سبع سنوات قد تبدو قصيرة في عمر التاريخ وفى عمر مصر لكنها كانت كافية ليدرك العالم أن مفاتيح حلول قضايا منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا تبقى فى عهدة مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، مثلما أدرك المجتمع الدولى أن السهام المصوبة نحو أعداء السلام وأعداء شعوبنا العربية وفى القلب منه الشعب المصرى محفوظة فى كنانتها، فمصر وحدها بقوتها العسكرية والدبلوماسية هى مفتاح السلام وهى درع أمتها الذى لا يلين ولا ينكسر.
سبع سنوات فقط كانت كافية ليدرك الشعب المصرى أن قوة دولتنا وسياستها الخارجية واستعادة مكانتنا الدولية مرتبطة أولا وقبل كل شيئ بقدرة قيادتنا السياسية على تخطيط وتنفيذ رؤية شاملة طموحة لسياسة داخلية ناجحة تستند لحشد الشعب دوماً نحو البناء والتعمير والعمل والإنجاز.
دائرة أهداف دبلوماسية الرئيس عبد الفتاح السيسى الواثقة تبدو كل يوم أكثر اتساعا ، ولا يخلو يوم دون أن تسجل سياستنا الخارجية فيه هدفا جديدا فى مرمى جديد بمعدلات تصويب بالغة الدقة والتعقيد.
ولم يكن مستغربا فى هذا الإطار أن تتسع رقعة وعمق صداقات وتحالفات مصر إقليميا ودوليا مثلما لم يكن مستغرباً لمن يملكون البصيرة السياسية أن يدركوا أنه وحتى أولئك الذين ناصبونا العداء فى بدايات عهد الرئيس السيسى جاؤوا إلينا بعد سبع سنوات يعلنون رغبتهم فى العودة لمربع الأصدقاء بعدما تيقنوا من صدق نوايانا ومصداقية ونبل رؤيتنا وقبل كل ذلك من قوة مصر العسكرية وتماسك جبهتها الداخلية والتفاف شعبها حول قيادته.
ومنذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى مقاليد الحكم فى البلاد فى يونيو ٢٠١٤ حققت الدبلوماسية المصرية انطلاقات جديدة تعزز وترسخ ثقل مصر ودورها المحورى إقليميا ودوليا واستعادة مكانتها ودورها لصالح شعبها العظيم، واستمد نجاح أداء الدبلوماسية زخما إيجابيا من رؤية القيادة السياسية للحقائق الدولية والإقليمية وتحديدها الواضح للأهداف، والتفاعل المباشر والواضح على المستوى الرئاسي مع القضايا الإقليمية والدولية كافة، إدراكا لكون تحديد صانع القرار السياسي للأهداف والمبادئ التي تحكم تحركات السياسة الخارجية أهم عناصر نجاحها.
ثوابت السياسة الخارجية المصرية رسخها الرئيس السيسى الذى تولى مقاليد الحكم فى مصر بعد ثورة الشعب المصري العظيم بمختلف أطيافه في الثلاثين من يونيو.
ندية واحترام متبادل وشراكة وقرار وطنى مستقل، محددات السياسة الخارجية التى رسمها الرئيس السيسى فى خطاب التنصيب فى يونيو 2014، والذي أكد فيه أن مصر بما لديها من مقومات يجب أن تكون منفتحة فى علاقاتها الدولية، وأن سياسة مصر الخارجية ستتحدد طبقا لمدى استعداد الأصدقاء للتعاون وتحقيق مصالح الشعب المصرى، وأنها ستعتمد الندية والالتزام والاحترام المتبادل وعدم التدخل فى الشؤون الداخلية كمبادئ أساسية لسياساتها الخارجية فى المرحلة المقبلة، انطلاقاَ من مبادئ السياسة الخارجية المصرية، القائمة على دعم السلام والاستقرار في المحيط الإقليمي والدولي، ودعم مبدأ الاحترام المتبادل بين الدول، والتمسك بمبادئ القانون الدولي، واحترام العهود والمواثيق، ودعم دور المنظمات الدولية وتعزيز التضامن بين الدول، والاهتمام بالبعد الاقتصادي للعلاقات الدولية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير.
وبالفعل.. وعلى مدى السنوات السبع حصدت مصر بقيادة الرئيس السيسى ثمار سياستها الخارجية الجديدة بالحصول على مقعدٍ غير دائم في مجلس الأمن وترؤس لجنة مكافحة الإرهاب بالمجلس، وترؤس القمة العربية، والجمع بين عضوية مجلس السلم والأمن الأفريقي ورئاسة لجنة رؤساء الدول والحكومات الأفريقية المعنية بتغير المناخ، واختيارها لرئاسة الاتحاد الأفريقي كما توثقت علاقات مصر بدول العالم وقواه الكبرى.
