توصل علماء بريطانيون إلى أن التحديق في ضوء أحمر عميق لمدة ثلاث دقائق يومياً يساعد في الحفاظ على قوة البصر، حيث تقوم نبضات قصيرة من الضوء الأحمر طويل الموجة بتنشيط خلايا شبكية العين.
قد يصبح التحديق في ضوء أحمر لمدة ثلاث دقائق لدى البعض روتيناً يومياً مثل غسيل الأسنان، وذلك من أجل تلافي تراجع البصر مع تقدم العمر. توصل إلى هذه النتيجة فريق من العلماء ترأسته غلين جيفري، وهي أستاذة بمعهد طب العيون بجامعة كينغز كولدج بلندن.
وكان الباحثون قد نشروا نتائج دراستهم في الـ29 يونيو من العام الحالي بصحيفة The Journals of Gerontology العلمية.
شارك في الدراسة 24 شخصاً تتراوح أعمارهم ما بين 28 و72 عاماً ولا يعانون من مشاكل بصرية مسبقة. قام العلماء في البداية بفحص مدى حساسية مستقبلات الضوء بالشبكية لدى المشاركين، وتتكون هذه المستقبلات من الخلايا المخروطية المسؤولة عن رؤية الألوان، والخلايا العصوية المسؤولة عن الرؤية في الظلام والرؤية المحيطية، وهي رؤية الأشياء الواقعة خارج مركز الرؤية الرئيسي.
من أجل فحص الخلايا المخروطية، حصل المشاركون على أدوية لتوسيع حدقة العين، ثم طلب منهم العلماء محاولة التعرف على إشارات خفيفة من الضوء في الظلام. ولفحص الخلايا العصوية لدى المشاركين، كان عليهم التعرف على حروف ملونة معتمة وغير واضحة.
بعد هذه الإختبارات حصل المشاركون علي كشافات صغيرة، وتوجّب عليهم النظر للنور الأحمر العميق لهذه الكشافات لمدة ثلاث دقائق يومياً على مدار أسبوعين ليقوموا بعدها بإعادة هذه الإختبارات مرة أخرى.
حققت التجربة نجاحاً لدى من تجاوز عمرهم الأربعين عاماً، حيث تحسنت وظيفة الخلايا المخروطية بنسبة الخُمس، بينما لم يحدث تغيير ملحوظ لدى الشباب. ومن اللافت للنظر تحسن القدرة على التعرف على اللون الأزرق، وهو في طيف الألوان التي يصعب على المرء رؤيتها بوضوح مع تقدم العمر. كما أسفرت التجربة عن تحسن قدرات الخلايا العصوية لدى المشاركين بشكل كبير.
يضاف إلى نجاح التجربة أيضاً التكلفة القليلة لإنتاج هذه المصابيح، فالكشّاف الواحد كلّف العلماء ما يعادل 13 يورو. لكن وجب الحذر من استخدام كشّافات لم يتم اختبارها من قبل علماء أو كشّافات مصنوعة في المنزل وغيرها، والتي من الممكن أن تؤذي شبكية العين بشدة في حالة الاستخدام الخاطئ دون اشراف طبيب مختص.
مع تقدم العمر تضعف قوة البصر لدينا، وتقول غلين جيفري: إن هذا الأمر “ينطبق بشكل خاص على من تجاوز عمرهم الأربعين عاماً. فمع الوقت تضعف شبكية العين والقدرة على رؤية الألوان بوضوح”. يرجع السبب في ذلك إلى إصابة خلايا الشبكية بالشيخوخة، وذلك بسبب ضعف ما يسمى بال”ميتوكوندرين” في هذه الخلايا. ويعد الميتوكوندرين بمثابة مولد طاقة للخلايا، وهي الطاقة المعروفة بإسم “إي تي بي”.
تحتوي خلايا الشبكية على أعلى نسب الميتوكوندرين، وهي أيضاَ الخلايا الأكثر استهلاكاً للطاقة. لذلك تظهر أثار الشيخوخة على البصر قبل وظائف الجسم الأخرى، فعلى مر الزمن يقل انتاج طاقة “إي تي بي” بنسبة 70 بالمئة، مما يتسبب في ضعف الشبكية وبالتالي تراجع النظر بشكل ملحوظ عند التقدم في العمر.
تشرح جيفري كيفية الاستفادة من الضوء الأحمر في تحسين البصر قائلة: “يقوم الميتوكوندرين بامتصاص النور في مدى الطول الموجي 650 وحتى ألف نانومتر، ويحسن ذلك من أداء العينين ويرفع انتاج الطاقة في خلايا الشبكية”. وكانت التجارب السابقة على الفئران وذباب الفاكهة والنحل الطنان أظهرت تحسناً كبيراً في مستقبلات الضوء لديهم عند تعرضهم للنور الأحمر في مدى الطول الموجي 670 نانومتراً، وهو ايضاَ ما تم استخدامه في التجارب البشرية.
وشبهت غلين جيفري العلاج بالضوء الأحمر بشحن بطارية، فـ”من الممكن تحسين البصر بشكل كبير لدى كبار السن عن طريق تعريضهم لنبضات قصيرة للضوء طويل الموجة والذي يقوم بشحن خلايا الشبكية بالطاقة التي تنقصها”، تقول الطبيبة.
المصدر:وكالات