قال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر إن ذكرى المولد النبوي الشريف تهل علينا معانقة ذكرى ملحمة نصر أكتوبر المجيد، تلك الملحمة الخالدة التي ملأتنا ولا تزال تملؤنا بمشاعر الفخر والاعتزاز بجيش مصر العظيم الذي فاجأ العالم بما لم يكن في الحسبان من نصر كاسح أذهل المعتدين وحطم أساطيرهم وردهم على أعقابهم خاسرين.
وأضاف شيخ الأزهر – في كلمته خلال احتفال وزارة الأوقاف بذكرى المولد النبوي الشريف – أن الاحتفال بالمولد النبوي احتفال من نوع آخر مختلف، أنه احتفال بالنبوة والوحي الإلهي والكمال الإنساني في أرفع درجاته وفي أعلى منازله، احتفال بالخلود في أرقى مظاهره وتجلياته، احتفال بالتشبه بأخلاق الله تعالى قدر ما تطيقه الطبيعة البشرية.
وأشار إلى أن كل ذلك تمثل في طبائع الأنبياء والمرسلين الذين عصمهم الله من الذلل والانحراف وحرس سلوكهم من ضلالات النفس وغوايات الشياطين، وفطر ظاهرهم وباطنهم على الحق والخير والرحمة.
وأكد شيخ الأزهر أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد بلغ في هذه المعارج المتعالية شأوا بعيدا، حتى أطلق عليه الإنسان الكامل من فرط ما استوعبه استعداده الشريف من سمو في الفضائل والخلق والأدب الرفيع، لافتا إلى أن ما يؤكد ذلك ما ذخرت به مصنفات الشمائل المحمدية من أوصاف لا يمكن أن تجتمع لإنسان إلا إذا كان من هؤلاء الذين هيأهم الله لهذه الأوصاف وأعدهم للتحلي بحلاها.
وعدد شيخ الأزهر الأوصاف الشريفة للرسول صلى الله عليه وسلم، ومنها أنه لم يكن غليظ الطبع ولا فاحشا في قوله وعمله ولا متفحشا ولا صخابا يرفع صوته في الطرقات والأسواق، ولم يكن يجزي السيئة بالسيئة، ولكن يعفو ويصفح، وما ضرب بيده شيئا قط إلا أن يجاهد في سبيل الله، ولا ضرب خادما ولا امرأة.
كما عدد صفات الرسول صلى الله عليه وسلم وأنه كان يعظم النعمة، ويخدم نفسه ويمسك لسانه ويكرم كريم كل قوم، ويختلط بالناس ويحترس منهم، وكان مجلسه مجلس علم وحياء وصبر وأمانة، وكان يحفظ حق الغريب.
وقال شيخ الأزهر إن الرسول – صلى الله عليه وسلم – كان لا يجادل أو يتعالى على أحد ولا يذم أحدا ولا يعيبه ولا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابه وكان يصبر للغريب على جفائه في كلامه، وكان يمازح أصحابه، ويزور المرضى في أقصى المدينة، مشيرا إلى أن الرسول كان لا يهمه متاع الدنيا وزينتها، وكان يقول صلى الله عليه وسلم “ما لي وما للدنيا؟ ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها”.
وذكر شيخ الأزهر قول الكاتب والناقد الإنجليزي برناردشو حول أخلاق رسول الله “إن أوروبا الآن بدأت تدرك حكمة محمد وبدأت تعشق دينه وأن أوروبا سوف تبرئ الإسلام مما اتهمته به من أراجيف رجالها ومفكريها في العصور الوسطى، وسيكون دين محمد هو النظام الذي تؤسس أوروبا عليه السلام والسعادة وتستند على فلسفته في حل المعضلات وفك المشكلات وفك العقد.. ويقول أيضا ما أحوج العالم اليوم إلى رجل كمحمد ليحل القضايا المعقدة بينما هو يتناول فنجانا من القهوة”.
وأضاف: “إننا نحتاج اليوم إلى عودة الهدي المحمدي لإنقاذ عالمنا ومجتمعات المسلمين أنفسهم من الأوضاع اللا إنسانية ممن يزعمون انصياعهم لتعاليم النبي الكريم، بينما هم يقتلون الأبرياء ويحولون بيوت الله إلى ساحات حرب تزهق فيها الأرواح وتنثر الأشلاء وتستباح الحرمات، مشيرا إلى أن الخروج من هذه الأوضاع لا يتحقق إلا بإحياء صحيح هذا الدين الحنيف والتأسي بالرسول الكريم وترسيخ هديه وسنته”.
في ختام كلمته، وجه شيخ الأزهر التهنئة إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي في ذكرى المولد النبوي الشريف، ومعربا عن أمله أن يتحقق على أيديه آمال البلاد والعباد
وأن يحفظه لمصر.
المصدر : أ ش أ