شهدت أسعار الذهب العالمية، خلال الفترة الأخيرة، حالة من التخبط والتقلبات المتتالية في ظل استمرار حالة القلق الاقتصادي الناجمة عن جائحة فيروس كورونا المستجد المسبب لمرض “كوفيد 19”.
وبلغ سعر الذهب مباشر 1955 دولارا للأونصة، بحسب منصة “تداول” العالمية”، مع نهاية جلسة بورصة لندن الأحد، وتقدمت العقود الآجلة للذهب الأمريكي بنسبة 0.4%، حيث يتم تداولها أعلى بقليل من 1960 دولاراً للأوقية.
كما أن الدولار الأمريكي، الذي يتم النظر إليه أيضا على أنه أحد الأصول الآمنة، شهد خلال نفس الفترة عند أعلى مستوى في شهر واحد تقريبا، مما كان دافعاً يعزز انخفاض سعر الذهب.
وتجدر الإشارة إلى أنه يتم دعم الطلب على الذهب، من خلال عوامل متنوعة، مثل الاستهلاك في شكل مجوهرات، واستخدام الذهب من قبل مختلف البنوك المركزية كأصول احتياطية لها كأداة للتحوط ضد مخاطر السوق والتضخم والعملات.
وتعمل هذه المجموعات المتنوعة من العوامل على دعم الطلب على الذهب في جميع الظروف الاقتصادية، وبالتالي تساعده في لعب دور الأصول الآمنة.
يعتبر الذهب مثل جميع السلع، حيث يتم تحديد سعر الذهب فقط على أساس عوامل العرض والطلب، على عكس الأسهم، ولا يمكن أن تستند قرارات الاستثمار المتعلقة بالذهب على أساس التقييم الجوهري للذهب.
أما الخطر الرئيسي الآخر فهو الارتباط السلبي لأسعار الذهب بالاستقرار الاقتصادي والجيوسياسي، وعندما تبدأ الظروف الاقتصادية والجيوسياسية في الاستقرار، تميل أسعار الذهب إلى التصحيح وفقا لذلك، فأولئك الذين يستثمرون في الذهب خلال فترة الذروة، يتعرضون لخطر تكبد خسائر نظرية، حيث تبدأ ظروف الاقتصاد الكلي في الاستقرار.
وأجبر الوباء العالمي البنوك المركزية الرئيسية في جميع أنحاء العالم على توفير حوافز هائلة للحفاظ على اقتصادها من الانهيار، بحسب صحيفة “هاندلسبلات” الاقتصادية الألمانية.
وهذا الأمر دفع قيمة الذهب للارتفاع بنحو 28% حتى الآن هذا العام الجاري، حيث يتم النظر إليه على نطاق واسع على أنه تحوط ضد انخفاض العملة المحتمل والتضخم.
ويرى خبراء المال والاقتصاد العالميين أنه من المرجح أيضا أن يتلقى الذهب دعما قوياً نظراً، لأن حالة القلق والتوتر بشأن الانتخابات الأمريكية المقبلة، تعمل على تنشيط الطلب على المعدن النفيس كملاذ آمن في حالات القلق الاقتصادي.
ويعتبر الذهب أداة للتحوط ضد أي مخاطر اقتصادية أخرى.
ويتوقع الخبراء أن الانتخابات قد تجدد تركيز المستثمرين على التضخم والدين الحكومي، والحاجة إلى التحفيز.
وهناك الكثير من التوقعات الإيجابية تجاه أسعار الذهب، حيث يرى المحللين للمشهد الاقتصادي أنه سوق الذهب العالمي سوق صاعد بصورة قوية.
ويتوقع الخبراء أنه سيستمر في الصعود حتى عام 2030، خاصة وأن الحكومات محاصرة أسعار فائدة سلبية، وليس لديها خيار سوى تخفيض قيمة عملاتها، ومع السندات التي لا تدر شيئا احتمال التخلف عن السداد على نطاق واسع، يتحول المستثمر الذي يمتلك الخبرة إلى المعادن الثمينة.
