ذكرت صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية أنه في بعض البلاد مثل الولايات المتحدة ودول متقدمة من تلك التي تضررت بشدة بفيروس كوفيد-19، تطرح التساؤلات بشأن التوقيت الذي يمكن فيه بدء العودة للعمل. غير أنه بالنسبة لكثير من باقي دول العالم، لم يبدأ الكابوس الحقيقي بعد. وما يمثل جزءا من الفزع الآن هو أن الكثير من الدول الأكثر فقرا لن تمتلك السبل لمواجهته. ولا حتى يمكنها -لا سيما في ظل الافتقار إلى التنظيم من جانب المجتمع الدولي والقيادة في مواجهة الأزمة العالمية- أن تعتمد على الدول الأغنى في المساعدة.
وقالت الصحيفة – في مقال افتتاحي أوردته في موقعها الالكتروني اليوم الثلاثاء – إنه باستثناء إيران فإن الدول الأكثر تضررا الآن هي الدول التي تمتلك أكثر اقتصادات العالم تقدما وأكثر المنشآت العلمية والخدمات الطبية تقدما – حتى أن إيران نفسها تمتلك نظاما طبيا فعالا نسبيا. والواقع الذي ينتظرنا الآن هو انتشار فيروس كورونا في الدول التي تموج بالصراعات، في مخيمات اللاجئين المكتظة ومراكز الاعتقال مثل سوريا وبنجلاديش أو في مدن تكتظ بالسكان مثل ريو دي جانيرو ومومباي ومونروفيا، حيث يستحيل تنفيذ التباعد الاجتماعي ولا يمكن الوثوق بالحكومات أو في دول لا تمتلك قدرات مالية أو خدمات صحية ترقى لاستجابة تمكن من الحياة.. فسيكون ذلك كارثيا ليس بالنسبة لهذه الدول فقط ولكن لباقي العالم إذ تتعطل امدادات المواد الخام وتنهار الاقتصاديات الهشة.
وأضافت الصحيفة أنه حتى الآن أبلغت أكثر المناطق ضعفا عن حالات قليلة نسبيا – واحدة في اليمن وهو الاقل في جميع أنحاء أفريقيا والشرق الأوسط. لكن ذلك قد يرجع ذلك جزئياً بسبب تقارير غير موثوقة أو إنكار متعمد. إن الأرقام تتزايد، وكما تعلم العالم، فمن المرجح أن تتضخم بشكل جذري وسريع.
وأفادت إحصائية لمجموعة الأزمات الدولية بأنه من الصعوبة بمكان التكهن بالتأثير الكامل للأزمة، ولكن “في حال انتشار المرض في المراكز الحضرية المكتظة في الدول الهشة، فربما يكون من المستحيل السيطرة عليها. إن التباطؤ الاقتصادي الكبير الجاري بالفعل سيعطل التدفقات التجارية ويخلق حالة من البطالة من شأنها أن تسبب أضرارًا بمستويات يصعب التكهن بها ومحبطة للتفكير فيها”.
ونسبت الصحيفة إلى ديفيد ميليباد رئيس لجنة الانقاذ الدولية قوله “إن الدرس المستفاد من هذه الأزمة هو أن أضعف الحلقات في منظومة الصحة العالمية تهدد الصحة في كل مكان “لايمكننا تحمل هذه الحلقات الضعيفة ويتعين علينا تعزيز الجهود في الأماكن التي مزقتها الحروب والتجمعات من أجل زيادة فرصهم في الحياة”.
وأشارت واشنطن بوست إلى أنه في الولايات المتحدة وأوروبا، تمكنت الحكومات والشركات من دفع أجور العديد من العمال أثناء اجازاتهم أو على الأقل بجزء من رواتبهم وآخرون مؤهلون للحصول على إعانات البطالة. لكن المليارات من الناس في أفريقيا وأمريكا اللاتينية وجنوب آسيا ليس لديهم شبكة أمان ولا مدخرات. وحذرت الأمم المتحدة من أن فقد الدخل في الدول النامية قد يتجاوز 220 مليار دولار.
ورأت الصحيفة أن تأثير كورونا لن يكون موحدا في كل الدول. فقد سارع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لتقديم مليارات الدولارات في هيئة قروض الطوارئ للبلدان الأكثر فقرا، على الرغم من تحذيرهم من أن ذلك لن يكون كافياً. وسارعت الدول ذات الحكومات المستقرة نسبيًا، مثل بيرو ، في اتخاذ إجراءات مضادة، في حين أن الدول المضطربة مثل هايتي وفنزويلا لديها القليل من وسائل الدفاع المتاحة.
ومضت الصحيفة الأمريكية في تقريرها تقول إنه من المفهوم أن الحكومات الغنية ركزت أولا وقبل كل شيء على الأزمة داخل حدودها. فلم يحدث أن كان شيء مثل الفيروس التاجي قد اجتاح الكثير من مناطق العالم في مثل هذا الوقت القصير، أو بهذه القوة الكارثية. غير أنه من المفزع أن الخطر الذي يواجه العالم بأسره، والذي من المرجح أن يضر بالاقتصاد العالمي بأكمله، أدى إلى تعاون عالمي بقدر قليل للغاية وتمت مواجهته بقليل من القيادة العالمية.
واستبعدت الصحيفة أن يتغير هذا الوضع، خاصة في الوقت الذي يستمر فيه الوباء في تدمير الولايات المتحدة وإيطاليا وإسبانيا والعديد من البلدان الأخرى في نصف الكرة الشمالي، وبشكل خاص في عام الانتخابات الرئاسية الأمريكية، حيث من المرجح أن يصبح أن الصراع ضد كوفيد -19 أكثر تسييسا فقط.
واختتمت بالقول: لكن ضعف واشنطن لا يجب أن يمنع الثقة في خبراء العالم المتقدم – ومراكز البحث ووسائل الإعلام والجامعات والمنظمات غير الحكومية – من التركيز على استراتيجية للجبهة المقبلة والتي ربما تكون الأكثر وحشية في محارب آفة الفيروس التاجي. وقد بدأت العديد من المنظمات في القيام بذلك بالفعل، ادراكا منها بأن هذه قد تكون حرب عصرنا، وأنه إذا كان العالم قد يطالب برد عالمي، فهذا هو الرد.
المصدر/أ ش أ