تعزز الزيارة الرسمية المرتقبة التي سيبدأها الرئيس ألكسندر لوكاشينكو رئيس بيلاروسيا لمصر في وقت لاحق اليوم الأربعاء علاقات الشراكة المتميزة والصداقة الوثيقة التي أرست دعائمها الزيارة التاريخية غير المسبوقة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي لمينسك في شهر يونيو الماضي، والزيارة الناجحة التي قام بها الرئيس لوكاشينكو للقاهرة في شهر يناير عام ٢٠١٧.
وعكست الزيارتان اهتمام ورغبة كل من مصر وبيلاروسيا في تطوير وتوطيد أواصر الصداقة بينهما، وحرص الجانبان على مواصلة الارتقاء بتلك العلاقات وتعزيز التنسيق والتعاون على كافة المستويات، مما أسفر عن توقيع خارطة طريق لتطوير علاقات التعاون التجارية والاقتصادية والإنسانية بين البلدين.
وخلال زيارته الرسمية التي ستبدأ اليوم وتستمر على مدى يومين، سيعقد الرئيسان السيسي ولوكاشينكو لقاء قمة هو الرابع من نوعه في سلسلة لقاءات القمة بينهما، وقد أعلنت رئاسة بيلاروسيا، أن مباحثات القمة المقررة ستتضمن مناقشة أفق تطوير العلاقات الثائية بين البلدين، وتنفيذ الاتفاقيات التي تم التوصل إليها خلال زيارة الرئيس السيسي لبيلاروسيا في صيف العام الماضي، فضلا عن بحث قضايا التفاعل في المنصات الدولية وضمان الأمن في المنطقة وفي العالم.
وبحسب ما أعلنته الرئاسة البيلاروسية، فإنه من المنتظر أن يتم توقيع حزمة اتفاقات ثنائية، وغيرها من الوثائق ذات الاهتمام المشترك، عقب جلسة المحادثات الثنائية بين الرئيسين، مما يدعم ويطور ما شهدته العلاقات الثنائية من إنجازات ونتائج هامة خلال السنوات الماضية بفضل جهود الجانبين على كافة المستويات وقيام الوزارات المصرية والبيلاروسية ببذل كافة الجهود لتنفيذ الاتفاقيات المبرمة ومذكرات التفاهم.
مرحلة شراكة وصداقة وأخوة جديدة أكثر رحابة في تاريخ العلاقات الثنائية بين القاهرة ومينسك، يصقلها التقدير المتبادل بين البلدين رئيسا وحكومة وشعبا، ورغبة كل منهما في إرساء بناء جيد لعلاقات وطيدة مع دول من مناطق مختلفة من العالم، خاصة مع ما تنعمان به من مجالات واعدة للاستثمار والمستثمرين، ووجود تشريعات تحمي الاستثمارات الأجنبية، وتوفر لها المناخ الذي يساهم في زيادتها، مما يجلب النفع للبلدين، ويوفر لهما الدعم المشترك.
علاقات دبلوماسية أكثر تفاعلا بين القاهرة ومينسك تولدت بعدما شهدت العلاقات الحالية تحولا كبيرا، أكثر حداثة وتقدما خلال الفترة الماضية، خاصة بعد انعقاد الدورة الأخيرة للجنة المشتركة بالقاهرة، والتي عكست الرغبة المشتركة في تعزيز التعاون بين البلدين في كافة المجالات، مع التركيز على التعاون الاقتصادي بوصفه القوة الدافعة لتطوير العلاقات الثنائية بشكل عام، بالإضافة إلى توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم المشتركة بين الجهات الحكومية المعنية في البلدين، وشملت مذكرات التفاهم الموقعة سياسات الشباب، ومذكرة تفاهم في مجال التقييس ودعم المعلومات، ومكافحة الاحتكار وخارطة طريق للتعاون ٢٠٢٠/٢٠١٩، وانشاء مجلس الأعمال المصري البيلاروسي المشترك، والذي يعد ركيزة أساسية لتعزيز الاستثمار المتبادل في العديد من القطاعات وتعظيم حجم التبادل التجاري وإحداث نقلة نوعية في العلاقات الاقتصادية.