ثمار تعكسها أنظار العالم التى تتجه صوب مصر دوماً كلما تصاعدت حدة الأزمات والقضايا التى تشهدها المنطقة أو عندما يبحث المجتمع الدولى عن صوت الحكمة لإدراك الجميع أن الحلول لابد وأن تمر عبر القاهرة وقيادتها.
مشاركة مصرية رفيعة من جانب الرئيس السيسي، ومن هذا المنطلق جاءت الزيارات الخارجية المتعددة والمنسقة التي قام بها الرئيس عبدالفتاح السيسي، على مدى السنوات الماضية وحرصه على المشاركة في القمم والمحافل الإقليمية والدولية بخلاف زياراته الثنائية لدول العالم لتصب فى مصلحة مصر سياسيا واقتصاديا بل وفى مصلحة محيطها الجغرافى انطلاقا من المسؤولية التى حملتها مصر على عاتقها منذ فجر التاريخ.
وبرزت جليا في هذا الإطار المواقف الثابتة التي تتبناها الدبلوماسية المصرية، خاصة حيال القضايا الإقليمية في الشرق الأوسط وعلى رأسها الاوضاع فى سوريا وليبيا واليمن والعراق.
وفيما تفرض التحديات نفسها الاقليمية والدولية، تظل القضية الفلسطينية تحتل مكانتها على رأس الأولويات المصرية، للإيمان المصري الراسخ بحق الشعب الفلسطيني في الحصول على حقوقه المشروعة المسلوبة وإقامة دولته المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
ومنذ انتخابه لم يالو الرئيس السيسى جهدا من خلال اتصالاته الدولية واجتماعاته مع قادة العالم وايضا زياراته الخارجية فى التاكيد على ضرورة حل القضية الفلسطينية حلًا عادلًا وتشديده على ضرورة اتخاذ التدابير كافة، من قبل المجتمع الدولي لإنهاء هذا الصراع وتمكين الفلسطينيين من العيش بحرية وكرامة، وأيضا تشديده على استعداد مصر لبذل الجهود كافة في هذا الإطار.
انخراط فى الجهود الدولية لدعم الفسلطينيين عكسها ما بذلته الدبلوماسية المصرية بعد أيام قليلة منذ تولى السيسى الحكم فى عام ٢٠١٤؛ فعقب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في صيف 2014، نظمت مصر بالتعاون مع الحكومة النرويجية “مؤتمر القاهرة حول فلسطين: إعادة إعمار غزة” يوم 12 أكتوبر 2014 لرفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني وإزالة آثار العدوان، حيث تمكن المؤتمر من حصد نحو 5.4 مليار دولار كمساعدات دولية لفلسطين.
وجاء التدخل المصرى الفعال خلال الحرب الأخيرة التى شهدها قطاع غزة لتحقيق الهدنة بين الفلسطينيين والإسرائيليين ليعطى شهادة نجاح وتفوق للسياسة الخارجية التى يقودها الرئيس السيسى.. حيث كشفت تلك الأحداث إخفاق كل القوى الكبرى والاقليمية المعنية فى وقف النار لتتمكن مصر من التوصل الى الاتفاق لوقف إراقة دماء الأشقاء الفلسطينيين، وهو الأمر الذى عكس مجددا قدرة وقوة مصر على ممارسة التاثير والنفوذ على كافة أطراف النزاع.
جهود مضنية بذلتها مصر واتصالات مكثفة مع كافة الأطراف المعنية لوقف معاناة الشعب الفلسطينى وضمان تمتعه بحقوقه المشروعة تكللت بالنجاح فى وقف إطلاق النار، ولم تقف مصر عند هذا الحد بل وبتوجيهات من الرئيس السيسى قامت مصر بفتح معبر رفح لنقل المصابين من أبناء الشعب الفلسطينى لتلقى العلاج وضمان وصول المساعدات الانسانية ، كما اعلن الرئيس السيسى عن تخصيص ٥٠٠ مليون دولار لإعادة إعمار قطاع غزة.
رؤية مصرية ثاقبة للخروج من الأزمة تتأسس على أربعة محاور أعلن عنها وزير الخارجية سامح شكرى وتتضمن تثبيت وقف إطلاق النار، دفع آفاق التسوية السياسية بإطلاق مفاوضات جادة تهدف إلى التوصل إلى الحل العادل والشامل للقضية الفلسطينية على أساس المرجعيات الدولية وإنهاء الاحتلال الاسرائيلى وإنشاء الدولة الفلسطينية المستقلة، تقديم الدعم الإنسانى اللازم في هذه الأزمة، وأخيرا ضرورة تحمل المجتمع الدولى مسؤوليته كاملة.
