ذكرت صحيفة (واشنطن بوست) الأمريكية في عددها الصادر، اليوم الثلاثاء، أنه على الرغم من حرص الرئيس الأمريكي جو بايدن على إنقاذ الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين إيران والقوى العالمية، إلا أنه يواجه في حقيقة الأمر معارضة شرسة من قبل حلفاء إقليميين في الشرق الأوسط والجمهوريين في الداخل بشأن تقديم أي تنازلات محتملة لطهران.
وقالت الصحيفة- في مقال رأي نشرته على موقعها الإلكتروني- إن بايدن يسير على حبل مشدود على الصعيد الجيوسياسي تجاه إيران، فبعد أسابيع من تنصيبه، بدا أن البيت الأبيض والنظام الإيراني عالقان في منافسة حادة، ينتظر فيها كل طرف منهما أن يتخذ الطرف الآخر الخطوة الأولى لاستئناف الدبلوماسية التي انهارت بينهما في خلال السنوات القليلة الماضية.
وأضافت: “أن مسئولين إيرانيين طالبوا بإنهاء العقوبات الاقتصادية التي فرضها الرئيس السابق دونالد ترامب على بلادهم، واعتبروها انتهاكًا لبنود اتفاق يقول مفتشو الأمم المتحدة إنه يعمل على الحفاظ على فرض قيود على البرنامج النووي الإيراني، وبسبب الغضب من هذه العقوبات، بدأت إيران تخصيب اليورانيوم بمستويات أعلى مما يسمح به الاتفاق، وفي غضون ذلك، يعتبر المتشددون داخل النظام الإيراني الدبلوماسية الجديدة مع الولايات المتحدة بأنها في طريق مسدود!، إلى جانب ذلك كان من المفترض أن يدخل قانون إيراني جديد يمنع مفتشي الأمم المتحدة من دخول المواقع النووية الإيرانية حيز التنفيذ في وقت لاحق من اليوم، وهي خطوة من المؤكد أنها ستزيد التوترات مع الغرب، لكن يبدو أن الجهود المكوكية التي قام بها رئيس الوكالة الذرية التابعة للأمم المتحدة أوجدت مساحة لالتقاط الانفاس”.
من جانبه، أكد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل ماريانو جروسي للصحفيين في فيينا، يوم أمس:” أن أمل الوكالة الدولية للطاقة الذرية هو أن تكون قادرة على تحقيق الاستقرار في وضع كان غير مستقر للغاية”، وقال “أعتقد أن هذا الفهم التقني يمكن من إجراء مشاورات سياسية أخرى على مستويات أخرى”.
وتابعت الصحيفة: “أن هذه المشاورات جارية الآن بالفعل، ففي الأسبوع الماضي، أوقفت إدارة بايدن حملة “الضغط الأقصى” التي مارستها إدارة ترامب ضد إيران من خلال الإشارة إلى استعدادها للانخراط في محادثات غير رسمية بشأن إيران مع الحلفاء الأوروبيين، وسيكون ذلك بداية رقصة دبلوماسية دقيقة قد تشجع إيران على تقليص بعض أنشطتها النووية إلى جانب تخفيف العقوبات، مع ذلك لا يوجد جدول زمني واضح لأي من هذا، ولكن تم فتح طريق نحو الوفاق، على حد قول الصحيفة.
وأشارت إلى أن إدارة بايدن قامت بالفعل بتحركات فنية صغيرة في الأمم المتحدة للمساعدة في إعادة ضبط طاولة المفاوضات، ورفعت القيود المفروضة على الدبلوماسيين الإيرانيين في نيويورك وألغت أوامر إدارة ترامب لعام 2020 – التي يرفضها حتى الآن الحلفاء الأوروبيون للولايات المتحدة- بأن جميع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على إيران سارية، كما يمكن رؤية لمحات من ذوبان الجليد على نطاق أوسع في قرار كوريا الجنوبية يوم أمس الإثنين بإلغاء تجميد مبلغ كبير من الأموال الإيرانية التي فرض عليها الحظر في بنوكها بسبب العقوبات المالية الأمريكية.
مع ذلك، أكدت (واشنطن بوست) أن هناك الكثير من المعارضة في كل من واشنطن وطهران؛ حيث أدان البرلمان الإيراني، بعد يوم واحد من رحيل جروسي، الاتفاق الجديد مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بل أن رئيس مجلس النواب دعا إلى محاكمة الرئيس الإيراني حسن روحاني وحلفائه الذين وصفهم بـ “المخالفين والمنشقين”.
ويرى خصوم بايدن المحليون أن المسار الحالي يمثل تخليا مهينا عن نفوذ الولايات المتحدة على النظام الإيراني، فقال وزير الخارجية السابق مايك بومبيو “لقد ترأست مسئولية الرد على التهديد الإيراني الذي حمى الشعب الأمريكي من إرهابه” واعتبر أن “اعتماد نموذج التوافق الأوروبي سيضمن لإيران طريقا إلى ترسانة نووية”.
واختتمت (واشنطن بوست) مقالها بقول إن حملة “الضغط الأقصى” تسببت لإدارة ترامب في خسائر اقتصادية فادحة، لكن إعادة فرض العقوبات الأمريكية فشلت أيضا في تحقيق العديد من أهداف بومبيو وترامب المعلنة، ولم يتوقف وكلاء طهران في الشرق الأوسط عن تنفيذ أعمال عدائية في المنطقة؛ وتوقعت أن الولايات المتحدة وشركاؤها ربما لن يقتربان من انتزاع تنازلات من النظام أكبر مما تم الحصول عليه في عام 2015؛ كما أصبحت إيران أقرب نظريًا إلى الدفع نحو سلاح نووي مما كانت عليه قبل تولي ترامب منصبه.
المصدر: أ ش أ