يحيي العالم غدا الخميس اليوم الدولي لضحايا العدوان من الأطفال الأبرياء 2020 تحت شعار “أوقفوا الهجمات على الأطفال”، حيث ازداد عدد الانتهاكات المرتكبة ضد الأطفال، في العديد من مناطق النزاع في السنوات الأخيرة.
ومن الحقائق المحزنة أنه في الحالات التي ينشب فيها الصراع المسلح، يكون أكثر أفراد المجتمعات ضعفا – أي الأطفال، هم الأكثر تضررا من عواقب الحرب. الانتهاكات الستة الأكثر شيوعا هي تجنيد الأطفال واستخدامهم في الحرب، والقتل، والعنف الجنسي، والاختطاف، والهجمات على المدارس والمستشفيات، ومنع وصول المساعدات الإنسانية.
ويلزم عمل المزيد لحماية 250 مليون طفل يعيشون في البلدان والمناطق المتأثرة بالصراعات، ويجب عمل المزيد لحماية الأطفال من الاستهداف من قبل المتطرفين العنيفين، وتعزيز القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان، وضمان المساءلة عن انتهاكات حقوق الأطفال.
وتزودنا خطة التنمية المستدامة لعام 2030 بالخطة الرئيسية العالمية لضمان مستقبل أفضل للأطفال. يتضمن جدول الأعمال الجديد لأول مرة هدفاً محدداً (16.2) لإنهاء جميع أشكال العنف ضد الأطفال، ويتم وضع حد لإساءة معاملة الأطفال وإهمالهم واستغلالهم عبر العديد من الأهداف الأخرى المتعلقة بالعنف.
وكانت الجمعية العامة قد قررت في 19 أغسطس 1982، في جلستها الاستثنائية الطارئة بشأن قضية فلسطين، “التي روعت العدد الكبير من الأطفال الفلسطينيين واللبنانيين الأبرياء من ضحايا أعمال العدوان الإسرائيلية” ، الاحتفال في 4 يونيو من كل عام بصفتها اليوم الدولي للأطفال الأبرياء ضحايا العدوان.
والغرض من اليوم هو الاعتراف بالألم الذي يعاني منه الأطفال في جميع أنحاء العالم الذين هم ضحايا الاعتداء الجسدي والعقلي والعاطفي.
ويؤكد هذا اليوم التزام الأمم المتحدة بحماية حقوق الأطفال، ويسترشد عملها باتفاقية حقوق الطفل، وهي المعاهدة الدولية لحقوق الإنسان التي تمت المصادقة عليها بسرعة أكبر وعلى نطاق واسع في التاريخ.
ومن متابعة لتقرير غراسا ماشيل الرائد، الذي لفت الانتباه العالمي إلى الأثر المدمر للصراع المسلح على الأطفال، في عام 1997، اعتمدت الجمعية العامة قرارا بشأن حقوق الطفل 51/77، لقد كان تطوراً بارزاً في الجهود المبذولة لتحسين حماية الأطفال في حالات الصراع.
ويشير ذلك إلى بدء توافق جديد في الآراء بين الدول الأعضاء بشأن الحاجة إلى الاهتمام المتفاني والدعوة والجهود المنسقة من جانب المجتمع الدولي لمعالجة نقاط الضعف والانتهاكات التي يواجهها الأطفال في الحالات المتصلة بالصراع.
واعتمد القرار 51/77 على جهود الجمعية العامة القائمة لحماية حقوق الطفل، بما في ذلك من خلال اتفاقية حقوق الطفل وبروتوكولها الاختياري، والقرارات السنوية لحقوق الطفل، وأنشأت ولاية الممثل الخاص للأمين العام المعني بالأطفال والنزاع المسلح.
وتشير تقارير الأمم المتحدة لحقوق الطفل إلى أنه من سيراليون إلى كولومبيا والصومال وأفغانستان، حيث يؤثر النزاع كل عام على حياة عشرات الآلاف من الفتيان والفتيات، وذكرت أن الأطفال مجبرون على الانضمام إلى الجيش أو الحركات المسلحة، واختطافهم واستخدامهم وإساءة معاملتهم، مما يؤجج الحروب التي لم يخلقوها.
وحث خبراء الأمم المتحدة الدول على حماية الأطفال من البيع والاستغلال الجنسي والتجنيد والاستخدام في الأعمال العدائية.