وتواصل وزارة الخارجية وبتوجيهات من القيادة السياسية الدفع قُدماً بالموقف المصري الثابت من القضية الفلسطينية، ودعم كافة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق، وذلك في كافة الاتصالات مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية، وكذا داخل المحافل الدولية استناداً إلى القرارات الأممية والمرجعيات الدولية ذات الصلة، فضلاً عن مساندة دور المنظمات الإقليمية والدولية الداعمة للحقوق الفلسطينية.
وتهدف الدبلوماسية المصرية بتنسيق وتناغم كاملين مع جهاز المخابرات العامة إلى خلق المناخ الملائم والأرضية المناسبة بغية الدفع بإعادة إحياء عملية السلام على أساس حل الدولتين والمبادرة العربية للسلام ومقررات الشرعية الدولية ذات الصلة، وصولاً إلى استعادة الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني، وعلى رأسها إقامة دولة فلسطينية مُستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وفى سياق آخر، لم تالو السياسة الخارجية المصرية جهدا على مدار السنوات السبع الماضية لوضع نهاية لمعاناة الشعب الليبى الشقيق، وتحركات مُكثفة للدولة المصرية مثّلت نقطة تحول فارقة في مسار الأزمة الليبية، عبر “إعلان القاهرة” الذي أعاد لُحمة معسكر الشرق الليبي، وكان بمثابة دعوة صريحة للتمسك بالحل السياسي للأزمة ووقف العمليات والتصعيد العسكري، وهو ما أكد عليه السيد رئيس الجمهورية خلال خطابه في قاعدة “سيدي براني” العسكرية يوم 20/6/2020 الذي تضمن تحديد الخط الأحمر المصري (سرت/الجفرة) داخل ليبيا، الأمر الذي أعقبه قيام مصر بتكثيف الاتصالات والاجتماعات مع كافة الأطراف الإقليمية والدولية المعنية للبناء على المساعي المصرية، وكذلك مع العديد من الأطراف الليبية لحثهم على العودة للمسار التفاوضي من أجل التوصل لتسوية شاملة للأزمة الليبية والتصدي لكافة أشكال التدخلات الخارجية الهدّامة بها.
وكانت مصر قد وضعت الأزمة المريرة والأوضاع المتردية التي شهدتها الشقيقة ليبيا، في مقدمة أولويات سياستها الخارجية، نظرا لعمق العلاقات التاريخية والاستراتيجية التي تربط البلدين، وهو ما أكدته القاهرة من خلال مبادرتها التي سبق وأن أطلقتها وعبرت فيها عن موقفها الثابت والواضح من تطورات الأوضاع في ليبيا، والتي ارتكزت على ثلاثة مبادئ تكمن فى احترام وحدة وسيادة ليبيا وسلامة أراضيها، عدم التدخل في الشؤون الداخلية لليبيا، الحفاظ على استقلالها السياسي، علاوة على الالتزام بالحوار الشامل ونبذ العنف.
مبادرة ورؤية جسدت التزام مصر من خلال دعمها لدور المؤسسات الشرعية للدولة، وعلى رأسها مجلس النواب، وتأكيدها على ضرورة إعادة بناء مؤسسات الدولة بما فيها الجيش، والشرطة، فضلا عن استعدادها لتقديم المساعدة للحكومة الليبية في جهودها لتأمين وضبط الحدود مع دول الجوار وفق برنامج متكامل، مشددة على أهمية الدعم الدولي فيما يتعلق بالمساعدة في محاربة الإرهاب وتأهيل مؤسسات الدولة بالتعاون مع دول الجوار.
وفى هذا الاطار استضافت مصر وعقدت العديد من الاجتماعات مع مختلف الأطراف الليبية، وخاصةً البرلمانيين الليبيين، وكذا القوى الإقليمية والدولية المعنية بالأزمة في ليبيا، فضلاً عن المشاركة بالمؤتمرات الإقليمية والدولية حول ليبيا، بهدف تناول الجهود المصرية الرامية لاستعادة الأمن والاستقرار هناك، والانخراط في عملية برلين في إطار السعي نحو إيجاد حل شامل يتضمن التعامل مع كافة عناصر الأزمة الليبية من النواحي السياسية والأمنية والاقتصادية وغيرها، وبما يسمح بالتوصل إلى تسوية مُستدامة للأزمة، ويُحافظ على وحدة ليبيا وسلامة أراضيها، بالإضافة إلى تنظيم مؤتمر لزعماء القبائل الليبية بهدف التوصل إلى حل سلمي يدعم الاستقرار ويسهم في دفع جهود التنمية والتعاون في شتى المجالات، فضلا عن محاربة الإرهاب.
