بعد أيام من اغتيال العالم محسن فخري زاده، عقل البرنامج النووي الإيراني، تحافظ المعسكرات المتنافسة في إيران على ذكراه في معركة حول المستقبل السياسي للبلاد وكيفية تعاملها مع الولايات المتحدة، ووصلت حدة التنافس الى الدعوات إلى سحب الملف النووي من حسن روحاني وتسليمه للمجلس الأعلى للأمن القومي، وفقا لما أوردته صحيفة “واشنطن بوست” Washington Post الأمريكية.
ويبدو أن المعسكر الإصلاحي للرئيس حسن روحاني حريص على الاستفادة من مقتله والسعي للحصول على تأييد بعد الوفاة للتواصل مع الغرب.
وفي صور قديمة نُشرت يوم الثلاثاء، شوهد فخري زاده وهو يتلقى تكريما رسميا من روحاني لمساعدته في تأمين الاتفاق النووي لعام 2015، الذي وقعته إيران مع الولايات المتحدة وقوى عالمية أخرى.
ومع ذلك، وفي اليوم نفسه، تم بث تسجيل صوتي لزاده يشكك في فائدة المفاوضات مع الولايات المتحدة. ويقول “لا يمكن المساومة مع أمريكا”، وبدا الأمر وكأنه تذكير من المتشددين الإيرانيين بأن فخري زاده كان بالفعل أحدهم. وتؤكد الرسائل المتبادلة الجدل الحاد حول مقتل فخري زاده، الجمعة الماضية في عملية اغتيال شرق العاصمة طهران.
ويقول التقرير أن الأمر الأكثر إلحاحًا هو الخلاف حول أفضل السبل التي يجب أن ترد إيران بها على مقتله.. هل بضبط النفس؟ أوالغضب؟ أو أي شيء بينهما؟
ويقول علي رضا إشراغي، الباحث الزائر في مركز الشرق الأوسط والدراسات الإسلامية في جامعة “نورث كارولينا”، إن الجدل حول فخري زاده تحول إلى حلبة صراع من قبل المحافظين والإصلاحيين.
وقد يكون لنتائج هذه المناقشات تداعيات عميقة على إدارة الرئيس المنتخب جو بايدن، التي تأمل في استئناف المفاوضات النووية بعد 4 سنوات من حملة “الضغط الأقصى” التي شنها الرئيس الأميركي دونالد ترمب ضد طهران.
ورد البرلمان الإيراني، الذي يهيمن عليه المحافظون، على مقتل فخري زاده بإقرار تشريع، يوم الأربعاء، لزيادة تخصيب اليورانيوم على الفور إلى مستويات أعلى بكثير من تلك المسموح بها بموجب الاتفاق النووي، وتعليق عمليات التفتيش النووية التي تقوم بها الأمم المتحدة إذا لم يتم رفع العقوبات النفطية والمصرفية عن إيران بحلول أوائل فبراير.
ومن المحتمل أن تؤدي هذه الخطوات إلى تعقيد طموحات الرئيس المنتخب بايدن في إعادة الانخراط مع إيران. لكن روحاني رد خلال حفل في وزارة الطاقة بالقول: “دعونا نسمح لمن لديهم أكثر من 20 عامًا من الخبرة في الدبلوماسية وهزموا الولايات المتحدة عدة مرات في السنوات الثلاث الماضية بالمضي قدمًا بعناية وصبر”.
ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت القيادة الإيرانية ستنفذ الخطة بحلول الموعد النهائي في فبراير. ومع ذلك، من المرجح أن تسعى طهران للحصول على تنازلات أكبر من الغرب في أي مفاوضات نووية جديدة، باستخدام اغتيال فخري زاده – وهي شكوى جديدة – كوسيلة ضغط، كما قال محللون.
وبعد وفاة فخري زاده، سعى المسؤولون الإيرانيون إلى إبعاد المسؤولية عن الإخفاقات الأمنية. وقالت إيلي جيرانمايه، نائبة مدير برامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: “هناك نوع من لعبة إلقاء اللوم بين وزارة المخابرات الحكومية ووزارة استخبارات الحرس الثوري الإيراني”، وهما جزءان متنافسان من النظام السياسي الإيراني المتشعب.
وقال نرجس باجوغلي، الخبير في شؤون إيران بكلية الدراسات الدولية بجامعة “جونز هوبكنز”: “هناك الكثير من ردود الفعل العنيفة في إيران حاليًا بشأن الحاجة إلى الرد، والحاجة إلى تكثيف برنامج الطاقة النووية”. وأضاف: “كان هناك الكثير من الحديث داخل إيران عن أن روحاني لا ينبغي أن يكون مسؤولاً عن هذه المفاوضات – إنها إدارة متعثرة – وأن المجلس الأعلى للأمن القومي هو الذي يجب أن يتولى إدارة المفاوضات بدلاً من ذلك”.
المصدر: وكالات