كما ناشد خبراء حقوق الإنسان بالأمم المتحدة الحكومات لتعزيز تدابير حماية الأطفال من أجل المساهمة في حفظ رفاهية الملايين منهم في جميع أنحاء العالم الذين قد يكونوا أكثر عرضة للعنف والبيع والاتجار والاعتداء الجنسي والاستغلال خلال ظرفية جائحة كورونا ( كوفيد19).
وصرح خبراء حقوق الإنسان بالأمم المتحدة بأن أولياء الأمور ومقدمي خدمات الرعاية والمسؤولين على تطبيق القانون، هم جميعاً في حاجة إلى دعم إضافي للتقليل من المخاطر المتزايدة على الأطفال.
وأشارت “مود دي بوير – بوكيتشيو” المقررة الخاصة للأمم المتحدة بشأن بيع الأطفال واستغلالهم جنسياً، إلي أنه بشكل عام، تؤدي تدابير الحجر مع تعطل تقديم خدمات حماية الطفل المحدودة أصلا، بالفعل إلى تفاقم الوضعية الهشة للأطفال بمؤسسات الرعاية النفسية والاجتماعية، ودور الأيتام، ومخيمات اللاجئين، ومراكز احتجاز المهاجرين وغيرها من المؤسسات المغلقة، كحالات العنف والاعتداء والاستغلال الجنسي على الأطفال المحبوسين خلال فترة الحجر في هذه المراكز والتي من المحتمل ألا يتم رصدها.
في حين أشارت “نجاة معلا مجيد” الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالعنف ضد الأطفال، إلى أنه في طرفية الحجر والعزلة في المنازل وفي أماكن أخرى، يكون الأطفال أكثر عرضة لخطر التعرض للعنف والاستغلال، بالإضافة إلى المشاكل الخاصة بصحتهم النفسية. وهذا ينطبق بشكل خاص على الذين هم أصلا في وضعية هشة، ويجب بالتالي الالتفات إليهم.
وحث الخبراء الحكومات على ضمان توفر مؤسسات حماية الطفل وإنفاذ القانون على العدد الكافي من الموظفين لخدمة جميع الأطفال، ويشمل ذلك الخطوط الساخنة المجانية على مدار الساعة، وخدمات الرسائل النصية المجانية، والخدمات النفسية والاجتماعية عن بعد والملاجئ المتنقلة الخاصة بالقاصرين.
في إشارة إلى نقصان هذه الخدمات الحيوية، يجد الضحايا أنفسهم معرضون لسوء المعاملة والعنف من قبل مقدمي الرعاية أو من هم في دائرة الأشخاص الموثوق بهم، يجب التأكد من ضمان حماية الطفل بشكل كامل في الإجراءات الخاصة بـكوفيد 19، مع تخصيص الموارد الكافية أثناء وبعد فترة تفشي هذا الوباء.
ونظراً لأن الروابط الاجتماعية طالها الضعف نتيجة للأزمة، وجب علينا إذن جميعا توخي الحذر والإبلاغ عن أي إساءة معاملة مشتبهة على الأطفال. ومن المرجح أن تؤدي محدودية الأسفار وزيادة المتصلين عبر الإنترنت إلى تنامي الجرائم الإلكترونية، مثل الاستمالة عبر الإنترنت والبث المباشر للاعتداء الجنسي على الأطفال وإنتاج وتوزيع مواد الاعتداء الجنسي على الأطفال.
إن التعاون بين القطاع الخاص والسلطات الأمنية، أمر ضروري لضمان الرصد المبكر لحالات السيبرانية المشتبه بها وحصر وسحب فعالين لكل مادة من مواد الاستغلال الجنسي للأطفال عبر الإنترنت.
وطالب الخبراء إلي أنه تتطلب هذه العمليات قوات أمن خاصة ومدربة لرصد شبكات الاستغلال الجنسي للأطفال، والتعرف بشكل قانوني على عناوين IP والاحتفاظ بها كأدلة، والتواصل مع القطاع الخاص والسلطات الأمنية في الخارج مع الحرص بشدة على احترام قانون حقوق الإنسان.