وفي إطار حرصها على العمل على استعادة الأمن والاستقرار في ربوع ليبيا، قامت مصر بتشكيل اللجنة الوطنية المعنية بالأزمة الليبية.
وجاءت التحديات التي فرضتها تطورات الأزمة السورية واتصالها الوثيق بالأمن القومي المصري والعربي لتدفع بالقضية السورية لصدارة أولويات تحركات السياسة الخارجية المصرية.
وعملت مصر وما زالت جاهدةً على دعم جميع السُبل الرامية لإنهاء معاناة الشعب السوري الشقيق ووضع نهاية للصراع مع التأكيد على ضرورة الحفاظ على كيان الدولة السورية ومؤسساتها والعمل على استعادة الأمن والاستقرار في ربوع البلاد وبين أطياف الشعب كافة، وحرصت مصر على إنجاح مهمة مبعوث الأمم المتحدة تنفيذا لمخرجات مؤتمر جنيف ومجلس الأمن 2254.
وانطلاقاً من ثوابت الموقف المصري المتوازن إزاء الأزمة السورية، تحرص مصر على السعي نحو دعم جهود التوصل إلى تسوية سياسية، مع التأكيد على أهمية الحفاظ على وحدة واستقلال وسيادة الأراضي السورية وضمان أمن وسلامة الشعب السوري واستقرار وتماسك الدولة السورية بمؤسساتها الوطنية.
كما حرصت مصر على المشاركة فى العديد من الاجتماعات الدولية المعنية بالأزمة ومن بينها اجتماعات اللجنة المصغرة الدولية المعنية بسوريا على المستويين الوزاري وكبار المسؤولين، مع تواصل مساعيها الرامية إلى حث القوى الدولية والأطراف السورية على دفع المسار السياسي ممثلاً في عملية جنيف مع عمل اللجنة الدستورية باعتبارها المحطة الأولى للتسوية السياسية اللازمة للأزمة السورية.
كما تواصل مصر على الصعيد الإنسانى جهودها في استضافة اللاجئين السوريين، حيث يتم تقديم كافة أوجه الدعم والامتيازات لحصول الأشقاء السوريين في مصر على الخدمات الأساسية في مختلف المجالات، وخاصةً التعليم والصحة شأنهم شأن المواطنين المصريين.
وفيما يتعلق بالوضع في اليمن أكدت مصر دوما مساندتها للشرعية اليمنية، وتابعت تطورات القضية اليمنية منذ ثورة فبراير 2011 وما شهدته البلاد من عدم استقرار أمني وسياسي، باعتبارها من أولويات السياسة الخارجية المصرية في ضوء خصوصية العلاقات بين البلدين والتي يظل البعد الاستراتيجي والأمني عنصرا أساسيا في منظومتها.
وارتكز الموقف المصري دائما على دعم وحدة الأراضي اليمنية والترحيب بقرارات الأمم المتحدة كافة ومجلس الأمن الصادرة بشأن اليمن، فضلا عن تأييد التسوية السلمية وإجراء حوار وطني من أجل التوصل لحل توافقي.
وشددت مصر على أهمية التزام جميع الأطراف السياسية اليمنية بمواصلة الحوار السياسي برعاية أممية على أساس المبادرة الخليجية، وآلياتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني، واتفاق السلم والشراكة الوطنية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة باعتبارها السبيل الوحيد لحل أزمات البلاد الحالية، وهو ما تجسد في استقبال الرئيس السيسي لنائب رئيس الجمهورية اليمنية، ورئيس مجلس الوزراء خالد بحاح في يوليو 2015، وكذلك لقاء رئيس الوزراء المصري مع بحاح خلال زيارة الأخير للقاهرة في يونيو 2015 .
وبعد مرور سبع سنوات على تولى الرئيس السيسى قيادة مصر، تواصل الدبلوماسية المصرية جهودها من أجل رفعة الوطن وحماية مصالحه ومصالح الدول الشقيقة وفقا لرؤية ثاقبة للمشهد الإقليمي، فمصر قلب العروبة النابض ستظل رغم التحديات كافة، الدولة التى لا تمر الحلول للأزمات إلا عبرها.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)