شهدت العاصمة الليبية طرابلس خلال الأسابيع الأخيرة، صراع ميليشيات يأخذ منحى تغيرات استراتيجية في المواقع والنفوذ، وسط تساؤلات عن كونه صراعا حقيقيا أم تكتيكا عسكريا للميليشيات، تحسبا لنتائج انتخابات 24 ديسمبر المقبل، ليكون بمثابة تكرار لسيناريو الانقلاب على نتائج الانتخابات التشريعية في 2014.
وشهدت مدينة الزاوية بالقرب من العاصمة طرابلس، مساء الأحد، اشتباكات مسلحة بين ميليشيات تعرف بــ”الفار”، بقيادة محمد باحرون الملقب بـ”الفار”، وميليشيا “النصر” التي يقودها محمد كشلاف القصب، المعروف بـ”إمبراطور التهريب”، وميليشيا “الكابوات” بقيادة المدعو “روبي”، بالقرب من مصفاة الزاوية وجزيرة الركينة.
واسُتخدمت في تلك الاشتباكات، الأسلحة المتوسطة والثقيلة، في تكرار لأحداث وقعت قبل أيام.
كذلك أقدمت الميليشيات على إغلاق الطرق بجانب معسكر اليرموك جنوبي العاصمة طرابلس، وسط توتر أمني أشعل اصطداما مسلحا بين الميليشيات.
وفي نهاية يونيو الماضي، أقدمت ميليشيات الزاوية بقيادة “الفار”، أحد قادة الميليشيات المقربة من الإخواني خالد المشري، رئيس ما يعرف بـ”المجلس الأعلى للدولة”، بشن هجوم على مدينة العجيلات غربي ليبيا، ضمن مخطط تركي إخواني لتأسيس “حزام ميليشياوي” في طرابلس، وإبعاد الميليشيات التي لا تدين بالولاء للتنظيم وتركيا.
ووقعت اشتباكات دموية بين ميليشيات “الفار” وميليشيات محمد بركة الملقب بـ”الشلفوح”، وهي أبرز الميليشيات الموجودة في مدينة العجيلات.
وميليشيات “الفار” المطلوب على ذمة قضايا إرهاب، تتمركز في مدينة الزاوية، بينما تتمركز ميليشيات محمد بركة الملقب بـ”الشلفوح” في مدينة العجيلات.
صراع أم تكيتك عسكري؟
ويرى مراقبون أن تكرار الاشتباكات بين ميليشيات طرابلس، إلى جانب كونه يحمل جانبا من صراع النفوذ والقوى داخل بنية الميليشيات ومشغليهم، فإنه أيضا قد يشكل تكتيكا عسكريا وإعادة تموضع لهذه الميليشيات، تحسبا لأي تغيير في المشهد الليبي، مع الإعلان عن إجراء الانتخابات الرئاسية في 24 ديسمبر المقبل.
ودلل مراقبون على أنه في مايو الماضي، أقدمت ميليشيات مسلحة على اقتحام مقر المجلس الرئاسي، في فندق كورنثيا، للمطالبة بإقالة وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش، اعتراضا على تصريحاتها التي طالبت فيها بإخراج المرتزقة الأجانب والقوات الأجنبية من ليبيا، وهو ما اعتبرته الميليشيات استهدافا لحليفها التركي.
وهدد قائد ما يعرف بـ”مليشيا 166″ محمد الحصان، المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية بنشر عناصر المليشيات بشكل واسع في العاصمة طرابلس، والسيطرة على نقاط حيوية من بينها وزارات، من أجل إجبار السلطات على تنفيذ مطالبهم.
وأوضح مراقبون أن سيناريو اقتحام فندق “كورنثيا” والتلويح الدائم بتحرك عسكري، إذا أقدم “الرئاسي” والحكومة الوطنية على إي إجراء يهدد مصالحهم، يعد “تأكيدا على استعداد الميليشيات لإحراق العاصمة”.
وتشير تقديرات غير رسمية، إلى أن هناك أكثر من 300 مجموعة مسلحة في ليبيا، بعضها تتبع تنظيم الإخوان والقاعدة وداعش والجماعة الليبية المقاتلة، وأخرى جهوية وعرقية، وثالثة تتبع شخصيات قيادية في طرابلس.
ولفت محللون إلى أن الميليشيات “جاهزة لتنفيذ عملية انقلاب على نتائج الانتخابات المقبلة، كما حدث بعد نتائج الانتخابات التشريعية في 2014”.
وبعد خسارة الإخوان والتيارات المتشددة المتحالفة معها انتخابات 25 يونيو 2014، والتي نجح مرشحو التيار الوطني والليبرالي بالفوز فيها بأغلبية المقاعد، قامت ميليشيات طرابلس، التي تعرف بـ”ائتلاف فجر ليبيا”، بالانقلاب على نتائج الانتخابات.