وسيؤثر فقدان دخل الأسرة بشكل غير متناسب على الأطفال الأكثر هشاشة في العالم، مما يجعلهم فريسة سهلة لعمالة الأطفال، والعبودية المنزلية، والبغاء، والتسول القسري وغيرها من حالات الاستغلال، مع احتمالية دوام هذا التأثير على هؤلاء الضحايا.
وخلص الخبراء إلى أنه يجب علينا جميعا بذل الكثير من المجهودات لدعم من هم في الخطوط الأمامية لحماية الطفل، والمكلفين بمراقبة الحي والمجتمع المحلي وكذا السلطات الأمنية.
كذلك علينا أيضاً تمكين الأطفال من المشاركة الفعالة في التصدي لهذه الأزمة، وبالأخص من خلال المبادرات، وبهذه الطريقة، يمكننا ضمان حماية كرامة الأطفال وحقوقهم وعدم تحمل أي طفل العواقب الجانبية لهذا الوباء غير المسبوق.
وكشفت منظمة الصحة العالمية النقاب عن أن ما لا يقل عن 55 مليون طفل في أوروبا يعانون سنويا من شكل من أشكال العنف الجسدي والجنسي والعاطفي والنفسي. ووفق مكتب المنظمة الإقليمي في أوروبا، فرغم جسامة هذا الرقم، إلا أنه من الثابت جيدا عدم التبليغ عن حوادث العنف بين الأشخاص على نطاق واسع.
وتقدر المنظمة أنه من بين 204 ملايين طفل دون سن 18 في أوروبا، فإن 9.6% يتعرضون للاستغلال الجنسي ، و22.9% للعنف الجسدي، و29.1% للضرر العاطفي. وعلاوة على ذلك، فإن 700 طفل يقتلون كل عام.
وتشير منظمة الصحة العالمية، إلى إنفاق ما يقدر بـ 581 مليار دولار سنويا على علاج الضحايا، إلا أن التكلفة المالية تتضاءل بالمقارنة مع الخسائر التي يتكبدها الأفراد على صحتهم.
وتكشف الدراسات أيضا أن الأطفال الذين يتعرضون للعنف هم أكثر عرضة للإصابة بأمراض عقلية، وتعاطي المخدرات والكحول والسمنة وأيضا معرّضون للإصابة بأمراض مزمنة في وقت لاحق من العمر.
وقالت “بينت ميكلسون” مديرة قسم الأمراض غير السارية وتعزيز الصحة في مكتب أوروبا الإقليمي في المنظمة، إلى أن العنف ضد الأطفال مخيف ومزعج ولصدمة الأطفال تكلفة فادحة، ليس فقط عليهم كأطفال ولكن أيضا عليهم ككبار، لأن حياتهم ستتحطم مما يزيد التكلفة على اقتصاد الدولة، وتظهر الدول رغبة متزايدة لمواجهة هذه الآفة.
وبشكل عام، فإن الإرادة السياسية لمكافحة العنف ضد الأطفال ارتفعت، مع وجود 66% من البلدان الإقليمية التي تحظر العقوبة البدنية في جميع الظروف وتؤكد المنظمة أن تمرير القوانين ليس سوى جزء من الحل. فإن 83% من الدول في المنطقة وضعت خطة عمل وطنية لوقف الإساءة للأطفال، أقل من نصفها تحصل على التمويل الكافي.
وتقدم منظمة الصحة العالمية حزمة من الاستراتيجيات لإنهاء العنف ضد الأطفال، وهي عبارة عن موارد قائمة على الأدلة تدعم البلدان الملتزمة بمنع الاعتداءات على الأطفال والتصدي لها من خلال تحديد سبع استراتيجيات ناجحة لخفض مستويات العنف. وهي كما يلي : تطبيق وإنفاذ القوانين؛ المعايير والقيم ؛ إيجاد بيئات آمنة؛ دعم الآباء ومقدمي خدمات الرعاية؛ تحسين الدخل وتعزيز الوضع الاقتصادي؛ خدمات الاستجابة والدعم؛ التعليم والمهارات الحياتية.
ويعد القضاء على “الإساءة والاستغلال والاتجار وجميع أشكال العنف والتعذيب ضد الأطفال” جزءا من أهداف التنمية المستدامة في الأمم المتحدة، وفي المنطقة الأوروبية، تعتمد منظمة الصحة العالمية على الدول الرائدة في توسيع نطاق منع العنف ضد الأطفال والاستجابة للحالات.
المصدر : أ ش أ