انتقد الرئيس الأمريكي جو بايدن بشدة خلال قمة دول رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) التي عقدت الأربعاء افتراضيا، بمشاركة رئيس الوزراء الصيني لي كيكيانغ، “الإجراءات القسرية والاستباقية” التي تقوم بها الصين عبر مضيق تايوان، واعتبر أنها “تهدد السلام والاستقرار الإقليميين”.
وردت بكين على أحدث انتقاد موجه من الولايات المتحدة في سياق المواجهة المستمرة بين القوتين العالميتين، بالقول إن تايوان “لا تملك الحق” في الانضمام إلى الأمم المتحدة بعدما حضت واشنطن على مشاركة أكبر للجزيرة في المنظمة الأممية.
قالت الصين الأربعاء إن تايوان “لا تملك الحق” في الانضمام إلى الأمم المتحدة بعدما حضت الولايات المتحدة على مشاركة أكبر للجزيرة في المنظمة الأممية، ما أثار توترا يمكن أن يتصاعد خاصة بعد الانتقادات الأخيرة التي وجهها الرئيس الأمريكي جو بايدن لبكين.
ووجه بايدن كلاما قاسيا إلى الصين خلال قمة دول رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) التي عقدت افتراضيا، إذ قال لقادة دول المنطقة بمن فيهم رئيس الوزراء الصيني لي كيكيانغ إن بلاده “تشعر بقلق عميق حيال الإجراءات القسرية والاستباقية التي تقوم بها الصين عبر مضيق تايوان”. وتابع بايدن في جلسة مغلقة إن مثل هذه الأعمال “تهدد السلام والاستقرار الإقليميين”، وفق تسجيل لتصريحاته اطلعت عليه وكالة الأنباء الفرنسية. وتعد تصريحاته أحدث انتقاد موجه من الولايات المتحدة إلى الصين في المواجهة المستمرة بين القوتين العالميتين.
من جهة ثانية، وفي بيان بمناسبة مرور 50 عاما على تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة على تقديم مقعد لبكين وإخراج تايبيه، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الثلاثاء إنه يأسف لاستبعاد تايوان بشكل متزايد عن الساحة العالمية. وقال بلينكن “نظرا إلى أن المجتمع الدولي يواجه عددا غير مسبوق من القضايا المعقدة والعالمية، من المهم في مكان ما أن يساعد جميع المعنيين في معالجة هذه المشكلات. ويشمل ذلك 24 مليون شخص يعيشون في تايوان”.
وتابع المسؤول الأمريكي أن “مشاركة تايوان الهادفة في نظام الأمم المتحدة ليست قضية سياسية بل براغماتية”. مضيفا “لهذا السبب، نشجع كل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على الانضمام إلينا في دعم مشاركة قوية وهادفة لتايوان في نظام الأمم المتحدة برمته وفي المجتمع الدولي”.
في المقابل، ردت بكين على بيان بلينكن مؤكدة موقفها بأن حكومة تايوان ليس لها مكان على الساحة الدبلوماسية العالمية. وقال ما شياوغوانغ الناطق باسم مكتب شؤون تايوان في بكين خلال إيجاز إعلامي “الأمم المتحدة منظمة حكومية دولية تتألف من دول تتمتع بسيادة”، مشددا على أن “تايوان جزء من الصين”.
ولطالما دعت الولايات المتحدة إلى انخراط تايوان في نشاطات الأمم المتحدة. إلا أن البيان الأخير يضيف إلى تصعيد الخطاب الدبلوماسي والمواقف العسكرية بشأن تايوان.
وتسجل الصين بانتظام رقما قياسيا في عدد طلعات الطيران الحربي قرب الجزيرة. وردا على سؤال الأسبوع الماضي حول احتمال حصول تدخل عسكري أمريكي للدفاع عن تايوان في حال تعرضها لهجوم من الصين، رد بايدن إيجابا قائلا “نعم لدينا التزام في هذا الصدد”. لكن سرعان ما تراجع البيت الأبيض عن هذه التعليقات بعد تحذيرات من الصين، استمرارا لسياسة الولايات المتحدة المعتمدة منذ فترة طويلة والمسماة “استراتيجية الغموض” التي تساعد واشنطن بموجبها تايوان في بناء دفاعاتها وتعزيزها دون التعهد صراحة بتقديم مساعدتها في حال حدوث هجوم.
