أوساط الرئيس نجيب ميقاتي تقول، إنه إذا ووجه بسلبية من قِبل الرئيس ميشال عون وفريقه، فسوف يقدم على الاعتذار عن عدم تأليف الحكومة محملاً هذا الفريق المسؤولية، خصوصاً أن ميقاتي (حال اعتذاره)، سيعود إلى جمهوره تحت شعار«رئاسة الحكومة، وحقوق السنة ليست للمساومة»
اليوم الخميس سيتوجه رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي إلى القصر الجمهوري في بعبدا للقاء الرئيس ميشال عون، ومتابعة البحث في موضوع تشكيل الحكومة العتيدة، بعدما عجز الاثنان عن التفاهم على صيغة لتجاوز الإشكالية المطروحة حول المداورة في الحقائب السيادية وخصوصاً حقيبة وزارة الداخلية كونها ستشرف على الانتخابات النيابية في شهر مايو المقبل، أي بعد تسعة أشهر، وكذلك الخلاف على وزارة العدل وهي سيادية بامتياز.
انفراجات جديدة
فالآمال التي علقها اللبنانيون على تكليف ميقاتي، والأجواء الإيجابية التي واكبت التسمية والتي أراحت سوق الصرف (تراجع سعر صرف الدولار أكثر من خمسة آلاف ليرة)، وفتحت الباب أمام انفراجات أخرى على أكثر من صعيد، تراجع منسوبها، بمجرد لقاء يوم الاثنين الماضي في بعبدا لم يسفر عن أي نتيجة ملموسة، وإشارة الرئيس ميقاتي إلى أن مهلة التأليف ليست مفتوحة، وليفهم من يريد أن يفهم، بمعنى أنه سيقدم على الاعتذار، وهو أمر سيرتب نتائج قد تكون كارثية على الوضع اللبناني بشكل عام.
هذه الأجواء أعادت الاضطراب إلى الأسواق، واستغل المتلاعبون بالدولار العبارة الأخيرة للرئيس المكلف، من أجل رفع سعره بوتيرة جنونية وغير منطقية، مما أعاد البلبلة إلى صفوف الرأي العام الذي كان يتطلع إلى ولادة الحكومة قبل الذكرى السنوية لتفجير مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس وما أدت إليه من ضحايا وجرحى وخسائر كبيرة تفوق الوصف في الممتلكات.
االأوساط القريبة من الرئيس نجيب ميقاتي تؤكد أنه راغب في تشكيل الحكومة، وهو قبل أن يحمل كرة النار لأنه مقتنع بوجوب تشكيلها وضرورة إبصارها النور قريباً، لأن المجتمع الدولي ينتظر الاستقرار السياسي ليبدأ بضخ المساعدات إلى لبنان، بدليل انعقاد مؤتمر باريس، واستعداد البنك الدولي لصرف مبلغ يزيد على 850 مليون دولار، وأن هذا الأمر يفتح الباب واسعاً أمام تدفق المساعدات الخارجية. وتضيف أوساط الرئيس المكلف أن تشكيل الحكومة وما سيلي من انخفاض حاد في سعر صرف الدولار، وعودة الحياة إلى الدورة الاقتصادية المشلولة حالياً بفعل عوامل عديدة متراكمة منذ سنوات أبرزها قضايا الفساد المستشري بعمق في البنية اللبنانية، تجعل من الرئيس ميقاتي منقذاً، ويصبح المتقدم بين المتسابقين على وراثة الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل الذي عجز عن تأليف الحكومة بعد تسعة أشهر من تكليفه بسبب الخلاف الكبير بينه وبين رئيس الجمهورية ميشال عون، وبالتالي مع تكتل لبنان القوي الذي يرأسه النائب جبران باسيل.
المبادرة الفرنسية
ويؤكد هؤلاء أن ميقاتي حذر جداً من تبديل قواعد اللعبة من خلال الذهاب إلى مبدأ المداورة الذي نادت به المبادرة الفرنسية، ويصر عليها فريق رئيس الجمهورية بحيث لا تعود وزارة المال من حصة الشيعة ولا وزارة الداخلية من حصة السنّة، ولا وزارة العدل من حصة المسيحيين. لأن الوضع السياسي لا يسمح بذلك في ظل الظروف الراهنة والمعقدة طائفياً، ولا يمكن الخروج عن الخطوط التي كان رسمها الرئيس سعد الحريري لدى تكليفه، مخافة أن يواجه بحملة في الوسط السنّي وخصوصاً نادي الرؤساء الذي يضم إلى جانب ميقاتي، سعد الحريري وفؤاد السنيورة وتمام سلام، بأنه قدم للرئيس ميشال عون ما سبق أن رفض سلفه المكلف تقديمه. ومع ذلك، فهو منفتح بالنسبة للحقائب الأخرى، وأكثر انفتاحاً بالنسبة إلى الأسماء المرشحة لتولي الوزارات على اختلافها. وأنه على استعداد للتفاهم على هوية الشخص الذي سيرشح لوزارة الداخلية، ولا مانع من أن يسميه رئيس الجمهورية ميشال عون شرط أن يكون من الطائفة السنيّة، وأن يكون ترشيحه لهذا المنصب قابلاً للأخذ والعطاء، لكن الرئيس عون لا يزال حتى الساعة متمسكاً ب«المحاصصة» تحت شعار حقوق المسيحيين ويؤيده في ذلك كتلة نواب التيار الوطني الحر برئاسة جبران باسيل.