تدعو مصر دائماً للحد من التسلح النووي عبر منصات الأمم المتحدة الإقليمية والدولية، وحتى في المؤتمرات الدولية والعربية من أجل الحفاظ على أمن وسلامة دول العالم ومقدرات الشعوب وحقهم في حياة كريمة، خاصة أن العالم يحتفي غداً 29 أغسطس باليوم الدولي لمناهضة التجارب النووية، وفقاً لما أعلنته الدورة الرابعة والستون للجمعية العامة للأمم المتحدة يوم التاسع والعشرون من أغسطس من خلال اتخاذ القرار 64/35 بالإجماع في 2 ديسمبر 2009 .
وتعد معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية المعاهدة الدولية المنوطة بها الحد من تجارب الأسلحة النووية وبات لزاماً على القوى النووية في العالم الالتزام بما جاءت به المعاهدة والتي وقع عليها حتى الآن نحو 184 دولة وصدقت عليها نحو 166 دولة فقط، ولكي تكون للمعاهدة قوة الإلزامية يجب أن تصدق عليها كل دول العالم ذات القدرات النووية الكبيرة .
وتجسيداً لهذا الموقف المصري الواضح للحد من التجارب النووية، تبنت مصر منذ عام 1974 قرارات بالجمعية العامة للأمم المتحدة تدعو إلى إخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية .
واقترحت مصر عام 1990 توسيع وتعميق هذه الفكرة، لتُخلى المنطقة من كل أسلحة الدمار الشامل النووية والكيماوية والبيولوجية، سعياً إلى إحراز تقدم لتأمين المنطقة من مخاطر تلك الأسلحة الفتاكة، ولتأكيد اهتمامها بدعوة مختلف دول المنطقة للإسهام في جهود نزع السلاح، خصوصاً بالنسبة إلى أسلحة الدمار الشامل، لخطورتها وقدراتها التدميرية الهائلة.
وأثنى مؤتمر مراجعة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية عام 1995 على الجهود المصرية، وتبنت بريطانيا وروسيا وأميركا، قراراً يدعو إلى اتخاذ خطوات عملية ملموسة في هذا الشأن، وهو قرار كان أحد الأركان الأساسية الجوهرية في تجديد هذا المؤتمر لسريان المعاهدة مدة غير محدودة ومن دون تصويت.
** 29 أغسطس يوم تاريخي وجهود متواصلة
ولأن امتلاك أسلحة نووية كان هو أحد معايير التطور العلمي أو القوة العسكرية للدول، فقد تم إجراء أول تجربة نووية في 16 يوليو1945، وفي 2 ديسمبر 2009، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ64، من خلال قرارها 64/35 بالإجماع، أن يوم 29 أغسطس يوما دوليا لمناهضة التجارب النووية.
ويدعو القرار إلى زيادة الوعي والتثقيف بشأن آثار التفجيرات التجريبية للأسلحة النووية أو أي تفجيرات نووية أخرى وضرورة وقفها باعتباره من الوسائل الكفيلة بتحقيق هدف إيجاد عالم خال من الأسلحة النووية، وقد بدأ هذا القرار بمبادرة من جمهورية كازاخستان، إلى جانب عدد كبير من الراعين والمشاركين، بهدف إحياء ذكرى إغلاق موقع سيميبالاتينسك للتجارب النووية في 29 أغسطس 1991 .
وشهد عام 2010 حفلاً افتتاحياً باليوم الدولي لمكافحة التجارب النووية، ومنذ ذلك الحين وفي كل عام، يشهد هذا اليوم إقامة وتنظيم أنشطة في جميع دول العالم، مثل الندوات والمؤتمرات والمعارض والمسابقات والمنشورات والمحاضرات في المؤسسات الأكاديمية والبث الإذاعي وغير ذلك من المبادرات، التي تدعو إلى الحد من التجارب النووية.
وبفضل جهود كثيرة ثنائية ومتعددة الأطراف على مستوى حكومات العالم ومنظمات المجتمع المدني برزت قضية حظر التجارب النووية إلى واجهة الاهتمام العالمي.