وكانت الولايات المتحدة قد قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع تايبيه في 1979 للاعتراف ببكين ممثلا رسميا ووحيدا للصين. لكن واشنطن لا تزال أقوى حليف لتايوان ومزودها الأول بالأسلحة، لا بل إن الإدارة الأمريكية ملزمة من الكونغرس ببيع الجزيرة أسلحة لتمكينها من الدفاع عن نفسها.
وأكد بلينكن الثلاثاء مجددا أن الولايات المتحدة ما زالت تعترف ببكين فقط، لكنه شدد على المؤهلات الديمقراطية للجزيرة التي يسكنها 23 مليون نسمة. وقال ههنا إن “تايوان شريك أساسي للولايات المتحدة وتشكل نجاحا ديمقراطيا. نحن من بين العديد من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة التي تعتبر تايوان شريكا أساسيا وصديقا موثوقا”. كما أشار وزير الخارجية الأمريكي إلى استبعاد تايوان من الاجتماعات المرتبطة بمنظمة الطيران المدني الدولي ومنظمة الصحة العالمية. لافتا إلى أنه تم الإشادة بتايوان لاستجابتها “العالمية” لوباء كوفيد-19 الذي نجت الجزيرة نسبيا من تداعياته بعد اتخاذها إجراءات مبكرة، وإلى أن عشرات الملايين من الركاب يمرون عبر المطارات التايوانية كل عام.
بدورها، رحبت رئيسة تايوان تساي إنغ-وين بتصريحات بلينكن. وكتبت على تويتر “نحن ممتنون لدعم الولايات المتحدة لتوسيع المشاركة الدولية لتايوان”. مضيفة “نحن على استعداد للعمل مع جميع الشركاء ذوي التفكير المماثل للمساهمة بخبرتنا في المنظمات والآليات والأحداث الدولية”.
وأكدت رئيسة تايوان تساي إنغ-وين وجود عدد صغير من القوات الأمريكية في الجزيرة للمساعدة في التدريبات العسكرية مضيفة أنه لديها “ملء الثقة” بأن الجيش الأمريكي سيدافع عن البلاد في حال تعرضها لهجوم صيني. وفي مقابلة مع شبكة “سي إن إن” الأمريكية، وصفت تساي تايوان بأنها “منارة” إقليمية للديمقراطية تواجه بلدا مجاورا استبداديا عملاقا، مشيرة إلى أن التهديد الصيني يتزايد “كل يوم”.
ولدى سؤالها عن عدد القوات الأمريكية الموجودة في تايوان أجابت تساي “ليس العدد الذي يعتقده الناس”. وأوضحت “لدينا تعاون واسع النطاق مع الولايات المتحدة بهدف زيادة قدرتنا الدفاعية”. وفي سؤال عما إذا كانت واثقة من أن الولايات المتحدة ستساعد في الدفاع عن تايوان إذا لزم الأمر في مواجهة الصين أجابت تساي “لدي ملء الثقة” في ذلك.
وفي حديث مع نواب الخميس، قال وزير الدفاع التايواني تشيو كيو-تشنغ إن هناك تواصلا منذ فترة طويلة بين القوات الأمريكية والتايوانية. مضيفا “لدينا تبادل أفراد وسيكون (الجنود الأمريكيون) هنا من أجل تعاون عسكري، لكن ذلك يختلف، بحسب تعريفي، عن وجود ’قوات متمركزة‘ هنا”.
وتعتبر بكين تايوان التي فر إليها القوميون المهزومون في البر الرئيسي نهاية الحرب الأهلية الصينية عام 1949، مقاطعة تابعة لها.
المصدر: أ ف ب