ويتوقع الخبراء أن سعر الذهب سيتجاوز 8500 دولار أمريكي، ومن المحتمل أن يصل إلى 10 آلاف دولار أمريكي، خلال الفترات المقبلة.
ويحدد الخبراء العوامل الأخرى المؤثرة على أسعار الذهب، والتي أبرزها يعتبر ارتباطه بسعر الدولار الأمريكي.
ويرتبط الذهب والدولار الأمريكي ارتباط عكسي، فعندما يرتفع أحدهما يميل الآخر إلى الانخفاض، والعكس صحيح.
وبينما يميل المستثمرين إلى الانتقال إلى الدولار الأمريكي، خلال فترات القلق والركود.
وكانت هذه الخطوة صامتة هذا العام على الرغم من الحرب التجارية مع الصين على سبيل المثال، وبدلا من ذلك انتقلوا إلى الذهب.
والطلب الإجمالي للاستثمار على الذهب ارتفع بصورة، وكانت الحيازات في صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب في اتجاه صعودي لمدة 4 سنوات.
ومن المرجح أن يظل اهتمام المستثمرين بالذهب مرتفعا هذا العام، لأن الأسباب التي دفعتهم إلى شراء الذهب، للتحوط من الأسواق المبالغة في تقديرها والتأمين ضد احتمال حدوث ركود أو أزمة لم تتحقق بعد، خاصة في ظل استمرار الصراع الجاري بين أمريكا والصين، وقرار بيع الشركات الصينية في الولايات المتحدة، ومن المرجح أن يؤدي استمرار الطلب على الصناديق إلى دفع سعر الذهب.
والذهب متاح للاستثمار في شكل شهادات ورقية وسبائك، ويتم إنتاج السبائك الذهبية المادية بواسطة العديد من جهات سك النقود الخاصة والحكومية في كل من الولايات المتحدة الأمريكية وحول العالم، ويمكن أن يتراوح حجم سبائك الذهب في أي مكان من جرام واحد إلى 400 أونصة، بينما توجد معظم العملات المعدنية في أونصة واحدة وأحجام كسرية، مثل المعادن الثمينة الأخرى.
ويعتبر البعض الذهب المادي وسيلة جيدة لحماية أنفسهم من الانخفاض المستمر لقيمة العملات الورقية ومن أسواق الأسهم المتقلبة.
ويعتبر شراء شهادات الذهب طريقة أخرى للاستثمار في المعدن، والشهادة الذهبية هي في الأساس قطعة من الورق تفيد بأنك تمتلك كمية محددة من الذهب مخزنة في مكان خارج الموقع، وهذا يختلف عن امتلاك السبائك غير المرتبط به والصريح، لأنك لا تحصل أبدًا على ملكية مادية للذهب، بينما يستمتع بعض المستثمرين بسهولة شراء الذهب الورقي، يفضل البعض الآخر رؤية معادنهم الثمينة والاحتفاظ بها مباشرة.
وتشير العديد من المؤشرات الفنية إلى أن سعر الذهب يتجه نحو الارتفاع، وبالنظر الى الظروف التي شهدها العالم طوال السنوات الماضية نجد أن الذهب قد ارتفع تاريخيًا أثناء انهيار أسواق الأسهم، وكذلك أثناء فترات الركود، حيث أنه واحدة من أفضل التحوطات، التي يمكن الاحتفاظ بها عندما تدخل الأسهم في سوق هابطة أو يدخل الاقتصاد في تباطؤ.
وتسبب اجتماع البنك المركزي الأوروبي في مصدر قلق آخر لتجار الذهب، وعلى الرغم من أنه لا أحد يتوقع أي تحركات كبيرة، فمن المتوقع أن تدلي الحكومات بتعليقات حول التضخم بعد أن أظهر تقرير الأسبوع الماضي أن التضخم في منطقة اليورو انزلق إلى المنطقة السلبية، وهو أمراً مهم لمستثمري الذهب لأن الأخبار ستؤثر على اليورو، واليورو هو في الأساس مؤشر الدولار الأمريكي بسبب وزنه البالغ 57% في السلة.
المصدر: وكالات