وتبلور هذا الاهتمام انطلاقاً من القناعات الدولية، بأن نزع السلاح النووي والإزالة التامة للأسلحة النووية هي الضمان المطلق الوحيد ضد استخدام أو التهديد بالأسلحة النووية، الأمر الذي حدا بالجمعية العامة للأمم المتحدة بتحديد يوم 25 سبتمبر من كل عام، باعتباره مناسبة للاحتفال بـ “اليوم الدولي للإزالة الكاملة للأسلحة النووية”، المكرس لتعزيز وتحقيق هذا الهدف من خلال حشد الجهود الدولية.
وتواصلاً لهذا التحفيز الدولي، ولتشجيع العالم لمكافحة التجارب النووية، احتفلت الأمم المتحدة باليوم الدولي للإزالة الكاملة للأسلحة النووية لأول مرة في سبتمبر 2014، ، الأمر الذي ساعد على بروز بيئة عالمية ذات آفاق أكثر تفاؤلاً لعالم خال من الأسلحة النووية.
وكما أقر الأمين العام للأمم المتحدة في مبادرته لنزع السلاح التي أصدها تحت عنوان “لتأمين مستقبلنا المشترك: خطة لنزع السلاح” في 24 مايو 2018، فإن المناخ العام المناهض لإجراء تلك التجارب، لا شك أنه يخدم أهداف نزع السلاح وعدم الانتشار، مثلما تكبح معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية سباق التسلح.
فضلاً عن أن معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية ، تمثل مانعاً وحاجزا معياريا قويا ضد الدول المحتملة التي قد تسعى إلى تطوير أسلحة نووية وتصنيع أو الحصول عليها لاحقًا فيما يُعد انتهاكا لالتزاماتها بعدم الانتشار.
ووفقاً للخبراء في مجال التسلح النووي، ثمة جهود لازمة يقتضي بذلها لضمان تنفيذ معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية وصون مكانتها في الهيكل والنظام الدولي، ومن هنا تنبع أهمية مناشدة الأمين العام للأمم المتحدة لجميع الدول التي يلزم تصديقها معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية لبدء تنفيذها، أن تلتزم بتوقيع المعاهدة إن لم تكن قد وقعت، وأن تسرع في استكمال تصديقها.
وتأمل الأمم المتحدة أن يتم القضاء على جميع الأسلحة النووية يوماً ما، وحتى يتحقق ذلك، فإن الاحتفال باليوم الدولي لمكافحة التجارب النووية يبعث على الأمل لتعزيز السلم والأمن في جميع أنحاء العالم.
** مقتضيات واجبة
ولتحقيق الأمنيات بعالم خال من التجارب النووية، ثمة عدة مقتضيات واجبة لابد من أخذها في الاعتبار وهي، أولاً: أن يكون ثمة توافقاً تاماً للرأي العام في المجتمع الدولي، بأن تجارب الأسلحة النووية تشكل مخاطر مهددة للحياة، وأن يتم القضاء على الشك المستمر في إمكانية إجراء تجارب سرية على الأسلحة النووية .
ثانياً : تفعيل تقدم العلم والتكنولوجيا لخدمة البشرية، الأمر الذي يؤدي إلى تعزيز القدرة على رصد آليات الامتثال وكشف انتشار الأسلحة النووية والتحقق منها. وقد شرعت اللجنة التحضيرية لمنظمة معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية في إعداد وتطوير هذه الأنشطة وأدوات التتبع.
ثالثاً: يجب التواصل المستمر والفعال من جانب اللجنة التحضيرية لمنظمة معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية والدول الـ168 التي صدقت عليها، للضغط بقوة الدفع من أجل دخول المعاهدة حيز النفاذ، ويوفر نظام الرصد الفريد لمنظمة معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية، الذي يشمل بالفعل نحو 90 في المائة من الدول، الثقة بأن أي انفجار نووي لن يفلت من الكشف.
يبقى القول، أنه لا يمكن تجنب نشوب حرب نووية أو تهديد إرهابي نووي، إلا من خلال الإزالة الكاملة للأسلحة النووية، ومن شأن التوصل إلى نهاية ملزمة لمن يقومون بالتفجيرات النووية ، أن يحد ويمنع زيادة تطوير الأسلحة النووية.
أ ش أ