بثبوت ميلاد هلال شهر شوال للعام الهجرى الحالى ١٤٤١، يتأكد حلول عيد الفطر و رحيل شهر رمضان المبارك، وتودع الأمة الإسلامية صيامها ، وقد أجبر السياق الزمنى شديد الخطورة الذى فرضه فيروس كورونا المستجد، وحل فى إطاره العيد على ارتدائه ثوبا جديدا مختلف وغير مسبوق هذا العام.
فوسط إجراءات إحترازية مشددة وضعتها الدولة للحفاظ على المواطنين من خطر عدوى فيروس كورونا المستجد، استقبل المصريون اليوم الأحد، عيد الفطر المبارك “يوم الجائزة ” حيث تكبيرات العيد وصلاته بالبيت، برخصة من الشرع والدين، والتقارب بين الأصدقاء وأفراد العائلة بالمشاعر وتهانى العيد عبر الحسابات الشخصية على مواقع السوشيال ميديا التى حفلت برسائل معايدات وتهانى حلول عيد الفطر.
نجحت كورونا فى تقويض بعض مظاهر الاحتفال بعيد الفطر ومنها صلاة العيد فى المساجد والساحات التى تخصصها وزارة الأوقاف فى كل عام لهذه الشعيرة الإسلامية، لكنها فشلت فى إلغاء الشعور بفرحة العيد وبهجته و العادات الموروثة التى دأب عليها المصريين، فارتدى الأطفال فى منازلهم ملابس جديدة ، وتم إعداد وشراء أصناف مختلفة من الحلويات والكعك ، وذلك لأن الاطفال هم الأكثر فرحا وابتهاجا بالعيد، فالعيد عندهم يعنى الملابس الجديدة والعيدية وأكل الكعك.
ولعيد الفطر فرحتين وعد الله بهما عباده الصائمين ، الأولى فرحتهم بالعيد ، الثانية جزاء الصائم عند الله فى الأخرة ، والعيد إنما سمى عيدا لعودته بالفرح في كل عام، و على الرغم من تقادم عهده، إلا أن قدومه مازال يجلب الفرح والابتهاج فى النفوس، وتمشيا مع الظروف الطارئة التى تعيشها مصر بفرض حظر التجوال من الساعة الخامسة مساء وحتى السادسة صباحا فقد أضفت القنوات الفضائية وبرامج الإذاعة على العيد بهجة من نوع خاص من خلال بث الحفلات وأغانى العيد وعرض الأفلام والمسرحيات والمسلسلات المجمعة.
ومن مظاهره زكاة الفطر التى فرضت فى العام الثانى من الهجرة مع فرض صيام رمضان، طهره للصائم من الرفث واللغو، الذي ربما يكون قد وقع فيهما خلال رمضان ، وهى واجبة على كل من يقدر على أدائها من المسلمين، وينتهي وقتها بابتداء صلاة العيد وتخرج قبل يوم العيد لمن يستحقها من الفقراء والمحتاجين تطهيرا للنفس والأموال وتزكية لهما ، ، وتقديم العيديات للصغار وارتداء الملابس الجديدة.
وتعد مصر من الشعوب ذات الخصوصية فى مظاهرها الاحتفالية بهذا العيد، ومنها انتقلت هذه المظاهر إلى العديد من شعوب العالم، ففى العصر الفاطمى كان من أهم مظاهر الاحتفال بعيد الفطر توزيع الحلوى على جميع موظفى الدولة وإقامة الموائد الضخمة ، وفى عصر الدولة العثمانية كان الاحتفال بالعيد يبدأ عقب أداء صلاة الفجر حيث يصعد أمراء الدولة والقضاة فى موكب إلى القلعة ويتوجهون إلى جامع الناصر محمد بن قلاوون داخل القلعة لأداء صلاة العيد، ثم يصطفون لأداء التهنئة للباشا ويتقدم للتهنئة الأمراء وكبار البكوات والمماليك وكبار الضباط وتقدم القهوة والحلوى والشربات وتفوح روائح المسك والبخور، ثم يخلع الباشا المناصب على الأمراء ، ويأمر بالإفراج عن بعض المساجين ويسهر الناس فى ابتهاج وسرور ، وقد أعدوا الكعك والحلوى لتقديمها للأهل والزوار.
والعيدية واحدة من أهم طقوس وعادات الاحتفال بالعيد فى مصر وأكثرها انتشارا ورسوخا، ومن عادات وتقاليد العيدية أنها تختلف فى القيمة بحسب السن، وكثيرا ما يحصل الصغار على العيدية من الأبوين والجدين والأعمام والعمات والأخوال والخالات، ومن المعتاد أن تكون نقود العيدية جديدة ، وهى عادة جميلة ورسالة حب وود تدل على التكافل الاجتماعى والشعور بالآخرين وإسعادهم حيث ينتظرها الأطفال من أول أيام العيد ويتفاخر كل منهم بما حصل عليه من نقود.
ومن أشهر أكلات أيام العيد ، الكعك والفطير والسمك المملح والمكسرات والبعض يفضل أطباقا من اللحمة والبصل والطحينة، ويعتقد الكثيرون أن كعك العيد بدأ فى مصر مع بداية العصر الفاطمى، ولكن الحقيقة التاريخية تؤكد أنه بدأ قبل ذلك بكثير ، فقد عرفه المصريون منذ أيام الفراعنة و اعتاد المصريون القدماء تقديم الكعك على هيئة قرص الشمس وصنعوه من دقيق القمح والسمن وعسل النحل ، وكانت زوجات الملوك يقدمن الكعك للكهنة الحارسين للهرم خوفو فى يوم تعامد الشمس على حجرة خوفو وقد وجدت أقراص الكحك محتفظة بهيئتها ومعها قطع من الجبن الأبيض وزجاجة عسل النحل، أما فى التاريخ الإسلامى فيرجع تاريخ كعك عيد الفطر إلى الطولونيين قبل العصر الفاطمى ،حيث كانوا يصنعونه فى قوالب خاصة مكتوب عليها “كل واشكر” ، ثم أخذ مكانة متميزة فى عصر الإخشيديين واصبح من مظاهر الاحتفال بعيد الفطر.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)