها قبيل “كوب26” تعهدات بخفض انبعاثات الكربون وغيرها من الإجراءات التي تحدث عنها مسؤولو الشركات الخاصة ورموز مجتمع الأعمال، وذلك إضافة إلى البيان الذي وجهه تحالف القادة المعنيين بالمناخ من الرؤساء التنفيذيين للشركات إلى زعماء العالم بعنوان “لن نستطيع أن نفعل ذلك وحدنا”.
رغم ذلك، على أي رئيس تنفيذي لشركة يفكر في أن يستند إلى أرضية أخلاقية فيما يتعلق بقضايا المناخ أن يطلع على نتائج مسح أجرته مؤسسة إليدمان للعلاقات العامة بمشاركة 14000 شخص من 14 دولة.
وأشارت نتيجة المسح إلى أن 29 في المئة من المشاركين فقط يرون أن الشركات عليها أن تمسك بزمام الأمور في التعامل مع التغير المناخي، وذلك مقابل 46 في المئة من المشاركين في استطلاع الرأي يرون أن ذلك مسؤولية الحكومات.
وربما يكون أسوأ ما في نتيجة هذا المسح هو أنه بعد تعهدات شركات ومؤسسات الأعمال في القطاع الخاص الصديقة للبيئة في السنوات الأخيرة، لا يزال عدد من يثقون في الحكومات فيما يتعلق بالقدرة على مواجهة التغير المناخي أكبر بكثير ممن يثقون في الشركات الخاصة.
وربما يتعارض ذلك مع نتائج استطلاعات رأي أخرى أجرتها إلدمان أشارت إلى أن الشركات في القطاع الخاص بصفة عامة تحظى بقدر أكبر من ثقة الناس مقارنة بالحكومات.
المصدر: وكالات