فاينانشيال تايمز: تداعيات جائحة كورونا تزيد من معاناة ملايين الأسر في البلدان الفقيرة بالعالم
كشف استطلاع حديث للرأي أجرته جامعات دولية عديدة ونقلته صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية في عددها الصادر اليوم السبت أن عشرات الملايين من الأسر الضعيفة التي تعيش في البلدان الأكثر فقرا في العالم تواجه مخاطر الفقر والجوع بشكل حاد منذ أن تفاقمت التداعيات الاقتصادية لجائحة فيروس كورونا المستجد “كوفيد-19”.
وأفادت الصحيفة (في سياق تقرير لها نشرته على موقعها الالكتروني في هذا الشأن) أن حجم الضرر الاقتصادي الذي أحدثته الجائحة في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل اتضح بشكل صارخ في مسح جديد شمل 30 ألف أسرة في تسعة بلدان حول العالم؛ حيث تحدث متوسط 70 في المائة ممن شملهم الاستطلاع عن انخفاض في الدخل خلال الأشهر الأولى من انتشار الفيروس في العام الماضي، بينما فقد 30 في المائة منهم وظائفهم.
وفي هذا، حذر هذا الاستطلاع – الذي أجراه باحثون في جامعات كاليفورنيا وييل ونورث وسترن، من بين جامعات ومؤسسات دولية أخرى- من زيادة معاناة الأشخاص الذين يكافحون بالفعل في ظل تردي الأوضاع المعيشية، بنحو إذا استمرت معه هذه المعاناة، فسوف يتم الزج بعشرات الملايين منهم إلى براثن الفقر والجوع.
من جانبه، وصف إدوارد ميجيل من جامعة كاليفورنيا، وهو مؤلف باحث في اعداد الاستطلاع، هذه النتائج بـ” الشنيعة”، وقال إن عمق ومدى الأزمة الراهنة ربما لم نشهده من قبل في البلدان الفقيرة.
وكشف الاستطلاع -حسبما نقلت الصحيفة- أنه على الرغم من أن التقديرات الرسمية مثل الناتج المحلي الإجمالي والبطالة تشير إلى أن الوباء كان له تأثير أقل حدة في الاقتصادات النامية في العالم بالمقارنة مع الدول الغنية، إلا أن هذا الأمر ربما يرجع جزئيًا إلى أن البيانات الرسمية غالبًا ما تفشل في التقاط المستويات المرتفعة من النشاط غير الرسمي لهذه الاقتصادات.
ويقدر صندوق النقد الدولي أن الناتج المحلي الإجمالي لمجموعة الدول السبع الكبرى من الاقتصادات المتقدمة الرئيسية انكمش بنسبة 5.9 في المائة العام الماضي، مقارنة بمتوسط انكماش بنسبة 3.3 في المائة في الاقتصادات الناشئة والنامية.
مع ذلك، أكد الباحثون المشرفون على الاستطلاع أن بياناتهم تظهر “انخفاضات حادة في التوظيف والدخل في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط، بنحو ربما نافس أو تجاوز الخسائر الاقتصادية التي تعرضت لها الولايات المتحدة والدول الغنية الأخرى “.
كما لاحظ مؤلفو الدراسة أن أكثر من ربع النشاط الاقتصادي ونصف العمال في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية يعملون في القطاع غير الرسمي.
وأشاروا، في هذا الشأن، إلى أن الارتفاع الحاد في انعدام الأمن الغذائي بين الأطفال كان “مقلقًا بشكل خاص”، “نظرًا للآثار السلبية الكبيرة المحتملة على المدى الطويل لنقص التغذية على اساليب الحياة في المستقبل”.
ففي كينيا، على سبيل المثال، وجد الاستطلاع زيادة بنسبة 38 في المائة في معدل البالغين الذين لم يتناولوا الوجبات الرئيسية، وزيادة بنسبة 69 في المائة بين الأطفال.
وأضاف ميجيل:” أن الآثار المترتبة على الأطفال، مع إغلاق المدارس وانخفاض دخل الأسرة وفقدان الوجبات وطرق الوصول إلى الرعاية الصحية- تعد أموراً تبعث على القلق. فأنت إذا كنت كينيًا فقيرًا وفقدت وظيفتك، فعندئذ، لن تصبح لديك أي وسيلة أمان أو مدخرات”.
وأشار ميجيل إلى إن نتائج الاستطلاع “تتفق تمامًا” مع تقرير البنك الدولي الذي حذر في أكتوبر من أن الوباء سيدفع ما بين 88 مليونًا و 115 مليون شخص إلى الفقر المدقع في عام 2020، مما يتسبب في أول زيادة في نسب الفقر العالمي منذ عام 1998.
وأخيرا، أوضحت الصحيفة البريطانية أن الاستطلاع استند إلى بيانات من حوالي مائة ألف شخص في بوركينا فاسو وغانا وكينيا ورواندا وسيراليون وبنجلاديش ونيبال والفلبين وكولومبيا خلال الفترة بين شهري أبريل ويونيو من العام الماضي.
المصدر : أ ش أ