في ظل عودة معدلات الإصابة بفيروس كورونا للارتفاع في دول الخليج الست، اضطرت السلطات في هذه البلدان لاتخاذ إجراءات الحجر الصحي، لكن دون المضي نحو إغلاق شامل قد يؤدي إلى عرقلة مسار التعافي الاقتصادي.
ويذكر أن المنطقة الغنية بالنفط عانت العام الماضي من انكماش اقتصادي كبير بسبب انخفاض أسعار النفط وعمليات الإغلاق الشاملة وحظر التجول لمنع انتشار الفيروس.
وبعد أسابيع من انخفاض أعداد الإصابات اليومية في هذه الدول، عادت المعدلات للارتفاع في الفترة الأخيرة، وبلغت مستويات قياسية في الإمارات، وباتت مجددا تتخطى المئات يوميا في السعودية.
وفي ظل هذا الارتفاع، بدأت دول الخليج الست بالعودة تدريجا إلى إجراءات الحجر الصحي، إنما من دون المضي نحو إغلاق شامل قد يؤدي إلى عرقلة مسار التعافي الاقتصادي.
من جانبها أعلنت السعودية الخميس تعليق الأنشطة الترفيهية وإغلاق دور السينما ووقف تقديم الخدمات داخل المطاعم والمقاهي لمدة 10 أيام قابلة للتجديد، ضمن سلسلة من التدابير الوقائية في ظل ازدياد الإصابات بفيروس كورونا.
وتضمن بيان لوزارة الداخلية أن الإجراءات تأتي “مع ظهور مؤشرات لارتفاع في المنحنى الوبائي في بعض مناطق المملكة والتراخي في تطبيق الإجراءات الوقائية والاحترازية والبروتوكولات المعتمدة ولضرورة اتخاذ إجراءات وقائية”.
وتراجعت أعداد الإصابات اليومية إلى أقل من مئة في أوائل كانون الثاني/يناير من حوالى خمسة آلاف في حزيران/يونيو، قبل أن تتضاعف في الأيام الأخيرة وتصل إلى أكثر من 300.
وسجلت السعودية نحو 369 ألف إصابة بفيروس كورونا ونحو 6400 حالة وفاة، وهي أعلى نسبة بين دول الخليج.
والثلاثاء منعت المملكة موقتا دخول الوافدين من عشرين دولة تراوح بين بلدان مجاورة وبعيدة وصولا إلى الولايات المتحدة. وشمل التدبير الوافدين من الإمارات ومصر ولبنان وتركيا.
أما في الإمارات المجاورة، فقد سُجلت 3977 حالة إصابة جديدة الأربعاء، وهو أعلى معدل يومي منذ بدء تفشي فيروس كورونا. ما أجبر إمارة دبي التي استقبلت أعدادا كبيرة من الزوار نهاية العام الماضي إلى اللجوء لتشديد الإجراءات، ومن بينها تعليق العمليات الجراحية غير الضرورية في المستشفيات ومنع الحفلات في المطاعم وإغلاق الحانات.
وتشهد الدولة الثرية ما يشبه السباق بين التطعيم وأعداد الإصابات. وتنفّذ الإمارات حملة تطعيم متسارعة، إذ قدّمت حوالى 3,7 ملايين جرعة للسكان البالغ عددهم نحو 10 ملايين، وهو ثاني أعلى المعدلات على مستوى العالم بعد إسرائيل.
وعلى غرار السعودية، منعت الكويت غير الكويتيين من دخول البلاد لمدة أسبوعين، وقررت اغلاق كل الأنشطة التجارية من الثامنة مساء وحتى الخامسة فجرا باستثناء الصيدليات ومراكز التموين بالمواد الغذائية.
وبينما تدرس سلطنة عمان إمكانية إغلاق المطارات، أمرت السلطات القطرية بعدم إقامة حفلات الزفاف في الأماكن المغلقة والمفتوحة حتى إشعار آخر، وإغلاق ساحات الألعاب وأجهزة ممارسة الرياضة في الحدائق العامة والشواطئ والسماح للمطاعم والمقاهي بتقديم الأطعمة والمشروبات في الأماكن المغلقة بطاقة استيعابية لا تتجاوز 15 بالمئة.
ومنذ ظهور الوباء، سجلت دول الخليج أكثر من 1,2 مليون إصابة ونحو عشرة آلاف وفاة.
وبعد انكماش بنسبة 4,8 بالمئة في 2020، توقع صندوق النقد الدولي أن تحقق دول الخليج نموا إيجابيا بنسبة 2,5 في المئة هذا العام في ظل انتعاش أسعار الخام وحملات التطعيم المكثفة ضد الفيروس في هذه الدول. وقدر الصندوق أن تشهد السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم وصاحبة أكبر اقتصاد عربي، نموا بنسبة 2,6 بالمئة في 2021 بعد انكماش بنسبة 3,9 بالمئة.
وكانت دول الخليج الثرية من بين أولى البلدان التي أطلقت برامج تطعيم ضخمة. وتقوم الإمارات والبحرين بتنفيذ اثنتين من أسرع عمليات التطعيم على مستوى العالم.
المصدر: الفرنسية (أ ف ب)