تصاعدت حدة استهداف أبراج نقل الطاقة الكهربائية في العراق، لتصل إلى العاصمة بغداد، بعد أن تركزت سابقا في محافظات مثل ديالى والأنبار، وهو تطور يصفه مختصون بالشأن الأمني، بـ”التحول الخطير الذي يستوجب استنفار المؤسسات العسكرية”.
وبرز ملف الطاقة الكهربائية في العراق خلال الأيام القليلة الماضية، إلى الواجهة، مع الارتفاع الشديد في درجات الحرارة، والاستهداف المتكرر لأبراج النقل في المناطق النائية، مما تسبب بالانهيار التام للمنظومة مطلع الشهر الجاري، واستقالة وزير الكهرباء ماجد الحنتوش.
وخلال اليومين الماضيين، شهدت مناطق بالعاصمة بغداد، استهدافا لأبراج نقل الكهرباء، لأول مرة، منذ بدء تلك العمليات، مما أثار استغراب المتابعين للأوضاع الأمنية، خاصة في ظل التقارير الدولية، التي تتحدث عن تنامي نفوذ داعش في بعض مناطق البلاد.
وبهذا، تزداد المخاوف من إمكانية تنفيذه عمليات من التنظيم الإرهابي في قلب العاصمة العراقية.
وفي آخر عمليات الاستهداف، أعلنت خلية الإعلام الأمني، الثلاثاء، إحباط عملية تفجير أحد الأبراج الرئيسية التي تربط بغداد ومحطة القدس الكهربائية.
وقالت الخلية في بيان: “مفارز وكالة الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية في وزارة الداخلية، أحبطت عملية تفجير أحد الأبراج الكهربائية الرئيسية التي تربط بغداد ومحطة القدس”.
وأوضحت أنه “بناءً على معلومات استخبارية بشأن نية عناصر داعش الإرهابي تفجير أحد الأبراج الرئيسية التي تربط بين بغداد ومحطة القدس الكهربائية في منطقة الوزيرية، تم تشكيل فريق عمل على ضوء المعلومة، وبالتنسيق مع الفرقة الأولى بالشرطة الاتحادية، تم إحباط هذه المحاولة وضبط 8 عبوات مزروعة على ركائز البرج الـ4 وتفكيكها من قبل الجهد الفني”.
وتشير بيانات رسمية، صدرت عن وزارة الداخلية العراقية، إلى أنه منذ مطلع العام الحالي، وحتى يوليو الجاري، تعرض أكثر من 100 برج للتخريب، فضلا عن 50 خطا لنقل الطاقة.
ولا تتمكن القوات العراقية، بشكل دائم من إحباط تلك الهجمات، إذ غالبا ما تمضي الجهات المنفذة لعمليات التخريب، وتتمكن من إسقاط تلك الأبراج، وهو ما حصل الأحد الماضي، عندما تعرض برج للطاقة جنوب شرقي بغداد إلى تفجير بالعبوات.
وقالت وزارة الكهرباء في بيان إن “خط نقل الطاقة الكهربائية (أمين – شرق بغداد رقم 2) التابع للشركة العامة لنقل الطاقة الكهربائية للمنطقة الوسطى تعرض إلى عمل إرهابي تخريبي بتفجير عبوات ناسفة أدت إلى تضرر البرج المرقم (36) وانحناء البرج”.
كما تعرض في اليوم ذاته، برج لنقل الطاقة في منطقة النهروان جنوب شرقي العاصمة، إلى تفجير بعبوة ناسفة، وذلك عقب تظاهرات احتجاجية شهدتها المنطقة.
وواجه العراقيون بغضب عارم استهداف مجموعات مسلحة “مجهولة” العديد من محطات إنتاج الكهرباء وخطوط نقلها وأبراج الطاقة الرئيسية.
وأشار مراقبون إلى وجود مشروع متكامل للجهات المستهدِفة، تتوخى زيادة الضغوط على المواطنين العراقيين، وخلق رابط وتبعية للعراق بإيران في مجال الحصول على الطاقة الكهربائية.
بدوره، ذكر ضابط في وزارة الداخلية العراقية، أن “ملف استهداف أبراج الطاقة، يشهد تكتيكات نوعية، بشكل متكرر، إذ استُخدمت في بادئ الأمر عبوات ناسفة فقط، لكننا اليوم نواجه مخاطر جديدة، وتطور في تلك العمليات، مثل تفخيخ الأبراج بالأحزمة الناسفة، وتوجيه الصواريخ إلى الأبراج لإسقاطها بالكامل”.
واضاف الضابط أن “آخر تلك التكتيكات هي استخدام قناصين في استهداف أسلاك الطاقة، عبر قنصها وقطعها، خاصة تلك التي تحظى بأهمية كبيرة، وتوفر الكهرباء لمحافظات كاملة، مما يعني قطع الطاقة عن تلك المدن، وصعوبة إصلاحها، من قبل الكوادر المختصة”.
وأشار إلى أن “الخطة الجديدة التي أعلنت القوات الأمنية عنها، ما زالت في طور البدء، وقد تحد ولو بشكل نسبي من تلك العمليات، لكنها لن تقضي عليها نهائيا”.
وما زالت تلك العمليات تؤرق السلطات العراقية، وزادت من التحديات الأمنية أمامها، فيما ألمح رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، إلى إمكانية وجود جهات سياسية ربما تورطت في ذلك، أو شجعت عليه.
وقال الكاظمي خلال جلسة مجلس الوزراء، الثلاثاء: “وطنيتنا لا تتقبل فكرة أن يتعمّد العراقي قتل أخيه من أجل هدف سياسي، ولعنة الله على كل منفعة أو منصب تجعل الإنسان يستهتر ويستخف بدم أخيه، ولعنة الله على كل منفعة سياسية أو مادية تسخط الإنسان لتجعله أداة يفجر أبراج الكهرباء؛ من أجل إثبات وجهة نظره، وإفشال العاملين من أجل وطنهم”.
وأضاف: “عندما تنجرف السياسة بعيدا عن المبدأ الأخلاقي والالتزام الإنساني، فسنكون تحت سيطرة مبدأ شريعة الغاب بعينها، لن نتسامح مع الفاسدين أو المتلاعبين بأرواح المواطنين أياً كانت صفاتهم أو انتماءاتهم”.
من جانبه، قال عضو اللجنة الأمنية في مجلس محافظة بغداد (المنحل) سعد المطلبي، إن “ما يحدث يمثل تطورا خطيرا، إذ اقتربت الهجمات من العاصمة بغداد، مما يعني أنه على الجهات المختصة الإسراع في اتخاذ الإجراءات الأمنية المشددة، لحماية تلك الأبراج، لكنه في الوقت ذاته، مؤشر واضح على الاختلافات السياسية، مع قرب موعد الانتخابات”.
ورأى المطلبي “ضرورة إطلاق عمليات أمنية، واسعة، في ظل المؤشرات على تزايد تلك العمليات، المهددة للاقتصاد العراقي، باعتبار الطاقة من أهم تلك الروافد”.