رحلت “سيدتي الجميلة” الفنانة القديرة شويكار، عصر اليوم الجمعة، عن عمر ناهز 85 عامًا بعد صراع مع المرض، ونعت نقابة المهن التمثيلية الفنانة الراحلة، عبر حسابها بموقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) قائلة : “البقاء لله.. تنعي نقابة المهن التمثيلية الفنانة الكبيرة شويكار .. رحم الله الفقيدة وألهم أهلها وجمهورها الصبر والسلوان”.
جاء رحيل الفنانة الكبيرة شويكار صادمًا للوسط الفني الذي لم يكد يفق من صدمة وفاة الفنان القدير سناء شافع، ورغم معاناتها الطويلة مع المرض غير أن الأمل في عودتها للساحة الفنية كان كبيرًا، حيث كثيرًا ما أعربت عن تفاؤلها بالشفاء ورغبتها في العودة إلى الجمهور.
ولدت شويكار في 24 نوفمبر 1938، لأب تركي وأم شركسية، واكتشفها المخرج فطين عبدالوهاب حيث أقنعها بدخول عالم التمثيل، ولمعت في فترة الستينيات بعدد كبير من الأعمال الفنية على خشبة المسرح وشاشة السينما.
شكلت ثنائيًا ناجحًا مع الفنان فؤاد المهندس، وقدما العديد من الأفلام السينمائية والمسرحيات، وصلت إلى أكثر من 160 عملاً فنيًا، وبعد زواج دام 20 عامًا، انفصلت شويكار عن فؤاد المهندس بهدوء ولم يوضح أي منهما أسباب الطلاق، حيث استحالت حياتهما كزوجين، ووصلا إلى طريق مسدود.
وروى محمد فؤاد المهندس، في لقاء تلفزيوني، الأمر بالقول إنه حزن كثيرًا لذلك هو وشقيقه أحمد ومنة الله ابنة شويكار، ولم يعرف أحد سبب انفصالهما حتى الآن، موضحًا أنه حاول أن يجعل أباه يتراجع عن هذا القرار، لكن المهندس تمسك بقراره.
ولكن ما لا يعرفه البعض أن هذين الزوجين لم تكن حياتهما الزوجية سعيدة، كما كان يبدو عليهما أثناء العمل معًا، حيث عاش الزوجان حياة مليئة بالتوتر والخلافات، بسبب غيرة فؤاد المهندس الشديدة على شويكار.
ففي عام 1971 تم اختيار الفنان محمد خيري للقيام بدور البطولة مع الفنانة شويكار في أحد الأفلام، وما أثار غيرة فؤاد المهندس أكثر كون الفنانة شويكار كونت علاقة صداقة قوية مع الفنان محمد خيري، ما تسبب بينهم في خلاف كبير وصل أشده حين حضر الثلاثة إحدى المناسبات الرسمية وجلس محمد خيري على نفس الطاولة التي جلس عليها الزوجان وانفعل فؤاد المهندس أمام الجميع وغادرا فؤاد وشويكار المكان على إثره.
واستمرت الخلافات بينهما وكاد الأمر يصل للطلاق عدة مرات، وظلت علاقتهما الزوجية متوترة للغاية بعد هذا الحادث، ثم تم الانفصال عام 1980 أثناء عرض مسرحية “سك على بناتك”.
في حي مصر الجديدة نشأت شويكار والتحقت بمدرسة فرنسية حيث كان والدها مولعًا بالشعر وكان نهما للقراءة، بينما كانت والدتها تجيد العزف على البيانو مما أثر في حياة شويكار، والتي تميزت بجمالها، وفي سن صغير تزوجت من شاب ثري هو المهندس حسن نافع وهي في عمر السادسة عشر، وبعد عام من الزواج أنجبت ابنتها “منة الله” وبعدها أُصيب زوجها بمرض خطير، ووقتها قررت شويكار أن تستكمل دراستها الثانوية قبل أن تصدم بوفاة زوجها.
