ترك الانقطاع المفاجئ للشبكة الاجتماعية “فيسبوك”، ومنصات إنستجرام وواتساب وماسنجر، وحتى نظام الاتصالات الداخلية للشركة “وورك بليس”، ملايين الأشخاص في أنحاء العالم بشكل غير متوقع بدون تطبيقاتهم الاجتماعية الأساسية التي يعتمدون عليها يومياً، مما أثار ردود فعل متباينة، وتقديرات بخسائر في الاقتصاد العالمي تتجاوز 100 مليون دولار لكل ساعة توقف.
وبرغم عودة الخدمات عقب 6 ساعات تقريبًا، استفادت المنصات الاجتماعية الأخرى من الوضع السيئ للفيسبوك، فقد أبلغت منصة “سيجنال”، للمراسلة عبر الإنترنت التي توفر تشفيرًا شاملاً، عن ارتفاع في عمليات الاشتراك في خدمتها، كما تدفق الملايين إلى تويتر للتعبير عن ردود فعلهم التي مثّلت فوضى عارمة وتباينت بين تشجيع ومزاح وامتعاض والدعوة لعودة الخدمة.
وعلَّق حساب تويتر الرسمي في تغريدة “مرحبًا بالجميع حرفيًا”، في إشارة واضحة إلى حقيقة أنَّ مستخدمي فيسبوك وماسنجر وواتساب يتدفقون إلى منصات وسائط اجتماعية بديلة بينما يتعذر الوصول إلى الخدمات المملوكة لفيسبوك.
ومزح الكثيرون على تويتر حول انهيار المجتمع بسبب وقوف الخدمة الاجتماعية التي يعتمد عليها ما يقرب من ثلاثة مليارات شخص في حياتهم اليومية، بينما انتقد آخرون موقع فيسبوك لتسهيل انتشار المعلومات المضللة وإذكاء الانقسامات الاجتماعية – وهي الممارسات التي نددت بها الموظفة السابقة والمُبَلِغة عن المخالفات فرانسيس هوغن الأحد الماضي.
وتأتي هذه الانقطاعات بعد يوم واحد فقط من مقابلة مدتها 60 دقيقة مع الموظفة الحالية في فيسبوك فرانسيس هوغن، التي كشفت أنها المخبر وراء مجموعة من الوثائق المسربة التي توضح بالتفصيل قضايا السلامة العامة مع الشركة، وزعمت فرانسيس في المقابلة أن فيسبوك قام قبل الأوان بإلغاء تنشيط بعض الضمانات التي تهدف إلى منع انتشار المعلومات المضللة والمحتوى المسيء، بعد فترة وجيزة من الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2020، بجانب السماح لنخبة من المستخدمين المهمين بانتهاك قواعد السلامة مما عرض آخرون للخطر.
وعن تبعات هذا الانقطاع على الشركة، أفادت منظمة “نتبلوكس” لمراقبة الأمن السيبراني والحوكمة أنَّ فترة التوقف عن العمل اليوم هي “أعنف انقطاع مسجل على فيسبوك”، برغم أنه ليس الأول ولا الأطول مدة، وتُقدِّر المنظمة أنَّ الاقتصاد العالمي تكبّد 160 مليون دولار من الخسائر لكل ساعة يتعطل فيها فيسبوك وإنستجرام وواتساب، بينما تتجاوز الخسارة مليار دولار بالنسبة لعائدات شركة فيسبوك.
وبالنسبة لمؤسس فيسبوك والرئيس التنفيذي مارك زوكربيرج، فقد ذكر موقع بلومبرج أنه خسر سبعة مليارات دولار بسبب عمليات بيع في سوق الأسهم بسبب توقف الخدمة، وكانت الشركة تعاني بالفعل من انخفاض في قيمة أسهمها بعد التقرير المُسرّب لفرانسيس هوغن بأن فيسبوك تختار بشكل روتيني “الربح على السلامة”؛ وأغلقت متراجعة بنحو 4.9%.
ومع ذلك، قد يمثل انخفاض الإيرادات بمقدار 100 مليون دولار أو أكثر خلال أي فترة زمنية حدثًا ماليًا مثيرًا للقلق بالنسبة للعديد من الشركات، أما بالنسبة إلى فيسبوك، التي حققت أرباحاً تجاوزت 85 مليار دولار في 2020، فهذه الخسارة بمثابة قطرة في بحر التي من المحتمل أن يتجاهلها المستثمرون.
ووفقًا لصحيفة “ذا نيويورك تايمز”، لم يقتصر تأثير المشكلة على أدوات التواصل عبر الإنترنت والبريد الإلكتروني على فيسبوك فحسب، بل منع الانقطاع الموظفين على ما يبدو من دخول المكتب فعليًا بسبب عدم عمل نظام الشارات، وأرسل فيسبوك “فريقًا صغيرًا” إلى أحد مراكز بياناته في كاليفورنيا لإعادة تعيين خوادمه يدويًا.
وحول سبب الانقطاع، أفادت “منظمة “نتبلوكس” بأن مقاييس الشبكة تشير إلى حدوث انقطاع في الاتصال على الشبكة المستقلة AS32934 المملوكة لفيسبوك، والتأثير الأكثر وضوحًا هو فقدان “خادم الأسماء” الموثوق، مما يعيق الخدمات العامة للشركة.
لكنها ذكرت أنه لم يتم تحديد السبب الجذري للحادث بعد، على الرغم من وجود مؤشرات على أن مسارات بروتوكول البوابة الحدودية (BGP) -المسؤولة عن اتخاذ قرارات التوجيه بحسب المسار والسياسات المُعتمدة في الشبكة- ربما تم سحبها أو تغييرها؛ مما تسبب في تأثير غير مباشر على “خادم الأسماء” والخوادم الأخرى اللازمة للوصول إلى الخدمات، وترجح أن سبب ذلك قد يكون التهيئة الخاطئة للخادم أو مشاكل مركز البيانات، من بين مشكلات أخرى.
فقد أعلن فيسبوك عن خطط لدمج منصاته في عام 2019؛ مما أثار مخاوف بشأن مخاطر مركزيّة منصات التواصل الاجتماعي، فبرغم أن هذه المركزية تمنح الشركة رؤية موحدة لعادات استخدام الإنترنت للمستخدمين، ولكنها أيضًا تجعل الخدمات عرضة لنقاط فشل فردية.
وأوضحت شركة فيسبوك نفسها في منشور سبب الانقطاع قائلة: “عَلِمَت فرقنا الهندسية أن تغييرات التكوين على أجهزة التوجيه الأساسية التي تنسق حركة مرور الشبكة بين مراكز البيانات لدينا تسببت في حدوث مشكلات أدت إلى قطع هذا الاتصال، وكان لهذا الاضطراب في حركة مرور الشبكة تأثير متتالي على طريقة اتصال مراكز البيانات لدينا، مما أدى إلى وصول خدماتنا للتوقف”.
يُذكر أنَّ هذه ليست المرة الأولى التي تتوقف فيها خدمات فيسبوك، إذ تعرضت الشبكة الاجتماعية أيضًا لانقطاع طويل في عام 2019 استمر أكثر من 14 ساعة، الذي قالت إنه نتيجة “تغيير تكوين الخادم”.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)