لقاهرة في 17 أبريل /أ ش أ/ تقرير: شادية محمود (مركز دراسات وأبحاث الشرق الأوسط)
تحل اليوم الجمعة الذكرى السنوية الـ46 “ليوم الأسير الفلسطيني”، والتي توافق يوم 17 أبريل من كل عام.. وتأتي المناسبة هذا العام بشكل يختلف عن أي عام مضى، لاسيما وأن العالم منشغل بمواجهة وباء فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، والذي أذاق أغلب الشعوب طعم الأسر بإجبارهم على البقاء في المنازل تفاديا للإصابة به، فأضحى الجميع أسير تفشيه وانتشاره وربما الإصابة به، بما عزز معنى “الأسر” في النفوس.
ويستلهم الأسرى في هذه المناسبة، معاني الصمود والنضال لتحقيق أهداف التحرير وتقرير المصير، محاكاة للمناضل محمود حجازي الذي تم إطلاق سراحه قبل 46 من سجن الاحتلال الإسرائيلي كأول أسير فلسطيني.
ولم يعد هذا اليوم علامة فارقة في مسار العدالة الدولية تجاه الصمت على ما تشهده الأراضى الفلسطينية المحتلة من انتهاكات لحقوق الأسرى فحسب، بل جاء هذا العام متزامنا مع التنبيه إلى خطورة الأوضاع التي يتعرض لها نحو 5 آلاف أسير فلسطيني في السجون الإسرائيلية في ظل تفشي وباء كورونا في إسرائيل، من بينهم عدد كبير من كبار السن والمرضى وأصحاب المناعة المتدنية، وهي الفئات الأكثر ضعفا وعرضة للخطر في مواجهة الفيروس، وذلك بحسب رسالة الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، بشأن أوضاع الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
فمنذ بداية الاحتلال الإسرائيلى اعتقل ما يقرب من خمس الشعب الفلسطيني ودخلوا السجون الإسرائيلية بطرق مختلفة ولفترات متفاوتة، ولذلك فإن مناسبة يوم الأسير الفلسطينى ستظل العلامة الفارقة في مسار العدالة الدولية، والتجسيد الحقيقي لحقوق الإنسان، لاسيما وأن مواصلة إسرائيل انتهاكاتها للأسرى والمعتقلين الفلسطينيين يجعل مصداقية المواثيق الأممية المتعلقة بحقوق الإنسان على المحك، ويفرغ مضمونها من أي قيمة إنسانية.
وفيما هي كذلك، فإنها هذا العام تعد شاهدا على الأوضاع الخطيرة التي يتعرض لها الأسرى في السجون الإسرائيلية، ومن بينها غياب الأطباء المتخصصين والأجهزة الطبية لمساعدة المرضى، فضلا عن افتقار أماكن الاحتجاز للتهوية الجيدة، والنقص الشديد في مواد التنظيف وغيرها من المستلزمات الطبية الضرورية.
وهذا العام.. لم تعد مناسبة يوم “17 أبريل” تماثل سابقاتها من حيث سجل الجرائم الحافل بحق الأسرى، فقد جاءت مختلفة في وتيرة عدوان الاحتلال غير المسبوقة بحق الأسرى والتمييز بينهم وبين السجناء الآخرين، حيث قامت إسرائيل باتخاذ قرار بالإفراج عن بعض السجناء الجنائيين من مواطنيها لتفادي خطر تفشي الوباء بينهم في السجون، فيما استثنت الأسرى الفلسطينيين، الأمر الذي يعد مخالفا لمعايير الإنسانية ولقواعد القانون الدولي التي نصت في اتفاقية جنيف الرابعة على حماية حقوق الأسرى في زمن انتشار الأوبئة.
وقضية الأسرى الفلسطينيين والعرب في سجون الاحتلال الإسرائيلي تمس كل بيت فلسطيني وعربي لما لها من أبعاد إنسانية، ولذلك فهي في وجدان كل صاحب ضمير حي، وكل مدافع عن حقوق الإنسان وراغب في تحقيق الحرية والعدالة الإنسانية، وستظل هذه القضية إحدى أهم أولويات العمل العربي المشترك الداعم والمناصر لصمود ونضال الأسرى المعتقلين الفلسطينيين والعرب في سجون الاحتلال الإسرائيلي حتى إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس.
