سيظل “يوم الأرض الفلسطيني” مشهداً تاريخياً لصمود ونضال الشعب الفلسطيني لاستعادة حقوقه الوطنية وإقامة دولته وعاصمتها القدس الشرقية، وحدثا محوريا في الصراع على الأرض وفي علاقة المواطنين العرب بالجسم السياسي الصهيوني حيث تعد الأرض مصدرا هاما لانتماء الفلسطينيين العرب إليها.
ويوم الأرض الفلسطيني هو يوم يحييه الفلسطينيون في 30 مارس منذ 44 عاما، وتعود أحداثه لعام 1976 بعد أن قامت السلطات الصهيونية بمصادرة آلاف الدونمات من الأراضي ذات الملكية الخاصة أو المشاع في نطاق حدود مناطق ذات أغلبية سكانية فلسطينية.
وعلى إثرها عم إضراب عام ومسيرات من الجليل إلى النقب وكانت هذه هى المرة الأولى التي ينظم فيها العرب في فلسطين منذ عام 1948 احتجاجات ردا على السياسات الصهيونية بصفة جماعية وطنية فلسطينية، حيث كانت الاحتجاج ضد سياسات وممارسات الدولة من بين العرب الفلسطينيين في إسرائيل نادرة قبل منتصف عام 1970، لمجموعة من العوامل بما في ذلك الحكم العسكري على مناطقهم، الفقر، العزلة، والتجزؤ، في حين كانت الحركة السياسية للأرض نشطة لحوالي عقد من الزمن، وأسفرت فى هذه الحادثة عن اندلاع مواجهات أسفرت عن سقوط 6 فلسطينيين وأصيب واعتقل المئات.
واكب صدور قرار الحكومة بمصادرة الأراضي إعلان حظر التجول على قرى سخنين، عرابة، دير حنا، طرعان، طمرة، وكابول، من الساعة الخامسة مساء يوم 29 مارس عام 1976، وهنا جاء دعوة القادة العرب من الحزب الشيوعي الإسرائيلي، ليوم من الإضرابات العامة والاحتجاجات ضد مصادرة الأراضي، محددين يوم 30 مارس موعدا له ٠
وعلى وقع الاستعداد لهذا الإضراب العام، وتحديدا في 18 مارس اجتمع رؤساء المجالس المحلية العربية، وأعضاء من حزب العمل في شفا عمرو، وصوتوا ضد دعم خروج المظاهرات، ورغم ذلك خرجت مظاهرة خارج مبنى البلدية، وتم تفريقها بالغاز المسيل للدموع، وأعلنت الحكومة أن جميع المظاهرات غير قانونية، وهددت بإطلاق النار على “المحرضين”، من معلمي المدارس الذين شجعوا الطلاب على المشاركة.
تهديدات كانت غير فعالة حيث خرج الطلاب من الفصول الدراسية وانضموا إلى الإضراب، وشاركوا في المسيرات العامة التي توسعت جميع أنحاء البلدات العربية في إسرائيل، من الجليل في الشمال إلى النقب في الجنوب، فيما شهدت الضفة الغربية وقطاع غزة إضرابات تضامنية في وقت واحد، وكذلك معظم مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.
الحفاظ على الأرض يحمل جذور فى نفوس الفلسطينيين على مدى الأجيال المتعاقبة، فقبل قيام دولة إسرائيل كان عرب فلسطين شعب يجيد إلى حد كبير، الزراعة ويحصل أغلبهم على عيشهم من الأرض، وبعد نزوح الفلسطينيين بسبب حرب النكبة عام 1948، بقيت الأرض تلعب دورا هاما في حياة ١٥٦ ألف من العرب الفلسطينيين الذين بقوا داخل ما أصبح دولة إسرائيل.
وكان قانون الأراضي البور الذي استنته الحكومة الإسرائيلية حينئذ السلاح المسلط على الرقاب، إذ أنه منحها الحق في مصادرة كل أرض لم يفلحها أصحابها لأكثر من عام وتوزيعها على جهات أخرى تتعهد برعايتها، وفي الوقت ذاته منعت الفلسطينيين العرب من دخول أراضيهم الزراعية لمدة تزيد عن عام وصادرتها بموجب الحكم العسكري.
وتبنت الحكومة الإسرائيلية في عام 1950 “قانون العودة” لتسهيل الهجرة اليهودية إلى إسرائيل واستيعاب اللاجئين اليهود، وفي المقابل سنت قانون “أملاك الغائبين ” الذي أعطى العرب الباقين في فلسطين صفة الحاضر ومنحهم جنسيات إسرائيلية لكنه منعهم من دخول أراضيهم فتحولت الأراضي لبور.