نشرت صحيفة ديلي تليجراف تقريراً لمراسلتيها لشؤون الأمن الصحي العالمي جنيفر ريغبي وسارة نيوي حول الأزمة التي تعيشها الهند بسبب الارتفاع الحاد في عدد حالات الوفاة جراء الإصابة بفيروس كورونا وتأثير هذه الأزمة على المستويين الإقليمي والعالمي.
يقول التقرير إن الوضع في الهند، في ظل مشاهد وفاة الناس في الشوارع ونفاد الأكسجين من المستشفيات، يعتبر واحداً من أسوأ الأوضاع التي شهدها العالم. ويحاول الإجابة على أسئلة من قبيل: لماذا ضُربت الهند الآن بالوباء؟ وهل ستتبعها دول أخرى؟
يعود التقرير إلى بدايات انتشار الوباء في الهند العام الماضي، ويقول إن الهند بدت وكأنها ستعبر الوباء نسبياً دون أضرار من خلال الإغلاق الصارم الذي فرضته في الفترة من 25 مارس إلى 31 مايو، وهو ما أنقذها من الموجة الأولى من الفيروس. وبعد رفع الإغلاق، ضربت البلاد موجة من حالات الإصابة لكن المستشفيات ظلت قادرة على استيعاب المرضى.
يجيب التقرير على تساؤل وهو ما الذي حدث حتى ضرب الوباء الهند بهذه القسوة الآن؟ مقتبساً كلاماً للطبيب شاهد جميل، وهو أحد أبرز علماء الفيروسات في الهند، قال فيه: “لقد تخلينا عن حذرنا. كان الأمر عبارة عن حالة من الرضا عن النفس والتراخي”.
ويمضي التقرير قائلاً إن الحكومة الهندية كانت مكبلة اليدين، فالإغلاق الأول أوقف الفيروس لكنه تسبب في انهيار اقتصادي ومعاناة إنسانية لا توصف. وتعتمد الدولة المرعوبة الآن على السلطات المحلية في اتخاذ الإجراءات المناسبة.
ويشير التقرير إلى أن المنتقدين يتهمون الحكومة بالتخلي عن مسؤولياتها. ففي أوائل مارس من هذا العام، زعم وزير الصحة هارش فاردان أن الهند تعيش “نهاية” الوباء. وأقيمت مباريات الكريكيت والمهرجانات الدينية الضخمة دون أن يلتزم الحضور بارتداء أقنعة الوجه. ويقول جميل إن تلك المناسبات كانت الناشر الأكبر المحتمل للفيروس.
ويذكر التقرير أن الهند، التي تعتبر “صيدلية العالم” من حيث قدرتها على إنتاج اللقاحات، نجحت في إعطاء 139 مليون جرعة من اللقاح، بما يفوق ما قدمته أي دولة أخرى باستثناء الولايات المتحدة والصين. كما تحتل الهند المرتبة الثانية عالمياً بعد الولايات المتحدة من حيث عدد الأشخاص الذين تلقوا الجرعة الثانية من اللقاح.
لكنه يؤكد على أن هذه الأرقام لا تمثل سوى 10 في المئة و 1.6 في المئة على التوالي من عدد السكان الهائل، وهي نسبة لا تكفي لوقف الموجة الحالية.
ويورد التقرير تحليلا لخبراء مفاده أن السلطات الهندية كان يتعين عليها، إلى جانب توفير اللقاحات، أن تهيء نظام الرعاية الصحية الذي يعاني من نقص في التمويل لمواجهة الموجة الجديدة من الفيروس، من خلال توفير إمدادات ولوازم كالأكسجين ووضع خطط لكيفية إيصالها للمستشفيات.
ويعود التقرير لينقل عن جميل قوله: “لقد احتفلنا مبكرا جداً. واضعو النماذج كانوا يتنبأون بحدوث موجة ثانية. فمن الناحية التاريخية، إذا ما نظرت إلى الأمراض التنفسية، ستجد أنها تعود للظهور. لكن لم يتوقع أحد أن تكون العودة بهذا الحجم الكبير. لقد فوجئنا بالأمر الذي اجتاح النظام بالكامل”.
ويقارن التقرير بين الوضع في الهند والوضع في بريطانيا من حيث معدلات الإصابة بالمرض وطرق الاستجابة له. ويقول إن أطباء بريطانيين قالوا إن معظم الناس لا يدركون كم كان الوضع قريباً من حافة الانهيار في بريطانيا تماماً كما يحصل في الهند عندما ضربت السلالة البريطانية من الفيروس البلاد قبيل عيد الميلاد. ويقول جوليان تانغ، وهو أستاذ شرفي مشارك في علوم الأمراض التنفسية بجامعة ليستر، إن معدل الارتفاع في أعداد حالات الإصابة بكوفيد-19 في الهند لا يختلف عن نظيره في بريطانيا.
ويضيف تانغ قائلاً: “لكن نظام الرعاية الصحية في المملكة المتحدة كان أكثر استعداداً للتعامل مع الوضع، كما أن موارد الرعاية الصحية المتوفرة للفرد في بريطانيا أعلى بكثير مما هو متوفر في الهند”.
ويختم التقرير بالقول إن الخطر لا ينحصر بالهند فقد يتعداها إلى البلدان المجاورة كنيبال وسريلانكا مع تصاعد أعداد حالات الإصابة في البلدين. بل إن الخطر يهدد العالم بأسره، لأن أزمة الهند تثبت أنه لا يوجد مكان في العالم آمن وأن الكل معرض للخطر إلى أن يتم تطعيم الجميع، خاصة إذا أقدمت “صيدلية العالم” على إغلاق أبوابها دولياً بشكل يضر بإمدادات اللقاح عالمياً.
المصدر: وكالات