مجلس الشيوخ المصري الذي انطلقت أولى مراحل ميلاده بقبول طلبات الراغبين في الترشح لعضويته هو خطوة جديدة نحو ترسيخ مسيرة الديمقراطية، ومبدأ السيادة للشعب وعودة للغرفة البرلمانية الثانية مع مسار ديمقراطي جديد بعد غياب 7 سنوات، وهو مجلس تقرر إنشاؤه ضمن التعديلات الدستورية التي وافق عليها المصريون في عام 2019، كبديل لمجلس الشورى الذي تم استبعاده في دستور عام ٢٠١٤، حيث أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي يوم 2 يوليو الحالي قانون تنظيم مجلس الشيوخ الجديد برقم 141 لسنة 2020، والذي جاء إعمالا للتعديلات الدستورية المستحدثة مؤخرا على أحكام دستور 2014.
وفيما استحدث المشرع بموجب هذه التعديلات بابا جديدا مكونا من 7 مواد (من 248 إلى 254) تضع القواعد الدستورية لعودة مجلس الشيوخ مرة أخرى إلى الحياة النيابية المصرية، وأوردت الهيئة الوطنية للانتخابات في بيان رسمي كافة الضوابط والإجراءات المتعلقة بالعملية الانتخابية، بداية من إجراءات الترشح والطعون والدعاية وتوقيتاتها وأماكنها.
ولمجلس الشيوخ الجديد دور مهم في الحياة البرلمانية المصرية تنبع من المهام الموكلة إليه إذ سيتولى المجلس الجديد مهمة إضفاء مزيد من التعمق على دراسة القوانين قبل إقرارها وترسيخ دعائم الديمقراطية والحريات العامة وبذلك تكتمل في مصر أركان المنظومة التشريعية.
وقد وافق مجلس النواب برئاسة الدكتور على عبد العال خلال جلسة عامة على تحديد اختصاصات مجلس الشيوخ وهي مناقشة اقتراحات تعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور، ومناقشة مشروع الخطة العامة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية، إقرار معاهدات الصلح والتحالف وجميع المعاهدات التي تتعلق بحقوق السيادة، ومناقشة مشروعات القوانين ومشروعات القوانين المكملة للدستور التي تحال إليه من رئيس الجمهورية أو مجلس النواب، ومناقشة ما يحيله رئيس الجمهورية إلى المجلس من موضوعات تتصل بالسياسة العامة للدولة أو بسياستها في الشئون العربية أو الخارجية.
وعند توفر 6 شروط يمكن لأي مواطن التقدم لعضوية مجلس الشيوخ، وهي أن يكون مصري الجنسية متمتعًا بحقوقه المدنية والسياسية، وألا تكون قد أسقطت عضويته بقرار من مجلس الشيوخ أو من مجلس النواب بسبب فقد الثقة والاعتبار أو بسبب الإخلال بواجبات العضوية، وأن يكون اسمه مدرجا بقاعدة بيانات الناخبين بأي من محافظات الجمهورية، وألا يقل سنه يوم فتح باب الترشح عن 35 سنة ميلادية، وأن يكون حاصلا على مؤهل جامعي أو ما يعادله على الأقل، وأن يكون قد أدى الخدمة العسكرية أو أُعفى من أدائها قانونا.
وسيتشكل مجلس شيوخ 2020 من 300 عضو، ينتخب الثلثين بالاقتراع العام السري المباشر، ويعين رئيس الجمهورية الثلث الباقي، على أن يخصص للمرأة ما لا يقل عن 10 % من إجمالي عدد المقاعد، وتوزع المقاعد بين النظامين الفردى والقائمة، بواقع 100 مقعد بالنظام الفردي، و100 مقعد بنظام القوائم المغلقة المطلقة، ويحق للأحزاب والمستقلين الترشح في كل منهما.
وللحياة النيابية في مصر لها تاريخ طويل ممتد منذ منتصف القرن الثامن عشر وحتى الآن، ومستمرة في التقدم والتطور لترسيخ قيم وتقاليد برلمانية، ويعد البرلمان المصري أقدم مؤسسة تشريعية في الوطن العربي، والتي بدأت منذ تولي محمد علي الحكم وتكوين المجلس العالي في عام 1824، ووضعه للائحة الأساسية للمجلس العالي في يناير عام 1825 المحددة لاختصاصاته، إلى أن جاء الخديوي إسماعيل في عام 1866، ليقوم بإنشاء أول برلمان نيابي تمثيلي بالمعنى الحقيقي وهو مجلس شورى النواب، وتطور ذلك عبر مراحل متوالية حتى إعلان دستور عام 1923، ذلك الدستور الذي مثل نقلة كبيرة على طريق إقامة الحياة النيابية السليمة في مصر، وقد تكون البرلمان في ظل ذلك الدستور من مجلس النواب ومجلس الشيوخ.
ومع تولي الرئيس محمد أنور السادات الحكم وفي سبتمبر عام 1971 صدر الدستور المصري الدائم والذي بدأت معه مرحلة جديدة من تاريخ مصر الحديث والمعاصر وفي ظله ثم الاستفتاء في أبريل عام 1979، والذي بمقتضاه تم إنشاء مجلس الشورى، وعقد مجلس الشورى أولى جلساته في أول نوفمبر عام 1980، ومعه عادت فكرة وجود مجلسين تشريعيين في الحياة النيابية.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)