ذكرت دورية “ديفينس نيوز” المتخصصة في الشأن العسكري، أن وزارة الدفاع الأمريكية (بنتاجون) تدرس خطة عمل تستهدف تشكيل قوة مهام بحرية دائمة في منطقة المحيط الهادئ (الباسيفيك) وتكوين إدارة عمليات عسكرية مخصصة للمنطقة؛ بهدف التصدي لتنامي القوة العسكرية الصينية في المنطقة.
وقالت مصادر وثيقة الصلة بالنقاشات التي تدور بشأن تشكيل قوة الباسيفيك البحرية الدائمة، إن الخطة تعد تطويراً لـ”مجموعة عمل الصين” التابعة لوزارة الدفاع التي أمر الرئيس الأمريكي جو بايدن بتشكيلها في مارس الماضي لصياغة سياسات الإدارة الجديدة تجاه بكين، كما أنها ستتيح لوزير الدفاع الأميركي تخصيص أموال إضافية وموارد للتعاطي مع مشكلة الصين.
ونقلت دورية “ديفينس نيوز” عن تلك المصادر، التي طلبت عدم الإفصاح عنها، قولها إن المبادرتين اللتين لم يُنته صياغتهما بعد، “ستمنح جو بايدن قوة تفاوضية مؤثرة عند الحديث مع الصين، كما تبعثان برسالة مفادها أن الإدارة الأمريكية الجديدة جادة في التصدي لمواصلة بكين حشد قوتها العسكرية وسلوكها العدائي في منطقة الباسيفيك”، على حد تعبيرها.
جاءت تلك الأنباء في أعقاب التأييد المتزايد الذي أبداه قادة حلف “الناتو” لمساندة واشنطن في “حالة المواجهة” التي تتبناها تجاه الصين. فبعد أربعة أعوام من وضع إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الصين على قمة أولويات السياسة الخارجية لبلاده، خرج حلفاء “الناتو” الأسبوع الماضي بإعلانهم أن بكين تمثل “تحدياً أمنيا” وقالوا إن “الصينيين يعملون على الإضرار بالنظام العالمي”.
كانت “مجموعة عمل الصين” التابعة للبنتاجون، التي تشكلت في مارس الماضي بقيادة إيلي راتنر، المرشحة لتولي مسؤولية رسم سياسة البنتاجون لمنطقة “الإندو-باسيفيك”، انتهت من أعمالها وقدمت توصياتها إلى وزير الدفاع، لويد أوستين.
وشدد مصدر عسكري مسؤول في تصريحات لدورية “ديفينس نيوز” على أن أياً من الخطط التي اقترحتها وتصورتها “مجموعة عمل الصين” تم الانتهاء منها، قائلاً “ننظر في عدد من المقترحات بشأن منطقة الإندو- باسيفيك وفي الوزارة بوجه عام، لتحقيق التناغم والتنسيق لأنشطتنا بشكل أفضل”.
وقال المصدر، الذي اشترط عدم ذكر اسمه للتعليق على خطط لم تُحسم بعد، “لكن، كما قال الوزير، لقد حان الوقت للشروع في العمل، وهناك المزيد من التفصيلات والنقاط التي لازالت يجري العمل عليها ولم تنته بعد”.
ويرى المسؤول السابق في البنتاجون أثناء إدارة ترامب، إلبريدج كولبي، الذي يترأس حاليا ما يعرف بـ”مبادرة الماراثون”، أن المبادرات المطروحة لن تكون بمنزلة “عصا سحرية” لحل مشكلة الصين، لكن الجهود ستكون علامة مشجعة تفيد بأن البنتاجون يلتزم بتحريك الموارد من الشرق الأوسط لدعم الاحتياجات في منطقة الباسيفيك.
ويقول إلبريدج “إن مجموعة العمل والعمليات المقترحة تعني بالنسبة لي أنهم يعتزمون تعزيز الحيوية والقوة في القوات الموجهة لغربي الباسيفيك”.
وأفادت المصادر المقربة من النقاشات الدائرة في البنتاجون في تصريحات لدورية “بوليتيكو”، بأن قوة العمل البحرية ستؤسس على غرار ما شيده حلف “الناتو” وأطلقها في أوروبا أثناء الحرب الباردة تحت مسمى “القوات البحرية المهيأة للأطلنطي”. هذا الأسطول الصغير كان بمنزلة قوة تدخل فورية يمكنها الاستجابة سريعاً والتدخل حال اندلاع أزمة، لكنها أمضت معظم وقتها في دوريات حول المنطقة للمشاركة في تدريبات مجدولة فضلاً عن أداء خدمات لبعض المواني. وكان يضم ما بين 6 و10 قطع حربية تنتمي لبلدان الناتو- من بينها مدمرات، وفرقاطات، وسفن حربية معاونة- وكانت تلتحق تلك القطع بالقوة لأكثر من ستة أشهر.
وقال المحلل في مجموعة “تيليموس” الاستشارية، ومؤلف كتاب “كيف تزود وتحتفط بقوة بحرية”، جيري هيندريكس، إن قوة العمل البحرية الأوروبية ساعدت الدول الأعضاء في “تعظيم نفوذها في البحر وتخصيص استثماراتها بصورة فورية ومتزامنة”، لافتا إلى أن إيجاد قوة العمل فعالة للباسيفيك ستتضمن أيضاً حلفاء أوروبيين مثل بريطانيا وفرنسا، اللتين كثفتا من حضورهما البحري في الباسيفيك، إضافة إلى اليابان وأستراليا”.
وأشار هيندركس إلى أن المبادرة المقترحة سوف تكون “رادعاً لأنها ستظهر توحد الجهود في مواجهة التهديدات الصينية المتزايدة لحرية الملاحة البحرية وحرية التجارة إلى جانب مطالباتها بأقاليم بحرية واسعة”.
وقالت المصادر إنه ليس من الواضح حتى الآن ما إذا كانت قوة العمل البحرية سوف تتضمن سفناً أمريكية فقط، أم أن جيوشاً أخرى ستنضم إليها.
ويدرس مسؤولون يعملون في شؤون السياسة الصينية في البنتاجون إنشاء إدارة عمليات عسكرية خاصة بالباسيفيك تكون قادرة على القيام بمهام التخطيط الرسمي لوزير الدفاع، وعلى تقديم موازنة إضافية إلى جانب حشد الموارد لمساندة هذه الجهود، وفق ما أكدته المصادر.
المصدر : أ ش أ