أصبحت شويكار أرملة وأم لطفلة وهي في عمر الثامنة عشر، وبعدها بعامين اختارها نادي “سبورتنج” لتتوج بلقب الأم المثالية وهي في عمر العشرين، حيث كانت تعمل وتدرس وتربي ابنتها، إلى أن دخلت مجال التمثيل وتعرفت على الفنان فؤاد المهندس.
وروت الفنانة الراحلة قصة ارتباطها بالمهندس بالقول إنها بدأت أثناء عرض مسرحية “أنا وهو وهي”، حيث قرر أن يعرض عليها الزواج على خشبة المسرح، فقال لها “تتجوزيني يا بسكوتة” فردت على الفور “وماله”.
وحينها بدأت قصة من الحب والنجاح بينهما وأصبحت شويكار أيضاً أما لأولاده من زوجته الأولى، واستمرت قصة حبهما لأكثر من عشرين عامًا من الزواج، وحتى بعد الانفصال ظل الثنائي يؤكد على الحب، وتقول شويكار عن المهندس: “كان لي الحبيب والصديق والزوج والأخ والمعلم وأعتقد أنني كنت الحب الأول والأخير في حياته، حتى عندما انفصلنا استمرت علاقتنا لآخر لحظة في حياته”.
كما تزوجت شويكار للمرة الثالثة من السيناريست مدحت حسن لم تتحدث عنه كثيرًا.
وتميزت الفنانة الراحلة على المستوى الفني بتنوع أدوارها بين الرومانسية والكوميدية، كما نجحت في تقديم الفتاة الأرستقراطية، وتركت بصمة في تقديم الشخصيات الشعبية، فقدمت التراجيديا في “غرام الأسياد” أمام أحمد مظهر وعمر الشريف، و”الباب المفتوح” مع فاتن حمامة و”أمير الدهاء” و”الكرنك”، و”بين القصرين”.
ورغم تراجع أدوارها مع ظهور جيل جديد من النجمات، لكنها لم تغب عن الساحة إطلاقًا وظلت تقدم الأدوار التي تناسب عمرها، كما قبلت أن تظهر كضيفة شرف في العديد من الأعمال، بعد أن كانت بطلة مطلقة فشاركت في فيلم “كشف المستور” مع نبيلة عبيد، و”سعد اليتيم” مع نجلاء فتحي و”أميركا شيكا بيكا” مع محمد فؤاد.
وظلت سنوات بعدها بعيدة عن الأضواء قبل أن يقنعها المخرج خالد يوسف بالعودة للسينما، من خلال فيلم “كلمني شكرًا” عام 2009.
ومن أشهر أعمالها السينمائية “مطاردة غرامية”، “دنيا البنات”، “جبان في الحب”، “المجانين في نعيم”.
وظلت شويكار مرتبطة بشكل وثيق بخشبة المسرح حيث قدمت عشرات الأعمال الناجحة وبينها “السكرتير الفني”، “سك على بناتك”، “سيدتي الجميلة”، “هالو دولي”، “أنا وهو وهي”، “إنها حقًا عائلة محترمة”.
ولم تغب بصمة الفنانة الراحلة عن الدراما فقدمت “هوانم جاردن سيتي”، “سر علني”، “امرأة من زمن الحب”، “عيال الجامعة”.
وحتى قبل رحيلها بفترة، كثيرًا ما عبرت الفنانة شويكار عن رغبتها في العودة للفن من خلال الإذاعة فقط وليس من خلال الشاشة سواء دراما أو سينما، مشيرة إلى أن هناك بالفعل مفاوضات معها تنتظر تحقيقها على أرض الواقع، بعدما ترى الدور المناسب الذي يشجعها.
غير أن القدر لم يمهل الفنانة الكبيرة المزيد من الوقت لترحل “سيدتي الجميلة” مكتفية بما قدمت من أعمال رائعة.
المصدر : أ ش أ