كأنها “عدوى سياسية” تنتشر بين القارات، فمن انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان، إلى إعلان فرنسا تخفيض قواتها في مالي، ثم الآن جاء الدور على قوات بعثة السلام التابعة للاتحاد الإفريقي “أمصيوم” التي تنوي مغادرة الصومال، وهو ما ينذر بخطر شديد.
ويهدد هذا الأمر في حال حصوله بأن تلحق الصومال بمصير أفغانستان، لجهة وقوعها في قبضة المنظمات المتشددة مع انهيار الحكومة الشرعية، وفق ما يعتقده البعض في الصومال.
وبحسب ما رصدته تقارير أمنية وسياسية، فإن القوات الدولية في البلدان الثلاثة لم تحقق الهدف المرجو منها، وهو إنهاء الإرهاب وإعادة بسط سيطرة القوات الحكومية على أراضي البلاد كافة.
والثلاثاء، ذكر تقرير معهد الدراسات الأمنية الأفريقية (ISS) أنه من المقرر أن تنسب قوات “أمصيوم” في 31 ديسمبر المقبل، مما ينذر بعودة حركة “الشباب”، المرتبطة بتنظيم القاعدة، االتي تزداد تغلغلا في مؤسسات الدولة، بما فيها الأمنية، مستغلة الطابع العشائري للمجتمع.
وقُتل 20 شخصا وجُرح 40 في اشتباكات بين القوات الصومالية والحركة قبل ثلاثة أيام، وهو ما يزيد الضغوط على القوات الحكومية؛ كونها تخوض هذا الشهر أيضا معارك مع تنظيم “أهل السنة والجماعة” الصوفي المسلح في إقليم جلمدغ بوسط البلاد.
وبعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال مهمتها مكافحة تمرد حركة الإرهابية وتقوية القوات الحكومية، وتضم قوة قوامها أكثر من 19 ألف جندي وألف شرطي، إلا أنها لم تحقق كل أهدافها، وذلك في تكرار لما حصل في أفغانستان ومالي؛ حيث لم تنجح القوات الأميركية ولا الفرنسية في القضاء على الإرهاب والتطرف في البلدين.
ولفت تقرير معهد الدراسات الأمنية الإفريقية إلى أن حركة الشباب عززت قدرتها القتالية وتتمركز في جميع مناطق الصومال.
ويظهر تدهور الوضع في تعذر إجراء الانتخابات؛ حيث أعلن رئيس الوزراء محمد حسين روبلي، في يونيو الماضي جدولا لإجراء الانتخابات الرئاسية في 10 أكتوبر الجاري، لكنها لم تتم.
وبدورها، أشارت مجموعة الأزمات الدولية في سبتمبر الماضي إلى أن حركة الشباب تقدم خدمات أفضل من الحكومة، محذرة من أن عودة طالبان لحكم أفغانستان زاد جرأة حركة الشباب.
وهذه الجرأة معززة بقوة مادية، فتقول المجموعة إن دراسة صدرت في عام 2020 قدرت عائدات الحركة المالية بـ 15 مليون دولار شهريا، كما أنها رسخت وجودها في الريف، بينما تمس إدارة الظل الخاصة بها جميع المراكز الحضرية.
وعودة لتقرير معهد الدراسات الأمنية الإفريقية الذي يطرح 3 خيارات وردت في توصيات للأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي حول مستقبل بعثة “أمصيوم”، ومن أبرز هذه الخيارات:
الخيار الأول: هو رحيل “أمصيوم” ونقل مسؤولياتها إلى قوات الأمن الصومالية.
والثاني: استبدال البعثة بالقوة الاحتياطية لشرق إفريقيا، وأطلقت عليها الأمم المتحدة اسم “تحالف إقليمي خاص”، لكن هذه النصيحة ليست مؤثرة؛ لأن جميع المساهمين بقوات في البعثة هم من شرق إفريقيا.
والخيار الثالث: استبدال بعثة “أمصيوم” بمهمة تحقيق الاستقرار بقيادة الأمم المتحدة، والرابع هو استبدال البعثة بعملية مختلطة بين الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، أما الخامس والأخير فهو تخفيض عدد البعثة مع تمكين قوات الأمن الصومالية من تولي المسؤولية.