قد يستغرق تطوير عقاقير جديدة لعلاج الأمراض سنوات أو عقوداً، وهو وقت لا نملكه عندما يتعلق الأمر بعلاج المرضى المصابين بـ«كوفيد – 19»، لذا توصل باحثو جامعة نورث إيسترن الأميركية إلى طريقة أخرى لاكتشاف علاجات للمرض، عن طريق البحث في الأدوية الموجودة بالفعل.
وبعد النظر في جميع الأدوية المتاحة حالياً للمرضى لعلاج عدد لا يحصى من الأمراض الأخرى، حددوا الآن أربعة منافسين أقوياء لعلاج «كوفيد – 19»، وهو ما ذكره الفريق في العدد الأخير من دورية «وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم».
وتقول ديزي مورسيلي جيسي، المؤلف الرئيسي للورقة البحثية الجديدة، في تقرير نشره الموقع الإلكتروني لجامعة نورث إيسترن الأميركية، أول من أمس: «لا يمكن للجميع الحصول على لقاح، فالدواء الذي يمكن أن يقتل الفيروس أو يمنعه من التكاثر سيكون مفيداً».
ويعد النظر إلى الأدوية الحالية نهجاً أسرع وأرخص بكثير من تطوير شيء جديد، لأن الأدوية موجودة بالفعل وهي معتمدة بالفعل بشكل عام من قبل السلطات التنظيمية، لذلك يمكن وضعها مباشرة في التجارب السريرية لاختبار ما إذا كان بإمكانها العمل على التغلب على المرض الجديد، ولكن القيام بذلك مقابل كل دواء على حدة في السوق ليس فعالاً للغاية، لأن هناك الآلاف.
لهذا السبب طبقت جيسي وزملاؤها نهج الطب الشبكي لمسح قاعدة بيانات للأدوية الموجودة بحثاً عن الخصائص التي قد تجعلها جيدة في علاج «كوفيد – 19»، وفحص الفريق شبكة التفاعلات الخلوية التي تحدث عندما يثبت الفيروس المسبب لـ«كوفيد – 19» نفسه في جسم الإنسان، وتم استخدام هذه المعلومات لمعرفة الأدوية الموجودة التي قد تعطل هذه العملية. وباستخدام الذكاء الاصطناعي وأدوات علوم الشبكات الأخرى، صنّف الباحثون نحو 7000 دواء واختاروا 918 لمزيد من الفحص لتحديد ما إذا كانت ستكون علاجات قابلة للتطبيق لعلاج «كوفيد – 19»، وبعد ذلك، تم إحضار أفضل المتنافسين إلى الاختبار.
وفي المختبر، تم اختبار 918 دواءً لعلاج «كوفيد – 19» في خلايا القرد الأخضر أولاً، وبعد ذلك، تم اختبار أفضلها أداءً في تجارب أجريت على الخلايا البشرية. من بين تلك الأدوية التي تم فحصها، حالت 6 عقاقير دون تكاثر الفيروس (وبالتالي قتله) دون قتل الخلايا البشرية.
ويقول الباحثون إن أربعة من هذه الأدوية الستة يمكن إعادة استخدامها بشكل عملي ومن المحتمل نشرها كعلاج لمرضى «كوفيد – 19».
وتحرص جيسي على عدم القول إن هذه الأدوية ستعمل بالتأكيد في البشر، ففي حين أن فحص الخلايا البشرية يمثل حالة جيدة بالنسبة لهم، فإنه لا تزال هناك مفاجآت في جسم الإنسان الكامل. لهذا السبب، كما تقول، ستكون الخطوة التالية الحاسمة هي إجراء تجارب سريرية لهذه الأدوية لعلاج مرضى «كوفيد – 19».
وتُضاف قائمة الأدوية هذه إلى مجموعة متزايدة من الأبحاث حول علاجات «كوفيد – 19». وكان هذا العمل استمراراً لنهج بدأه ألبرت لازلو باراباسي الأستاذ بجامعة نورث إيسترن، وروبرت جراي دودج أستاذ الفيزياء المتميز بالجامعة.
ويقول باراباسي: «لقد تمكنا من تحديد عدد كبير من الأدوية التي لم تكن معروفة من قبل بأنها ذات صلة محتملة بـ(كوفيد – 19)، والآن أثبت تحليلنا أنها كذلك، وقد ساعدتنا هذه العملية أيضاً على تطوير أدوات يمكن تطبيقها في المستقبل على أمراض أخرى أيضاً».
المصدر : صحيفة الشرق الأوسط