تتزايد المخاوف في عدد من الدول الأفريقية من استغلال الجماعات الإرهابية لأزمة جائحة كورونا، لزيادة عملياتها الدعائية والمسلحة والسعي لتجنيد مزيد من الأتباع لصفوفها بزعم تقديم الخدمات الصحية والمعيشية للشعوب الفقيرة في القارة، حيث من المتوقع وفقا لتجارب سابقة أن تستغل تلك الجماعات الجائحة وما يصاحبها من ارتباك، لزيادة موادها الدعائية وعملياتها القتالية بهدف تحقيق أهدافها الأيدولوجية.
وذكرت دراسة نشرها “مجلس العلاقات الخارجية” وهو مركز أمريكي للفكر، أنه من المرجح أن تقوم الجماعات الإرهابية باستغلال انشغال الدول الأفريقية بمواجهة انتشار فيروس كورونا وتكريس مورادها وجهودها لحماية مواطنيها من الجائحة، لتوسع من أنشتطها في بعض الدول التي تمكنت من إقامة قواعد لها فيها، خاصة منطقة غرب أفريقيا.. داعية الحكومات والعاملين في مجال التنمية ومنظمات المعونة الدولية لإدراك هذا التهديد.
ومع تركيز الحكومات الأفريقية على جهود مواجهة جائحة كورونا، من المنتظر أن تصبح أكثر عرضة لمزيد من العمليات الإرهابية، ومما يزيد من تفاقم الوضع أن الجائحة ستؤجل نشر 250 جنديا بريطانيا إضافيا كان من المقرر انضمامهم إلى جهود مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل الأفريقي.
ويتردد أن القوات البريطانية والأمريكية الممكلفة بهذه المهمة تدرس الانسحاب بسبب المخاوف من العدوى بالفيروس، كما أن أولويات الدول الغربية في هذه الفترة تتركز على مواجهة الجائحة، مما يؤثر على جهود الحرب ضد الإرهاب في أفريقيا ويسمح للجماعات المتطرفة بمساحات أوسع لشن عملياتها.
ومن جهة أخرى، ستتيح الجائحة للجماعات الإرهابية الفرصة لاجتذاب ولاء شرائح من المواطنين الأفارقة، حيث ستسعى لتقديم الخدمات الصحية والأغذية لهم بهدف استمالة أعداد منهم وضمهم إلى صفوفها، خاصة في الدول التي ليست لديها موارد كافية لتقديم هذه الخدمات، وبذلك تحصل الجماعات على مزيد من التأييد الشعبي لأفكارها، وتقديم أنفسها على أنها بديل للحكومات.
وفى ذات السياق، حذر تقرير نشرته مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية من عمليات تقوم بها الجماعات الإرهابية في غرب أفريقيا، خاصة في كل من توجو وبنين وغانا وكوت ديفوار، وخاصة مع سعي الولايات المتحدة لتقليص تواجد قواتها في الخارج، مما يلقي بأعباء كبيرة على فرنسا ودول غرب أفريقيا ومجموعة الدول الخمس في الساحل لمكافحة انتشار الإرهابيين في المنطقة.
ودعا التقرير إلى حشد التعاون بين حكومات المحلية والدولية لمكافحة الإرهاب الذي من شأنه إلحاق مزيد من الكوارث الإنسانية للدول الأفريقية، ويفاقم من الصراعات العرقية فيها مع توسيع التعاون مع جميع الأطراف المعنية لزيادة معدلات تنفيذ المشروعات التنموية لتحسين مستويات المعيشة للمواطنين، وتكثيف التعاون في مجال تبادل المعلومات والاستشارات الاستخبارية للحيلولة دون انتشار الجماعات المتطرفة في القارة الأفريقية.
وأشار التقرير إلى العوامل المساعدة لانتشار الجماعات الإرهابية في منطقة غرب أفريقيا، ومن بينها ضعف السيطرة على الحدود وتمرس شبكات التهريب، لافتا إلى أن هذه المنطقة صارت نقطة مرور رئيسية للمخدرات التي يتم تهريبها من أمريكا الجنوبية وآسيا إلى أوروبا، إلى جانب تهريب البشر والسلع والأسلحة عبر حدود دول المنطقة.
ودعا التقرير إلى مزيد من التعاون بين هذه الدول لسد الثغرات التي تتسلل من خلالها المجموعات الإرهابية، واستخدام التقنيات الحديثة لمراقبة الحدود، والعمل المشترك لرفع مستويات الخدمات الصحية والتعليمية والحد من الفقر وإنهاء التوترات العرقية والنزاعات بين فئات المزارعين والرعاة على الأراضي، وتنمية المناطق الريفية وزيادة فرص العمل حتى يتحقق الاستقرار والحيلولة دون وجود أرضية خصبة تعمل فيها الجماعات الإرهابية.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط ( أ ش أ )