اهتمام مصر بتطوير تلك العلاقات والارتقاء بها في كافة المجالات واستمرار التنسيق والتشاور السياسي جاء بهدف استكشاف مزيد من المجالات المشتركة للتعاون بين الجانبين في الصناعات الثقيلة التي تتمتع فيها بيلاروسيا بمزايا كبيرة والصناعات الدوائية والزراعة والإنتاج الغذائي والحيواني والسياحة والثقافة، إلى جانب تبادل الخبرات في المجال الأكاديمي والبحثي في القطاعات المشتركة، وتنفيذ مشروعات عالية الأهمية في مصر، وإنشاء مؤسسات مشتركة على مستوى عالي من توطين الخبرات.
ما تضمنه الإعلان المشترك الموقع في مينسك بين الرئيسين السيسي ولوكاشينكو، ألقى الضوء على الفرص المتاحة لتحقيق الاستفادة المتبادلة من الإمكانات المتوفرة لدى البلدين، وفي مقدمتها مجال التعاون الصناعي وتطويره ليشمل مجالات تنموية جديدة مثل التصنيع الزراعي وتحديث تقنيات الزراعة والري، وتدوير المخلفات الصلبة، ومعالجة مياه الصرف الصحي وتوفير مياه الشرب”.
وكان الرئيس السيسي قد أكد أن حكومتي البلدين تسعيان إلى بذل كافة الجهود لتوفير بيئة اقتصادية واستثمارية مواتية، تشجع رجال الأعمال من الجانبين على استغلال الفرص الاستثمارية بهدف تعزيز النمو، وتعملان معا على التوصل إلى اتفاقية تجارة حرة بين مصر والاتحاد الاقتصادي الأوراسي، لتسهيل وزيادة حركة التبادل التجاري بين البلدين.
فيما أعلن الرئيس لوكاشينكو، إنشاء مصنع جرارات بالإسكندرية، يوفر أكثر من 20 ألف فرصة عمل، وكل الخدمات اللوجستية والعمل على إعادة التصدير إلى كل أفريقيا والدول الأخرى، حيث تشتهر بيلاروسيا في مجال صناعة الجرارات، صاحبة الشهرة في الريف المصري، وتنتج حوالى 30 % من إنتاج العالم من المعدات الثقيلة والشاحنات، التي تعد الأكثر تطورا في العالم.
بيلاروسيا دولة داخلية في أوروبا الشرقية، تحدها روسيا وأوكرانيا وبولندا وليتوانيا ولاتفيا، وتعد الزراعة والصناعة أقوى قطاعاتها الاقتصادية، وهي عضو مؤسس في رابطة الدول المستقلة، وترتبط مع العديد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بإتفاقيات تجارية، وتعتمد البلاد على الواردات من النفط والمنتجات الزراعية الهامة البطاطس ومنتجات المواشي بما في ذلك اللحوم، وأهم صادراتها الآلات الثقيلة (خاصة الجرارات) والمنتجات الزراعية ومنتجات الطاقة.
وتنظر بيلاروسيا إلى مصر على أنها ركيزة الأمن والاستقرار في المنطقة، وأنها الشريك الأهم لها في أفريقيا والشرق الأوسط، وأن لها دورا محورىا، وتقدر قدمها وعراقة حضارتها، وامتلاكها ثقافة عريقة، وعلى هذا الأساس فإن التعاون في المجال الثقافي بين بيلاروسيا ومصر هو أحد أهم مجالات التعاون بين البلدين، ويعد مجالا واعدا وواسعا إلى جانب تبادل الزيارات بين المفكرين والموسيقيين بين البلدين الذي من شأنه إثراء الثقافتين العربية المصرية والبلاروسية.
المصدر : أ ش أ