ويحي الشعب الفلسطيني الذكرى السنوية ليوم الأسير الفلسطيني، والذي أدرج في التقويم السنوى “رزنامة” للعمل الوطني لهذا الشعب منذ عام 1974، حيث نجحت المقاومة الفلسطينية في إطلاق سراح الأسير محمود بكر حجازي في أول عملية لتبادل الأسرى مع إسرائيل.. وفي هذا العام أيضا، أقر المجلس الوطني الفلسطيني باعتباره السلطة العليا لمنظمة التحرير الفلسطينية، خلال دورته العادية، يوم 17 أبريل يوما وطنيا للوفاء للأسرى الفلسطينيين وتضحياتهم، باعتباره يوما لشحذ الهمم وتوحيد الجهود، لنصرتهم ومساندتهم ودعم حقهم بالحرية، ولتكريمهم وللوقوف بجانبهم وبجانب ذويهم، وكذلك إثبات الوفاء لشهداء الحركة الأسيرة.
وتنفيذا لقرار قمة دمشق التي عقدت فى عام 2008، تحولت المناسبة إلى “اليوم العربي للأسير الفلسطيني”، وفيه تم إلقاء الضوء على ما يتعرض له الأسرى الفلسطينيون بمن فيهم المرضى والنساء والأطفال في سجون الاحتلال الإسرائيلي من انتهاكات وحشية في ظل أوضاع معيشية ونفسية قاسية، حيث تمارس إسرائيل (السلطة القائمة بالاحتلال) ضدهم العديد من الانتهاكات والممارسات القمعية الممتهنة لكرامتهم الإنسانية والتنكيل بهم في إطار حملة العدوان الإسرائيلي الشامل على الشعب الفلسطينيي بأسره، وفي انتهاك سافر للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وكافة المواثيق والاتفاقيات الدولية التي تنظم حقوق الأسير في ظل سلطة الاحتلال وفي ظل مواصلة الاعتقال والتعذيب الوحشي والانتهاك اللاإنساني.
و”يوم الأسير الفلسطيني”، هو يوم تضامني مع الأسرى الفلسطينيين في السجون والمعتقلات الإسرائيلية، ويحيي الشعب الفلسطينى هذا اليوم في فلسطين والشتات سنويا بوسائل وأشكال متعددة.. وفي ظل الإجراءات الاحترازية المتخذة ضد فيروس كورونا، فإن إحياء هذه المناسبة سيكون بطريقة مختلفة هذا العام، وقضية الأسرى من القضايا الأكثر حساسية لدى الشعب الفلسطينى في طريق نضاله من أجل الحصول على الاستقلال والحرية من الاحتلال الإسرائيلي، وتمكينه من إقامة دولة فلسطينية.
وتشير الإحصاءات إلى أن أكثر من 80% من الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين تعرضوا للتعذيب خلال التحقيق على يد جنود المحققين الإسرائيليين، وهناك أشكال عدة للتعذيب بحق المعتقلين الفلسطينيين، مثل: الشبح والمنع من النوم ونزع الملابس خلال الليل والضرب، إلى جانب التعذيب النفسي، وخلال انتفاضة الأقصى التي اندلعت فى عام 2000، وصل عدد حالات الاعتقال إلى أكثر من 40 ألف عملية اعتقال، كما لايزال أكثر من 6000 معتقل داخل السجون الإسرائيلية، موزعين على أكثر من 27 معتقلا.
وتمارس السلطات الإسرائيلية “الاعتقال الإداري” على الفلسطينيين الذين لم يثبت ضدهم مخالفات معينة، حيث أن هذا الاعتقال يصدر بحق شخص ما دون توجيه تهمة معينة أو لائحة اتهام، بناء على ملفات سرية استخبارية أو بسبب عدم وجود أو لنقص الأدلة ضد متهم ما.
المصدر:أ ش أ