فى هذا اليوم الخالد 25 يناير من كل عام يحتفل شعب مصر بذكرى معركة الإسماعيلية عام 1952، “عيد الشرطة”، والتى ضرب فيها رجال الشرطة البواسل مثالا جديدا من الشهامة والفدائية، حفاظا على الأرض والعرض ضد الاحتلال الإنجليزى الغاشم.
فقد وصلت قمة التوتر بين مصر وبريطانيا إلى ذروتها عندما اشتدت أعمال التخريب والأنشطة الفدائية ضد معسكراتهم وجنودهم وضباطهم فى منطقة القنال من خلال الفدائيين الشرفاء، حيث كبدوا قوات الاحتلال البريطانى خسائر فادحة لا تقدر بثمن، كما انسحب العمال المصريون من العمل فى معسكرات الإنجليز ما أدى إلى وضع القوات البريطانية فى منطقة القناة فى حرج شديد.
وحينما أعلنت الحكومة عن فتح مكاتب لتسجيل أسماء عمال المعسكرات الراغبين فى ترك عملهم مساهمة فى الكفاح الوطنى سجل 91 ألف و572 عاملاً أسماءهم خلال الفترة من 16 أكتوبر 1951، وحتى 30 من نوفمبر 1951، كما توقف المتعهدون عن توريد الخضراوات، واللحوم، والمستلزمات الأخرى الضرورية لإعاشة 80 ألف جندى وضابط بريطانى.
وبسبب تصاعد وتيرة الخلافات، أقدمت القوات البريطانية على محاولة رعناء لإهانة الحكومة المصرية، ففى صباح يوم الجمعة 25 يناير 1952 استدعى القائد البريطانى بمنطقة القناة “اللواء أكسهام”، ضابط الاتصال المصرى، وسلمه إنذارًا بأن تسلم قوات البوليس الشرطة المصرية بالإسماعيلية أسلحتها للقوات البريطانية، وتجلو عن دار المحافظة والثكنات، وترحل عن منطقة القناة كلها، وتنسحب إلى القاهرة بدعوى أنها مركز اختفاء الفدائيين المصريين المكافحين ضد قواته فى منطقة القنال.
ورفضت المحافظة الإنذار البريطانى وأبلغته إلى وزير الداخلية فؤاد سراح الدين باشا، والذى أقر موقفها، وطلب منها الصمود والمقاومة وعدم الاستسلام.
وبعد هذا الرد، فقد القائد البريطانى فى القناة أعصابه، فقامت قواته ودباباته وعرباته المصفحة بمحاصرة قسم بوليس “شرطة” الاسماعيلية بعد أن أرسل إنذارا لمأمور قسم الشرطة يطلب فيه منه تسليم أسلحة جنوده، غير أن ضباط وجنود الشرطة البواسل رفضوا قبول هذا الإنذار.
ووجهت دبابات العدو مدافعها وأطلق المحتلون البريطانيون نيران قنابلهم بشكل بشع بدون توقف ولمدة زادت عن الساعة الكاملة، ولم تكن قوات الشرطة المصرية آنذاك مسلحة بشىء سوى البنادق العادية القديمة.
وقبل غروب شمس ذلك اليوم حاصر مبنى قسم البوليس “الشرطة” الصغير ومبنى المحافظة فى الإسماعيلية، 7 آلاف جندى بريطانى مزودين بالأسلحة، تدعمهم دباباتهم وعرباتهم المصفحة ومدافع الميدان، بينما كان عدد الجنود المصريين المحاصرين لا يزيد على 800 فى الثكنات و80 فى محافظة الإسماعيلية.
واستخدم البريطانيون كل ما معهم من الأسلحة فى قصف مبنى المحافظة، ومع ذلك قاوم الجنود المصريون واستمروا يقاومون بكل شجاعة وبسالة ودارت معركة غير متساوية القوة بين القوات البريطانية وقوات الشرطة المحاصرة فى القسم ولم تتوقف هذه المجزرة حتى نفدت آخر طلقة معهم بعد ساعتين طويلتين من القتال.
ونتيجة لهذه البسالة والشجاعة التى أبهرت ، ولا تزال، العالم أجمع سقط 52 شهيدا من رجال الشرطة البواسل، و80 مصابا، هذا بخلاف عدد آخر من المدنيين.
وأمر البريطانيون بتدمير بعض القرى حول الاسماعيلية التى كان يعتقدون أنها مركز لاختفاء الفدائيين المصريين المكافحين ضد قواته فقتل عدد آخر من المدنيين وجرحوا عددا آخر أثناء عمليات تفتيش تلك القرى.
لقد كانت معركة الإسماعيلية مثالا لا يزال حيا شاهدا على عظمة جنود مصر البواسل من رجال الشرطة الأبرار والذين يشكلون مع أقرانهم من أبطال القوات المسلحة خيرة أجناد الأرض، لتظل مصر دائما محفوظة بحفظ الله إلى الأبد.